المنبرالحر

مخاطر فقدان ما تحقق من مكاسب للكورد والعرب بعد 2003 / د. علي الخالدي

منذ سقوط النظام كانت السياسة التي أتبعتها اﻷحزاب التي تبنت نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية المقيت عبارة عن تكتيك يرغماتي إتسم بتحقيق مصالح اﻷحزاب اﻹسلامية والقومية ، وخاصة بعد تقاسم المراكز اﻹدارية واﻷمنية وكل الهيئات التي قيل عنها مستقلة ناهيك عن مواقع القرار فيما بينها، في أجواء صمت كل اﻷطراف المتبنية للنهج المحاصصاتي المقيت ، من جهة ما تعلق بمحاربة الفساد ونهب ثروات البلاد ، وسد الآذان عن سماع مناشدة الجماهير وقواها الوطنية بضرورة تنفيذ ما أتفق عليه فيما بينها ( اﻷحزاب المتحاصصة) من تعديل الدستور وغلق الثغرات التي قد تُستغل للإضرار بمصالح الشعب والوطن وبصورة خاصة المادة 140 .
من هنا فإن كل رؤساء اﻷحزاب والكتل السياسية الموجهة لحراك ممثليهم في البرلمان يتحملون مسؤولية جماعية عن كل ما نحن فيه من أزمات وإنتكاسات تهدد جغرافية الوطن ووحدته ، التي عمدتها دماء ابناء مكونات شعبنا في سهول الوسط والجنوب وفي وديان وجبال كردستان ، ليأتي عليها اﻹصرار بإجراء اﻹستفتاء في ظروف غيرمواتية ، وبشكل غير واضح المعالم أريد به طوي صفحة ما تحقق للشعب والوطن بعد إسقاط الدكتاتورية عام2003 وشجع القوى المتشددة على دق طبول الحرب، التي ستجلب نتائج كارثية على مكونات الشعب العراقي، وخاصة المكونات العرقية من الكلدان والسريان والآشوريين واﻷيزيديين ، حيث سيُدفع بمن تبقى منهم إلى الهجرة ، بسبب فقدان وسائل التعايش السلمي التي توارثتها اﻷجيال عبر قرون ، نتيجة التصلب آزاء المناطق المتنازع عليها، وعلى اﻹستفتاء بالذات ، وإتخاذ قرارات خاطئة حولهما ، مما أدى ﻹستخدام القوة تحقيقا لمصالح حزبية وشخصية ﻷحد أطراف متبني النهج الطائفي، مما سيراكم أحزان وآلام كافة مكونات شعبنا، ويسرق فرحتها بما حققته قواتنا المسلحة بجميع أصنافها من أنتصارات باهرة على داعش وهي تحرر المدينة تلو اﻷخرى بعد أن إستباحتها داعش ، وشردت ساكينيها
قد يكون وراء اﻹستفتاء عدم اﻹستجابة لتحقيق اﻹصلاح والتغيير الحقيقي الذي طالبت به الجماهير في تظاهراتها ايام الجمع ، وعدم اﻹنصياع إلى اﻹرادة الدولية واﻷقليمية ، إلا أن ذلك ﻻ يبررقناعة من قام به بإعتماد الرهان على تأييد اﻷغلبية الساحقة من قوى الخير والسلم في العراق والعالم على حق الشعوب بتقرير مصيرها ﻹعتبارات ضمنها فكرهم وإنسانيتهم . ومن دون أخذ ما شُخص من أن الظروف الداخلية والخارجية ومزاج الدول المجاورة لكردستان، قد تعقد نتائج إجراءه في مثل هذه الظروف التي يمر بها العراق، وقد يأتي على ثوابت ما تحقق من إنجازات لصالح من يريد إجراءه ، على الرغم من فن المناورة الذي إمتازت به أطراف متبني النهج الطائفي خلال 14 عاما . حيث سارالقائمون على اﻹستفتاء مع بقية اطراف نهج المحاصصة نحو تطبيق توجهات ﻻ تصدر من العقل والضمير، مشددين على طغيان هذا النوع من السياسة التي دمرت الروابط الوطنية وقيمها ومبادئها الروحية التي إستخدمت إستخداما سوقيا لغاياتها الحزبية وﻹستمرارية نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية المقيت الذي أدى إلى طغيان الخاص على العام
لقد جاء اﻷستفتاء دون اﻷخذ بنظراﻹعتبارالمصالح العليا للشعب الكوردي ومصالحه القومية، وكنتيجة غياب المؤسسات الدستورية والديمقراطية، وأدت إلى تهميش المساواة بين الكورد والمكونات العرقية في اﻷقليم ، و لكونه (اﻹستفتاء) جري بالضد من موافقة الحكومة اﻹتحادية، حيث لم يسبق مناقشة أساليب إجرائه معها، وماهية ما سينتج عن ذلك من مواقف تصدرعاطفيا قبل تحكيم العقل، مما أدى الى الرفض القاطع له من قبل الحكومة ، وبعض القوى المتشددة من ناحية حق تقرير المصير وصيانة السلم المجتمعي ، معلنة أتخاذ مواقف عدائية ، بما في ذلك إستعمال اﻷساليب الحربية بالضد من اللجوء الى تحكيم العقل، و حل المسائل العالقة التي أشاراليها حاملو الهم العراقي في أكثر من مناسبة بموضوعة ، بالرجوع إلى إعتماد الدستورفي حلها ، ﻷمكن تفادي النتائج الكارثية ، وإستبقنا إيقاف ما سيحصل من تدهوربعد إجرائه من إحتراب بين المركز واﻹقليم والذي سيقودنا إلى منزلقات وعثرات قد تؤدي مواصلتها إلى إنتهاك حرمة وحدة الشعب وجغرافية الوطن .
إن المواقف الدستورية المعلنة من قبل الحكومة اﻹتحادية ، على الرغم من مجيئها متأخرة ، إلا أنها تصب جميعها في تعضيد سيادة الدولة اﻹتحادية ، وتمتين أرضية الوحدة الوطنية وتحافظ على جغرافية العراق ، لكن إجراء اﻹستفتاء بشكل لم يتماه مع ما يمر به العراق ، قد يؤدي إلى تفتيت جغرافيته ، خاصة وإنه جرى التحضير له بصيغة تحد للحكومة وبمعزل عن الحوارالذي يرفض ﻹجرائه أية شروط مسبقة من أي طرف كان ، عدا التخلي عن نهج المحاصصة ، إذ أن أقتصارالحوار تحت يافطته قد يشجع القوى المعادية للتغير واﻹصلاح مالم تشارك بقية اﻷطراف الوطنية الحاملة للهم العراقي ، وقد يؤدي كما في السابق إلى زعزعة اﻹستقرار ويصرف اﻹنتباه عن ما إستباحته داعش، ويعرقل مساعي الحكومة الهادفة ﻹستقرار السلم المجتمعي، الذي يُعد أفضل مقام لمعالجة اﻷمور ذات الخلاف، بحوار قادرعلى خلق أجواء ترسم خارطة طريق لحل كافة الملفات العالقة التي أشير اليها والتي تمهد لتحديد طبيعة أبقاء المحافظة على الوحدة الوطنية وتحرير ما تبقى من اﻷراضي المستباحة من قبل داعش