المنبرالحر

ماذا بعد توزيع القُبل؟ / د.محمود القبطان

لقد تم اللقاء بين الغرماء في ضيافة السيد الحكيم وفي لقطات عديدة كان (الغرماء) قد جلسوا الى جانب الحكيم وكل منهم قد بان على وجهه الغاضب علامات عدم الرِضا لهذا اللقاء. وكانت الوجوه حزينة الى أن تمت المصافحة وتبادل القٌبل العراقية ,وإن كانت لا تعني شيئا عند اللزوم وانتهاء اللقاء.لقد صفق الحاضرون الذين التفوا حول المالكي والنجيفي وكأن معجزة سماوية قد نزلت على الاجتماع لتصافي قلوب الضدين.والحقيقة جميع المراقبين قد أكدوا على ما بعد اللقاء ماذا سوف يتلوه من خطوات لتأمين الأمن والسلام في العراق ككل وفي بغداد على الخصوص. خطوة الحكيم كانت كبيرة وجريئة حيث يعرف أين تكمن المشكلة في العملية السياسية.لكن ما لم يعرفه السيد الحكيم هو مقدار التزام رئيس البرلمان ورئيس الوزراء بما توصلا إليه من تصفية القلوب(إذا حدث) لان البرلمان أو رئيسه يتربص برئيس الوزراء والأخير يتربص برئيس البرلمان لان الأول يعلق القوانين ولا يشرعها والثاني لا يذهب للاستجواب أو الاستضافة , فهل تحقق المطلوب من هذا اللقاء وسوف تسوى المشاكل بين الطرفين ليتنفس العراق, بغداد خصوصا,الصعداء ليستتب الأمن؟
كان الرئيس العراقي يدعو الى ولائم بين الفرقاء الغرماء بين حين وآخر على مأدبة غداء أو فطور رمضاني وما أن يخرج الساسة المتخاصمون إلا وتبدأ التهم توجه مرة أخرى لهذا الفريق أو ذاك وحتى قبل هضم الوجبة الدسمة التي تناولوها.
الأمر الذي ينبغي التأكيد عليه ويلفت النظر ما بعد الاجتماع هو توقف التفجيرات المتكررة منذ أسابيع في بغداد والتي هزت سكانها ووقع أكثر ألف قتل ومئات الجرحى في شهر مايس فقط.كيف توقفت التفجيرات؟هل هناك جهاز ريموت كونترول مبرمج لهذا الغرض و يدار من قبل كتل حتى تم اللقاء وانتهت التفجيرات؟وأكثر دقة هل الميليشيات التابعة لهذا الفريق أو ذاك توقفت أعمالها بإشارة من الكبار بعد اللقاء ولو لحين؟هل كلام محمود المشهداني قبل عدة أعوام حيث قال كل الأحزاب عندها ميليشيات مسلحة قد أصاب كبد الحقيقة؟أم أن الإرهاب أصابه الخوف من لقاء المالكي بالنجيفي وتبادل التحيات والابتسامات والقبل هو كان وراء توقف التفجيرات في بغداد؟أو إن العراق كان فوق كل أنانية المتخاصمين ولذلك هرب الإرهاب؟
الملفت للنظر إن الاجتماع كان مركزا على مصالحة الشخصين المتنفذين في الدولة وليس على أمر آخر حيث عرف السيد الحكيم أين تكمن المعضلة الآن؟ماذا كان دور باقي الحضور من القوى السياسية؟هل دعيت فعلا كل القوى السياسية الى الاجتماع هذا؟لماذ استثني البعض؟قال احدهم إن كتلة المتحدون هي من استثنت البعض للحضور وألا فهي لن تحضر.وقال آخر كان المطلوب عدم الخوض في التفاصيل وحيث لم تكن الدعوة أكثر من لقاء بروتوكولي لكي يلتقي المالكي مع النجيفي لا غير؟قالها حسن السنيد.
الى متى سوف تستمر الهدنة بين الهدوء الأمني النسبي ومنذ يومين؟وماذا سوف يفعل الرجلان لإدامة هذا الهدوء؟هل هي هدنة مؤقتة أم سلام لا عودة عنه؟هل العراق سوف يحضر بين كل الأطراف وتكون الوطنية هي الحجر الأساس الذي سوف يستمر به هذا الهدوء وليندحر الإرهاب ومن يقف وراءه؟
هذه أسئلة كلها ترد على لسان الناس في كل مكان.
لقد حان الوقت للتوقف قليلا والنظر الى ما خلفته الاختلافات في وجهات النظر في العملية السياسية من دمار على كافة الصعد والضحية هو الشعب وحده من غير المسؤولين حيث هم يقبعون في قصورهم العاجية في المنطقة الخضراء.هل سوف يفكر رجالات المنطقة الخضراء لجعل كل بغداد منطقة خضراء فعلا,لابل كل العراق؟
نريد عراقا بدون دماء, فيه البناء والأعمار ,تنتهي فيه المحاصصة البغيضة والتي هي لب المشاكل فيه. نريد الرجل المناسب في المكان المناسب.نريد عملا للعاطلين ,نريد القضاء على الفساد ومحاسبة الفاسدين واسترجاع الأموال المسروقة, نريد أن تنتهي والى الأبد المظاهر المسلحة والقضاء على الميليشيات ,نريد أن يسود القانون وعلى الجميع,نريد أن يكون القضاء مستقلا,نريد القصاص من المجرمين الإرهابيين وحماية الحدود,نريد الالتفات الى مطالب الجماهير أينما كانوا في غرب العراق أو شرقه ,في شماله أو في جنوبه.نريد أن يكون العراقي مرفوع الرأس في الخارج وأن يمنح سمات الدخول الى كافة أقطار العالم دون النظر الى انه هارب من جحيم اسمه العراق ويطلب اللجوء, نريد الرفاهية للمواطن, وعراق يتمتع بسيادة حقيقية دون تأثيرات خارجية.متى يتحقق ذلك وعلى يد من؟حتما سوف يستغرق وقتا ,لكن المؤكد ان كل ذلك لن يتحقق على أيدي أصحاب المحاصصة الطائفية والقومية وإنما على أيدي أصحاب الكفاءات الحقيقية والذين يضعون الوطن والشعب أمام أعينهم وفي صلب اهتماماتهم,
هم قادمون حتما لانهم بدأوا بالخطوة الأولى.