المنبرالحر

نتائج ما بعد الأستفتاء هل درستها القيادة الكردية بشكل صحيح؟ / مازن الحسوني

لا يكفي أن تكون صاحب حق حتى تعتقد بأن الآخرين سيضعون حقك أمامك على طبق من ذهب هكذا بكل بساطة.
ذهبت القيادة الكردية بأجراء الاستفتاء بعيدًا رغم كل المناشدات من أصدقاء الشعب الكردي سواء كانوا عراقيين أو دوليين، خاصة وهي تعلم بأن ذلك الاستفتاء مخالف للدستور العراقي ويخل بالمواثيق الدولية.
لهذا رفضته كل الاطراف العراقية والدولية عدا إسرائيل التي أعتقد أنها بتأييدها هذا لم تساعد القضية الكردية.
الآن وقد أصبح الاستفتاء حقيقة واقعة.
- نتائج الاستفتاء هل هي محسوبة بشكل جيد ودقيق للوصول إلى الغاية المرجوة منه، أي (الدولة الكردية)؟
ولكن قبل ذلك لنرى كيف تهيأت الحكومة الكردية لهذا الاستفتاء.
*على صعيد البيت الكردستاني لم تكن الأحزاب الثلاثة الكبار (حدك، أوك والتغيير) تحمل نفس الروئ للموضوع فإذا كان حدك هو حامل راية الاستفتاء، كانت حركة التغيير حاملة راية عدم الاجراء وبينهما بقي أوك متأرجحًا، ولكل من هذه الأحزاب حساباته الخاصة. لهذا جاء الطلب من حدك ولم يأتِ طلب الاستفتاء من البرلمان الكردستاني الذي كان معطلاً لفترة تقارب العامين وأجبر على الانعقاد لتبني هذا الاستفتاء قبل أيام من 25 أيلول وبتغيب أكثر من طرف سياسي فاعل بكردستان.
*الحكومة الكردستانية ولما يزيد عن ستة وعشرون عامًا تتحكم بكل مقدرات كردستان ودخلت لموازنتها مليارات الدولارات لم تستثمرها في تأسيس بنىً تحتية مؤهلة لقيام دولة. وأعني هنا معامل ومزارع ومقومات أخرى للدولة، مع العلم بأن كردستان تحوي الكثير من المؤهلات لهكذا مشاريع تكون جاهزة للعمل عند تكوين الدولة الكردية، بل ما جرى هو بناء مشاريع استهلاكية (مطاعم، فنادق، مجمعات تسويقية...الخ) والتي رغم كونها ضرورية جدًا لكنها لا تعطي فرصة حياة لدولة.
*اعتمدت الحكومة الكردية على عامل الشحن القومي للشعب الكردي دون الدراسة المنطقية لكل النتائج المتوقعة والغير متوقعة من هذا العمل إضافة إلى الأسباب الخاصة لحدك وزعيمه حامل راية الاستفتاء والاشكالات الحاصلة بينه والأطراف السياسية الكردية الأخرى.
*لم يلقَ الاستفتاء قبولاً من أي طرف عراقي أو دولي لأنه يخالف الدستور العراقي وقرار المحكمة الاتحادية وبالتالي خسر الشعب الكردي أهم داعم له لنيل حقه المشروع، بل القوى المتعصبة قوميًا والمعادية لطموحات الشعب الكردي (عربية، تركية...الخ) وجدتها فرصة سانحة للهجوم على هذه الطموحات.
- موارد الدخل للخزينة الكردية تأتي من ثلاثة موارد رئيسية:
1- حصة الإقليم من الموازنة المركزية للدولة العراقية 17%.
2- مداخيل عوائد النفط سواء من كردستان أو نفط كركوك.
3- مداخيل من الضرائب عبر بوابات كردستان إلى العراق.
*هنالك مداخيل قليلة موسمية مثل السياحة الداخلية وبعض المنتجات الزراعية البسيطة ولكنها غير حاسمة مثل المصادر الثلاث أعلاه.
- ما الحاصل الآن بعد الاستفتاء؟!
*على الصعيد السياسي تراجع مستوى الدعم والتعاطف مع قضية الشعب الكردي سواء من الأطراف العراقية أو الدولية، بل تتعالى أصوات المعادين لحقوق الشعب الكردي من قبل المتعصبين قوميًا سواء كانوا عربًا او أتراكًا أو فرسًا أو غيرهم ويذهبون بعيدًا لأجل معاقبة القيادة الكردية والشعب الكردستاني وبأشكال مختلفة.
*على الصعيد الاقتصادي بدأت محنة الشعب الكردستاني بسلسلة أجرءات قامت وستقوم بها الحكومة العراقية ودول الجوار وخاصة تركيا وإيران (غلق المطارات الكردستانية أمام الملاحة الدولية) وستلحقها قطع لشرايين الاقتصاد الكردستاني والمتمثلة بـ:
- الحكومة العراقية ترفض منح نسبة 17%.
- تركيا تلوح بغلق المنفذ الوحيد لتصدير النفط من كردستان.
- الحكومة العراقية بدأت الاستعدادات لأجل السيطرة على المنافذ الحدودية والمطارات.
*من هنا يتبين أن تقطيع شرايين الاقتصاد الكردستاني تعني حدوث أزمات كبيرة والإقليم بالأساس يعاني ما يكفي منها حيث رواتب الموظفين لا تدفع بشكل منتظم أضافة إلى ضعف تقديم الخدمات نتيجة قلة الموارد والفساد الاداري الكبير والذي لا يقل عن مدن العراق الأخرى.
*هنا يبرز السؤال المهم كيف ستتجاوز الحكومة الكردية هذه الأزمات؟
* تلويح الحكومة الكردية بعدم قبول طلبات الحكومة المركزية بتسليم منافذ الحدود والمطارات وتنفيذ سحب يد محافظ كركوك لن يخدمها بشيء، بل سيزيد من تعقيد وضعها وستعطي مبررات أكبر للمتعصبين للمضي أكثر بأرائهم المتشددة والداعية حتى لاستخدام القوة أزاء حكومة الإقليم.
*لأجل كل ما تقدم على الحكومة الكردية دراسة خطواتها القادمة بكل عناية وهدوء وعدم التعصب لأن مصير الشعب الكردي بيدها الآن أكثر من أي وقت خاصة وأن هنالك دعوات من العقلاء عراقيين كانوا أو دوليين لأجل حل هذه الأزمة عبر الحوار السياسي والابتعاد عن السلاح ولغة التشنج والإستقواء بأعداء الشعب الكردي والعراقي عمومًا وعدم اعتبار الاستفتاء ورقة ضغط على الحكومة المركزية والتي بدورها لابد من أن تعي أن مصلحة العراق وكردستان الآن ومستقبلاً هي واحدة وأكثر من أية منفعة مؤقتة مع أي طرف خارجي (التدخل التركي والايراني).
*يبقى السؤال الأهم هل تعي القيادة الكردية حجم المهام الملقاة على عاتقها الآن وتحكم العقل في كل خطوة تخطوها لتجنب الشعب الكردي والعراقي أزمات وكوارث جديدة الكل في غنى عنها؟ أم تبقى أسيرة تعصبها القومي ومصالحها الخاصة وتدفع الشعب الكردي والعراقي إلى محرقة جديدة؟
- الأيام القادمة كفيلة بتبيان هذه الخطوات والتي أتمنى بأن تكون نتائجها بردًا وسلامًا على شعبنا الكردي والعراقي عمومًا.
- يكفي ما لحق بالجميع عربًا وكردًا وتركمانًا وأيزيديين وسريان وكلدان ووووووو من كوارث ولا تزيدوها كارثة جديدة !!!!!