المنبرالحر

المعوق الفلسطيني بين الضباع والضياع / رضوان عبد الله

يصادف الثالث من كانون الاول من كل عام انه يوم احتفالي لتكريم المعوق العالمي و هذه بادرة حسنة الى حد ما اذا ما اكتملت بعمل ميداني يحقق رغبات و حقوق المعوقين و يخفف معاناتهم النفسية و الجسدية و الفكرية ، الا انه يسود التذمر معظم اهالي المعوقين الفلسطينيين في لبنان نتيجة الاضرار المعنوية التي لحقت بالاهالي من حيث تدمير نفسية ابنائهم وبناتهم من حيث حاجات الاهالي وغياب البرامج الفعالة المتواصلة استراتيجيا ، رغم وجود برامج صغيرة هنا و هناك لا تنفع بالكثير منها الا فقط للقيمين عليها من خلال رحلاتهم المكوكية ، مثلا ، الى عالم متطور حضاريا و لكن ماذا استفاد المعوق من الزيارات المكوكية لتلك الحضارة ( عبر رحلات فاخرة و فنجان قهوة بـ 250 يورو اي حوالي 250 جنيه استرليني فقط لا غير ، واذا لا تتملك من اللغة الاجنبية كالعديد من .... الزوار الرحالة ... ربما يغشوك بالسعر مع اضعف الاحتمالات ) ، تلك الرحلات البطوطية ، نسبة الى ابن بطوطة ، تكلف بمجموعها اكثر من بناء نموذجي فاخر مجهز يتقنيات حضارية ربما نستطيع احضارها من لندن او حتى من واشنطن ... و ربما لو بني لاستفاد منه ما يزيد عن 650 طفلا معوقا يعاني اهاليهم ما يعانون ... فقد تحدث الينا عشرات من الاهالي عن ان هناك حاجة ماسة الى ما يلي:
• متطلبات تتعلق بالاطفال من حيث الملبس والحليب والمأكل واحتياجات اخرى تتعلق باللهو مثل الالعاب والدمى المتحركة او المجسمات من أجل الترفية عن الاطفال...
• ما يتعلق باحتياجات الاطفال الملتحقين بالروضات وبالمدارس اي من 5 سنوات وما فوق فان هناك حاجة للعديد منهم من اجل متابعة هواياتهم ومواهبهم وهذا برز في اكثر من روضة او مدرسة يتعلم فيها الاطفال المعوقون الفلسطينيون حيث لا توزع عليهم ادوات تتعلق بالرسم مثل التلوين والدفاتر والمعجون، وايضاً هناك حاجة ماسة للمتابعة النفسية والتأهيلية لللمعوقين .
• هناك حاجة ماسة للترفيه عن نفس الاطفال بأخذهم رحل ونزهات للتموية والترويح عن انفسهم .
• الحزن الشديد يسود الاطفال بسبب ترك العديد منهم لمنازلهم دون الالتحاق بالمدارس و هذا ولد إحباطاً لديهم .
• الخوف المسيطر على الاطفال واهاليهم فالقلق سائدا حول من سيعيد البسمة اليهم الخ...
• هناك قلق من امراض مستقبلية بسبب الاهمال الصحي تجاه المعوقين و اهاليهم و عدم الاكتراث بهم الا بالمناسبات وقليلا جدا ، وهناك خوف من زيادة الاعاقات بالولادات الحدثية التي ستولد بعد حرب عام 2006 و التي طالت المخيمات و التجمعات الفلسطينية ، مباشرة او بطريقة غير مباشرة ، بعد ان تأثرت الامهات بالوضع ( خوف- تعب-قلة- تغذية- ارهاق-توتر نفسي- الخ...)
• المطلوب اهتمام كبير بالاطفال المعوقين و الامهات من حيث الرعاية الصحية والنفسية وترميم ما تصدع من جوانب نفسية لهم ، وتخفيف الضغط عنهم.
و كان التمني على الحكومة اللبنانية من قبل المؤسسات الفلسطينية التي اجمتعت مرارا بوزراء لبنانيين مثل معالي الوزيرة نايلة معوض و غيرها ... بالامور التالية : ـ
- العمل على احصائية موحدة بين المعاق اللبناني والفلسطيني.
- العمل على حصول ترخيص للمؤسسات الفلسطينية وعلى ان يكون الرئيس فلسطيني وليس لبناني.
- الغاء الجمارك والضرائب عن المعاق الفلسطيني والمؤسسات الفلسطينية.
- العمل على تامين احتياجاته والحصول على نفس الحقوق التي يتمتع بها المعاق اللبناني.
عودة الى بدء ، فان حركة الاعاقة لدى اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ترجع بتاريخها الى اوائل السبعينات حين بادر بعض المعوقين الفلسطينيين مع جرحى الثورة الفلسطينية الى تكوين مجموعات داعمة، وكانت هذه التجربة تظهر وتختفي منذ ذلك بسبب الظروف السياسية والامنية التي كانت تعصف بلبنان، لكن الحركة الحالية بدأت بالتبلور منذ نهاية الثمانينات حين بدأت مجموعات المعوقين بالنشوء وكذلك الجمعيات والمؤسسات العاملة في مجال الاعاقة، وبدأت خيوط التعاون والتنسيق بالتطور والتفرع حتى تبلورت مظلة شاملة لكل هذه الحركة في العام 1997 تحت اسم "هيئة الاعاقة الفلسطينية" لذا فإنه من الصعوبة بمكان القول بإنجازات لحركة الاعاقة خلال هذه السنوات الثمانية عشر اذا تكلمنا على المستوى الشمولي لمطالب المعوقين لكنا نستطيع الحديث بموضوعية عن ما عملته هيئة الاعاقة الفلسطينية منذ نشأتها الى اليوم، بعد ان تم افشال محاولة جدية لانشاء اتحاد عام للمعوقين الفلسطينيين في لبنان، تلك المحاولة كانت رائدة في طليعة بداياتها لكن مصالح ذاتية لبعض القيمين عليها غلبت عى مصالح المعوقين الذين كان لهم الفضل في بداية الفكرة، وهكذا اجهضت المحاولة في مرحلة التكوين، وذلك موضوع آخر .
فقد تشكلت هيئة الاعاقة الفلسطينية منذ حوالي ثماني عشر سنة بعد افشال محاولة تأسيس الاتحاد، وتضم الان الهيئة الموقرة ما لا يقل عن عشرين مؤسسة، وربما بعض المؤسسات على الطريق، هذه المؤسسات التي تعمل داخل المجتمع الفلسطيني وجدت انه من الافضل، لها، وللمعوقين، توحيد الجهود لتخفيف العبء المالي وتحقيق اكبر قدر من الافادة.
وتعتبر هيئة الاعاقة نفسها الجسم الممثل لـتلك المؤسسات والجمعيات حيث تعمل كمظلة غير سياسية لها في اماكن تواجدها، وعملها في المخيمات، والتجمعات المتواجدة على كامل الاراضي اللبنانية، وتحصل على جزء من تمويل مشاريعها من العديد من الهيئات، والمؤسسات الدولية، والسفارات، والمستشاريات الاوروبية المانحة، وكان اخر مشروع عملت عليه هذه الهيئة ، ومشروع الدمج المدرسي، والذي استمرت مدته حوالي اربع سنوات حيث بدئ بهذا المشروع عن طريق اقامة ندوات، ومحاضرات، ودورات تدريبية للكادر القيم على المشروع ميدانيا، وللمدرسين، وتجتمع هذه الهيئة مرة كل شهر ولديها نظام داخلي اتفق عليه، ولهذه الهيئة لجان مناطقية تتابع امورها بالتنسيق مع المؤسسات المعنية، وتستقبل الوفود الزائرة، والاخرى الداعمة للانشطة، وللمشاريع المقدمة من شتى المؤسسات، وكانت تنسق الهيئة في السابق مع الجهات، والهيئات التالية :
1- الاونروا
2- جمعية المساعدات الشعبية النروجية
3- جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني
4- منظمة التحرير الفلسطينية .
5 – مؤسسة التعاون .
و تسعى الهيئة دوما الى التواصل مع وزارة الشؤون الاجتماعية في السلطة الوطنية الفلسطينية ، كما تسعى الى الاستحصال على تمويل من عدة هيئات و مؤسسات و جهات و سفارات دول مانحة . من جهة اخرى فقد قامت هيئة الاعاقة سنة 1997 بإحصائية من اجل الوقوف على العدد الحقيقي للمعوقين الفلسطينيين في لبنان ، حيث وصل العدد الى ما يقارب الـ 3430 معوق و معوقة نهاية العام 2000 ، و هناك كثير من الاعاقات لا تستطيع الهيئة ان تضعها داخل برنامجها لاسباب عديدة اذ ان هناك صعوبة كبيرة في تحديد الناس المصابين بأمراض نفسية ، و اعتبر الكثير منهم غير معوقين . وسنة 2001 حصل عرض حول إحصائية 1997 نتج بعده اعتماد البطاقة الخاصة بالمعوق الفلسطيني الذي يستفيد على اساسه من العلاجات و تقديم الخدمات اللازمة له من المؤسسات المعنية ، و ما زال العمل بالبطاقة ساريا حتى الان .
ماذا حصل للمعوقين الفلسطينيين في لبنان حتى الان ؟؟؟
هناك شراكة ما بين الأنروا وجمعية المساعدات الشعبية النرويجية ومنظمة التحرير الفلسطينية في تقديم الكثير من العلاجات والخدمات الصحية للمعوقين اضافة الى الخدمة المجانية التي تنفرد بتقديمها منظمة التحرير الفلسطينية شهريا حيث تقدم الحفاضات للمعوقين لكافة الأعمار وفي كل لبنان حيث وصلت المساعدات الى اكثر من 2000 دولار للحفاضات وحدها عدا عن المساعدات المالية والعينية المقدمة أيضاً من قبل المنظمة للعشرات من المعوقين الفلسطينين في لبنان بمجالات عديدة و متنوعة .
و حين كنت احاول المشاركة في انجاز قاموس يتعلق بالمعوقين الذين يعانون من اعاقة عقلية ، والتي قامت به منظمة الصحة العالمية ،صادفت عشرات من الاهالي في عدة مخيمات و تحدثوا معي عن معاناة ابنائهم و بناتهم المعوقين و اهمال ذوو الشأن تجاههم او على الاقل التقصير الموجود من قبل المعنيين ، ، اذ قالت احداهن ( م. ح. ) و هي شابة معوقة "نطلب ان يتذكر العالم المعاقين وان يعترفوا اكثر بحقوقهم وان يعرفوا جيدا ما هو المعوق وما هي حاجاته ليس من ناحية انسانية بحتة بل من نواحي الحقوق والواجبات ". اما ع. م. بدوره أجابنا وهو يحاول رفع رجله التي يصارع ظلم الحياة بقيادته سيارة اجرة من اجل ان يعتاش هو و عائلته "انه لا يعم انه يوجد يوم للاهتمام بالمعوقين و لكنه اكد على الاحتياجات الخاصة التي يحتاجها المعوقون، لكن بكل اسف فإن المؤسسات العاملة في هذا المجال لم تستطع تلبية كافة احتياجات المعوقين ولم يحاولوا الاتصال به على الاقل من اجل سؤاله عن حاجاته و ظروف معيشته ..." فالمعوق بوجهة نظره "لا يحتاج فقط الى جهاز داعم او الى عكاز او كرسي متحرك او سماعة او ... بل يحتاج الى تأهيل وتشغيل ودمج بالمجتمع ورعاية صحية ومهنية وتربوية كي يتحول من البطالة الى ان يكون مصدر عون و طاقة بحد ذاتها ...و الى دينامو عمل منتجة وفعالة ".
و توجه ع. م. بـرسالة الى الدولة اللبنانية التي ترعى المعوقين اللبنانيين فطالب بـ " حقوق مدنية واجتماعية لنأخذ دورنا في المجتمع ..." و تنفيذا للوعود التي قطعا الوزراء حين جاؤوا لزيارة المخيمات و بان يتم رعاية الفلسطيني و خصوصا من لديهم حاجات خاصة " منوها الى ان ضرورة اهتمام المؤسسات المانحة " بدعم مشاريع انتاجية خاصة بالمعوقين كي يأخذوا دورهم مع باقي افراد شعبنا الفلسطيني ، ولا ان يتكلوا على مؤسسات تتجار بالناس وخصوصا المعوقين وهم كثر...".
اما م . ب. الذي اعاقته بسبب رصاصة طائشة خلال حرب بائسة في مخيم عين الحلوة فكان قد قال لنا في حديث سابق "ان لدينا الكثير من المطالب نرفعها الى المعنيين في هذا اليوم مثل الادوية الطبية والعمليات الجراحية والاستشفاء الكافل والادوية". واثنت على كلامه غ. ج. التي غصت الدمعة من عيونها وهي التي تعيش لوحدها في منزلها ولا من يسال عنها ، فقد أشارت الى حاجة البيوت الى تأهيل هندسي وصحي كي يتناسب مع المعوق فالبيوت في اكثريتها حماماتها غير مجهزة اضافة الى المعوقات الهندسية الاخرى . حتى بالتنقلات العامة "الباصات غير مجهزة لنا و كابينات التلفونات عالية في كثير من اماكن تواجدها و صعب على المعوق الاستفادة منها ، و كثير من المباني لا يوجد فيها مصاعد و هذه مشكلة كبيرة ".
بدوره و.م. ، و هو معوق ترك المدرسة بسن السادسة بسبب عدم تأمين مستلزمات الدمج له في مدارس الاونروا وعدم الاهتمام به من قبل مؤسسات الاعاقة التي لم يكن لديها برامج دامجة بعد لكنها حاولت العمل على تهيأته لمهنة تقيه خطر الرمي بالشارع ، طلب من المسؤولين " ان يكون الاهتمام اكثر بالعوق واعتباره انسانا كباقي البشرلا ان ينظر اليه وكأنه عجيبة من عجائب الدنيا و يهمل من قبل الناس..." .
من جهتها كانت قد اعتبرت ا. ح. ، في مقابلة سابقة معها ،ان هذا يوم كي يتذكرنا الناس وتمنت " ان تشعر معنا المؤسسات وتؤهل المعوقين كي يكونوا منتجين لا ان يبقوا عالة على اهلهم ومجتمعهم " . ايضا كان فادي طه قد افادنا سابقا بحديث شيق و مثمر قائلا" نحن منتجون ولسنا عالة ، فكل انسان لديه اعاقة لكنها نسبية، ونحن مثل بقية الناس لدينا فكرنا وقدرتنا على العمل. نتمنى ان لا يتم استثناءنا من قانون حق العمل في المؤسسات مثلنا مثل المعوقين اللبنانيين بحكم وجودنا في لبنان..." . وطلب طه من هيئة الاعاقة "ان ييسروا امورنا ويدعمونا بأخذ دورنا في المجتمع...".
من جهة اخرى اعتبر السيد قاسم الصباح المنسق العام السابق لهيئة الاعاقة الفلسطينية في تصريح سابق خاص لنا ادلى به في يوم الاعاقة العالمي "ان هذا اليوم هو مناسبة عالمية لتذكير العالم بأن عشرات الملايين يعانون من نوع من الاعاقة في مختلف انحاء العالم، وكجزء من تضامن الانسانية جمعاء من اجل حياة افضل، فعلى القادرين من الدول والاشخاص والمؤسسات الى ملايين الاشخاص من المعوقين ويحاولون ان يساعدوهم من اجل العيش بكرامة ومن اجل التعبير عن انفسهم وفتح مجالهن في المشاركة في الحياة العامة، وتحسين ظروف حياتهم الخاصة".
وعلى المستوى الفلسطيني في لبنان اكد صباح "ان شعبنا الفلسطيني من اكثر الشعوب التي من اكثر الشعوب التي عانت من الاعاقات على مستوى الاشخاص وعلى المستوى الوطني والسياسي منذ استلاب الوطن العزيز فلسطين وخلال مسيرة النضال الطويلة سقط الكثير من الشهداء والجرحى والذين بقي العديد منهم يعانون من اعاقات مزمنة...". و اضاف " ان هذه مناسبة هي للفت نظر العالم بأن الحروب وعدم ايجاد حلول للشعوب المستلبة والمظلومة التي تضطر في النهاية الى القول والتذكير بأن هذه الشعوب السلام والعدل لن يتحقق الا بارجاع الحق الى حقه والا سيستمر سقوط الشهداء والجرحى والمعوقين وحتى تحرير فلسطين".
اما فيما يتعلق بالحقوق المدنية للمعوقين الفلسطينيين فأعتبر الصباح على "انها الحقوق العامة المدنية للفلسطينيين عموما ولا نستطيع ان نعترف هذه عن تلك وان مجرد منح الحقوق المدنية للفلسطينيين عامة ستفتح المجال للمعوقين الفلسطينيين بأن يحصلوا بعض حقوقهم ونترك للمؤسسات الدولية والفلسطينية مساعدة هؤلاء المعوقين للتعبير عن انفسهم والعيش بكرامة. ولم ينس السيد قاسم الصباح بان يعتبر "بان اليوم العالمي للمعوق هو مناسبة للتذكير لا أكثر حيث ان آلاف الشباب الفلسطيني سقطوا في النضال وسقطوا في الانتفاضات المتواصلة في فلسطين" ، وأكد ان الاعاقة من اجل فلسطين هي اكبر شيء ممكن ان يحققه انسان.
ن .خ . ، ناشطة في المجال الاجتماعي ، دعت الى الاهتمام اكثر بالمعوقين والى التوضيح للناس عن ماهية الاعاقات وعن الاهتمام بالمعاق اينما وجد وحيثما كان. والى التفكير اكثر بالانسان المعاق الذي يجب ان لا يقل بحقوقه عن الانسان غير المعاق، وممكن ان يكون هناك بصيص امل او حل من قبل اولئك الذين يتعرفوا من جديد على انواع الاعاقات " . اما ر.ه . و هي متطوعة سابقة في مؤسسة تهتم بالاعاقة فقد توجهت لهيئة الاعاقة الفلسطينية بالاهتمام اكثر بمؤسسات الاعاقة و بالمعوقين الفلسطينيين و خصوصا ما يتعلق بالتعليم و الصحة و تأهيل المنازل ... وخصوصا طلب الاهل افتتاح مراكز مهنية للشباب المعوقين كي لا يبقوا في الشارع بعد ان ينتهي برنامج الدمج او برامج التعليم في مدارس مختصة ..."
اما ض. ع. ، و هي مربية مختصة تعمل في مدرسة تهتم بالمعوقين ، فقد طالبت "المنظمة والهيئات المحلية واللجان الشعبية والاونروا الذين هم ركيزتنا وبدونهم ليس لنا وجود ان يدعموا المؤسسات الاهلية و المعوقين واهاليهم في كافة المجالات وتلبية حاجات المعوق وترميم بيوتهم وراحتهم وتأمين كل حقوقات حياتهم من ماء وكهرباء وطرقات وتعليم ومصاعد لسكان البنايات المتواجدين خارج المخيمات. ... ".
ماذا يقول الاهالي ؟
والدة ف. ا . تعاني من مشكلة اذ لا يساعدها احد في حلها حتى الان فابنها لا يوجد من يستوعبه رغم المراجعات العديدة لمؤسسات الاعاقة بعد ان تجاوز عمره الخمسة عشر ربيعا . ( فهو يحتاج الى تأهيل مهني ) ، والدة الصبية ل. خ . ، التي لديها اعاقة شلل اطفال و اعاقة بصرية ، وهي تجاوزت الثامنة عشرة من عمرها ، و لا تدري ما هو مستقبل ابنتها المهني اذ لا مجال لاي مركز مهني يستقبلها حتى الان ، و لا ترغب بان تمارس مهنة حياكة القش لانه ادنى بكثير من طموحاتها كما تسر بالقول لوالدتها ، و ترغب بتعلم الكومبيوتر و العمل به و لكن حتى الان لا يوجد اي برنامج في اي مؤسسة يمكن ان يلامس طموحاتها . اما والد الطفل ا. ق . ، و الذي يتشوق لان يرى ابنه قد تعلم و لو قليلا من العلم فابنه يعاني من اعاقة عقلية جعلت الاطفال يسخرون منه لدرجة الذل و الهوان ، فلم يعد يتجرأ ان يرسله لاي مدرسة ولا لاي مركز و ذلك لعدم ثقته بمراكز التعليم من جهة و لخوفه على البقية المتبقية من عقل ابنه من جهة اخرى (...) ، ايضا والدة الطفل م. خ. اكدت ان ولدها يمكن ان يستطيع العيش حياة عادية لو تأمن له بعض العلاجات الفيزيائية مع عملية شد عصب ليديه و رجليه و هذا ما لم يحصل حتى الآن . هذه امثلة قليلة من كثير ممن رموا او اوشك رميهم في شوارع و ازقة المخيمات في ظل " مظلة " تظلل ما تظلله من مؤسسات مختصة .
• الدمج الى اين ؟
من النواحي العملية ، و بما ان الدمج هو موضوع تربوي فيلزمه كادر متخصص من جميع جوانب القضية اذ لا يمكن ان يتابع امور تربوية من ليس له علاقة بالعلم او بالتربية ، و لا يمكن ان يتابع امور المنشآت من ليس ملما بامور الهندسة او على الاقل البناء المعماري ، اكثر من ذلك نستطيع القول و بصراحة كاملة و رؤية واضحة وضوح الشمس ان الدمج التربوي السليم لا يستقيم الا بكادر متعلم و متخصص الى حد ما فكما اننا نلوم الروضات و مدارس الاونروا و نتصدى لها اذا ما قصرت بتأهيل المربين و المربيات و الكادر الاداري و التربوي فمن حقنا ان نلوم و نعاتب المؤسسات العاملة في مجال الاعاقة دونما استثناء اذا ما قصرت كذلك ، لانها الامينة على الاطفال المعوقين خصوصا و على حقوق المعوقين بوجه عام .
لذا فان المعوق ، المزمع دمجه او المدموج حاليا في اي روضة او مدرسة ، من حقه ان يكون مربيه و مشرفه و متابعه التنسيقي و الميداني متعلما و مثقفا و على درجة عالية من الاهتمام فالقضية ليست وظيفية فقط بل هي وظيفية و مهنية و امانة و رسالة و تربية و تعليم ، فمن الافضل ان يكون التعاطي على اساس الخلفية التربوية و المستوى الثقافي بعيدا عن المغالطات و المزايدات و المصالح الذاتية التي لا تخدم سوى الشخص نفسه و من لف لفه ، فكم من دامج ليس له من الدمج سوى الاسم ؟ فهل من العدل ان تتابع امور مربيات ومربين في روضات الاطفال و مدارس المخيمات و التجمعات الفلسطينية ويكون المتابع عينه ( هو او هي ) ، في مستواه / ها التعليمي او التربوي ، اقل بكثير من مستوى حارس تلك الروضة او المدرسة مع الاحترام و التقدير لمستويات الناس جميعا و لكن اليس لكل مقال مقام فـ ( هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون ؟ ) . هل بتلبيس الطرابيش يستفيد الطفل من الدمج ؟ هل ستكون رسالتنا التربوية قد وصلت حين نزاوج ما بين الجهل و المعرفة ؟ هل نغامر بصف كامل في مدرسة او روضة من اجل خاطر مدرس جاهل او حتى مدرب ذو مستوى ضعيف جدا ؟ بل هل عملنا على تنفيذ توصيات مربيات الاطفال التي رفعت للمؤسسات العاملة على الدمج من خلال ورش العمل ام اننا لا نقرأ ، و اذا قرأنا لا نفهم ، و اذا فهمنا لا نطبق ؟ الا نريد ان نجعل الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مثل الاطفال العاديين غير المعوقين ؟ كيف ذلك ؟ هل بالمصالح ام بالمواقف ؟ هذه التساؤلات و المخاوف برسم كل من يعنيه الامر ومهتم بمشروع الدمج خصوصا .
لكن وعلى المستوى العملي فإن الانجازات المتواضعة ، وحسب ما كان قد لخصها السيد الصباح سابقا في رسالته الى الهانديكاب انترناشيونال ، و انصافا للحقيقة نستطيع ايجازها بما يلي :
- إنجاز مشروع إحصاء المعوقين الفلسطينيين في لبنان والمستمر منذ 1997 .
- إيجاد جهاز رقابي على أداء العاملين لتحقيق مستوى لائق من طرف التعامل مع المعوقين.
- خلق مجموعات من المعوقين انفسهم للعمل على تأمين حقوقهم.
- تبادل الخبرات في مجالات التأهيل والتمويل.
- إيجاد برنامج تمويل مشترك لبعض الاحتياجات الاساسية للمعوقين.
- خلق مرجعية عامة يعود إليها المهتمون بالاعاقة على المستوى الفلسطيني. وإيجاد أنظمة داخلية واليات تحكم عمل الهيئة والعلاقات بين أعضائها والمحيط.
- إنجاز بعض المشاريع المشتركة وخصوصاً في مجالات التدريب والدمج.
ان الدعم المطلوب حسب ما يرغب به الصباح هو " العمل على عزل حركة الاعاقة عن النزاعات السياسية والتجاذبات التي تعصف بالمجتمع الفلسطيني، والعمل على تحقيق اعتراف ما بحق اللاجئيين الفلسطينيين بالحياة الكريمة والتمتع بالحقوق المدنية وحق العودة لان العلاقة الموجودة بين العاملين في مجال الاعاقة وصلت الى تطور مهم في ظل الهيئة والاعتراف بها كمرجعية فلسطينية في مجال الاعاقة ..." ، ولا ندري اذا كانت الإستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقات المتبعة في لبنان تشمل المعوقين الفلسطينيين ام بحاجة الى تحريك من خلال استراتيجيات مؤسسات الاعاقة الفلسطينية في لبنان ، او مؤسسات خدماتية اخرى ، ام اننا بحاجة الى ان نرفع الصوت عاليا من اجل ان يستشعر المعنيين بحقوق المعوق المهدورة لاكثر من 4000 معوق و معوقة فلسطينيين موجودين في لبنان يشكلوا شريحة لا تقل اهمية عن اي من شرائح المجتمع الفلسطيني الذي يعاني الامرين جراء حرمانه من حقوقه المدنية و الاجتماعية و السياسية ، ام اننا كمجتمع فلسطيني يجب ان نبحث عن شريك استراتيجي بديل عن الذي تمثله بعض الجمعيات والهيئات الاجتماعية العاملة في مجال الإعاقات . وان يتم إقامة هيئة تنسيق رقابية لمأسسسة عمل هذا الشريك ليساهم في مزيد من المشاركة الأهلية كي لا يقع المعوق الفلسطيني ضحية من جديد بين الضباع و الضياع ، كما عبر لي احد الزملاء الذين حاولوا صناعة وابداع افكار هامة تتعلق بتطوير حياة المعوقين الفلسطينيين و تم التأمر عليهم جميعا وابعدوا عن برنامج تأهيلي معين له علاقة بالاعاقة و بالمعوقين ، و بالتالي فان الدعم الحقيقي هو الدعم المباشر لللمعوق الفلسطيني نفسه في اخذ دوره الحياتي في المخيم و التجمع ، في الروضة و المدرسة و الجامعة و المهنية ، و في كل مكان و من لديه الجرأة فليعمل عملا صالحا بعيدا عن المحسوبيات و التجاذبات الرخيصة التي يذهب ضحيتها اولا وآخرا المعوق الفلسطيني ، و هذا ما اكدته مؤسسة حقوقية فلسطينية بعد ما لمسته في معاناة المعوقين الفلسطينيين في نهر البارد .
* كاتب و باحث فلسطيني مقيم في لبنان