المنبرالحر

نهج المحاصصة.. وقرارا المحكمة الاتحادية العليا في شأن مفوضيتي حقوق الانسان والانتخابات / زهير ضياء الدين

اصـدرت المحكمة الاتحادية العليا في14/11/2017 قرارا في الدعوى 81 /الاتحادية /2017 التي سبق ان اقامتها عدد من منظمات المجتمع المدني للطعن بدستورية تشكيل المفوضية العليا لحقوق الانسان من خلال مجلس النواب و الذين تم ترشيحهم من قبل لجنة الخبراء المشكلة من اعضاء مجلس النواب و التصويت عليهم من قبل مجلس النواب و كان الطعن قد انصب على آلية الترشيح لتعارضها مع المادة (102) من دستور جمهورية العراق التي تنص على ( تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان , والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات , و هيئة النزاهة هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب وتنضم اعمالها بقانون)، اضافة لتعارضها مع المواد الدستورية (8 , 14, 16, 20, 45/اولا , 46) و حسب النصوص الواردة في نص المواد و بعد اجراء المحكمة المحترمة تحقيقاتها و حسب الادلة التي تم تقديمها و التي تضمنت النصوص الدستورية و نصوص المواثيق الدولية و تصريحات لأحد النواب وهو عضو في لجنة الخبراء مع صور للدعايات الانتخابية لعدد ممن تم انتخابهم لعضوية المفوضية التي تبنت انتماءهم لتلك الكتل و بعد ان ادخلت المحكمة المحترمة اعضاء المفوضية اشخاصا ثالثة في الدعوى للاستيضاح و تكليفهم بإثبات استقلاليتهم على ضوء تفسير الاستقلالية للمدعين في الدعوى وهو ( عدم الارتباط بأي كيان سياسي ) حيث قامت المفوضية بمفاتحة دائرة الاحزاب المسجلة في سجلاتها و في ضوء تلك المعطيات اصدرت المحكمة المحترمة قرارها برد الدعوى لعدم كفاية ما تم ابرازه من ادلة من قبل وكيل المدعين لإثبات دعواهم و سببت المحكمة المحترمة رد الدعوى بأن مفهوم الاستقلال الوارد في المادة (102) من الدستور بان المقصود منه هو أن منتسبي الهيأة ، كلاً حسب اختصاصه، مستقلون في اداء مهامهم المنصوص عليها في قانون الهيأة لا سلطان عليهم في اداء هذه المهام لغير القانون و لا يجوز لأية جهة التدخل او التأثير على اداء الهيأة لمهامها.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد اصدرت قرارأ في الدعوى 88/اتحادية/2017 في 7/11/2017 و التي كانت تتضمن الطعن بدستورية نص المادة (3/ثانيا) من قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (11) لـسنة 2007 (المعدل) و التي نصت على تشكيل لجنة الخبراء من اعضاء من مجلس النواب تتولى ترشيح اعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات و عرضهم للتصويت في مجلس النواب .
وكان قرار المحكمة الاتحادية العليا قد قضى برد الدعوى المذكورة التي طلب المدعون بموجبها ان يتم ترشيح اعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من قبل مجلس الوزراء و ليس من قبل مجلس النواب و كان تسبيب المحكمة بردها للدعوى كونها غير مؤسسة على سبب من الدستور يلزم بالحكم بعدم دستورية النص موضوع الطعن .
و برجوعنا الى واقع الحال فان الجميع على قناعة بان اعضاء مجلس النواب مرتبطين بكتل سياسية و تشكيل لجان خبراء من اعضاء مجلس النواب يتم حتما باعتماد مبدأ المحاصصة في تمثيل هذه الكتل بما يتناسب و حجمها في مجلس النواب و التي ستقوم بدورها بترشيح اعضاء المفوضيات وفقأ لنهج المحاصصة مرة اخرى . ووفقأ لقرار المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى 81/الاتحادية/2017 و التفسير الذي ورد فيه للاستقلالية و تكون قرارات المحكمة الاتحادية العليا وفقا لنص المادة (94) من دستور جمهورية العراق ( قرارات المحكمة الاتحادية العليا بانها ملزمة للسلطات كافة ) فان هذا يعني عدم امكانية الطعن بتشكيل المفوضية العليا لحقوق الانسان و المفوضية العليا المستقلة للانتخابات امام المحكمة الاتحادية و بالتالي استمرار تشكيلها وفقأ للآليات الحالية التي تكرس نظام المحاصصة . و لم تعد هناك امكانية لتجاوز هذه الأشكالية الا من خلال تشريع قوانين جديدة لكل من المفوضية العليا لحقوق الانسان و المفوضية المستقلة العليا للانتخابات او تعديلهما بحيث يتم استبعاد النص بتشكيل لجان الخبراء المكلفة بترشيح اعضاء هذه المفوضيات من اعضاء مجلس النواب و اعتماد طريقة اخرى للترشيح كأن يتم الترشيح من قبل مجلس الوزراء لعناصر مستقلة مما يتطلب حشد الجهود بهذا الاتجاه للخلاص من نظام المحاصصة المقيت في هذا المجال .