المنبرالحر

الحسين.. ثورة أممية و صرخة مدوية بوجه الدكتاتورية والطغيان والفساد والإرهاب / غانم عبد الواحد جاسور

كان رجلا شجاعا رفض الرضوخ للطغيان والجبروت الاستبدادي وتجاهل القمع والتهميش كان يحمل شعارا ورسالة انسانية.. ظل صداها يتردد.. عبر رياح السنين وعلى امتداد (1400) عام تستذكر الشعوب الاسلامية خاصة وامم العالم عامة واقعة طف كربلاء المقدسة ومأساتها التي سطرها الامام (الحسين (ع) واصحابه الميامين ملحمة بطولية قل نظيرها واصبحت سراجا وهاجاً ينير درب الثائرين في بقاع العالم اجمع ومن كافة الاديان والمذاهب في مشارق الارض ومغاربها. وكل من يريد ان يحطم الاغلال والقيود وينشد الحرية والعدالة الاجتماعية وينبذ العبودية والخنوع، وتحقيق القيم الانسانية، والعيش الرغيد للانسان بعزة وكرامة.
عندما رفع الامام الحسين (ع) لواء الثورة وشهر سيفه بوجه الحاكم الظالم الجائر المستبد، انما كان هدفه انسانياً عميقاً يتمثل في اصلاح ما يمكن اصلاحه في احوال امته والناس جميعا، التي اخذت بالانحدار والتدني، والفساد المستشري في جسد الدولة وحكومتها الباغية، ولتحقيق العدالة وترسيخ القيم الاخلاقية، واحترام الانسان لأخيه الانسان، والحسين (ع) في ثورته ضد الاضطهاد والدكتاتورية العفنة، انما جسد تلك الحقيقة الناصعة الساطعة للثوار العظام وقادة الثورات على مر التاريخ. وها هو سفر التراث الانساني المديد والحافل بالبطولات، يفخر بماثرة الحسين (ع) المجاهد بالقول والفعل لإسقاط جبروت الباطل، واحقاق الحق، والحسين(ع) الذي ارخص دمه المسفوح واصحابه الشهداء ظلما، هو نار تطوق الطغاة وتؤرق المستبدين في كل عصر والى الازل. والحسين (ع) باستشهاده واصحابه، اطلق دعوة متجددة تستنهض المظلومين والمعدمين وطلاب الحق والعدالة الانسانية، على مقارعة الجبارين والتمسك بقيم العدالة والكرامة الانسانية.
لم تكن واقعة كربلاء وقائدها الصلب الثابت على المبادئ الانسانية شأنا كربلائيا محدودا ولا عربيا اسلاميا مجردا بل امميا عالميا انها نموذج فذ من التضحية والايثار، انها امثولة انسانية ذات ابعاد عالمية وعبر الاجيال اللاحقة. ومن هنا وجد المناضلون من اجل الحرية الحقيقية في اخلاقيات الحسين وفي ارخاص الغالي والنفيس، ورفضه رفضا قاطعا للمغانم والمغريات والترهيب، وتفضيله الموت والشهادة على الذل والهوان، وجدوا في ذلك وغيره من خصال ثورية تربوية انسانية اصيلة، نموذجا يحتذى، وحافزا قويا على طريق تحرير شعوبهم من العبودية والاحتلال، ومنهجا للدفاع عن حقوق المظلومين والفقراء المحرومين ونصرتهم وبسط الحق والعدل في كل حين. ولم تكن هذه الاخلاق والصفات الرفيعة، الا ثمرة من ثمار مدرسة ونهج ثابتين في الانسان واحترامه، ومعارضة الظلم واغتصاب الحقوق، ورفض الانانية والجشع والفساد الاخلاقي والسياسي، وشجب التلاعب بالقيم الدينية السامية والانسانية، وتوظيفها لخدمة الحاكم المستبد الظالم المتهور.
لقد كانت جريمة عظمى اقترفها الجلادون بحق الحسين واهله واصحابه الاوفياء، جريمة ظل جبين البشرية يندى لها على مر السنين .وفي المقابل بقيت هذه المأثرة مشعلا ينير درب الثائرين في مقارعة الجلادين ومعيناً ثراً لكل المناضلين الساعين الى اصلاح المجتمع وخير الانسانية, يستلهمون امثولة في الجرأة والصلابة والشجاعة والصمود والتحدي في وجه الظلم والطغيان والاستبداد واعداء الانسانية وهناك مجموعة كبيرة لا تعد ولا تحصى من القادة العظام والمفكرين والفلاسفة والباحثين اخذوا من منهج ثورة الحسين (ع) قبسا ومنهجا لخلاص شعوبهم من الاستبداد والظلم والعيش بكرامة، وهؤلاء لم يكونوا مسلمين بل كانوا من ديانات متعددة مختلفة بل قسم منهم يعبدون ما يشاؤون، الذين اتخذوا من نبراس ثورة الحسين طريقا لتحرير شعوبهم من الذل والانعتاق.