المنبرالحر

قانون الاحوال الشخصية والاصرار الطائفي على التعديل / ا.د. حاكم محسن محمد الربيعي

عانت المرأة في بعض الدول ومنها العراق أبشع اساليب القهر الاجتماعي والنفسي، اذ حرمت من ابسط حقوقها كإبداء الرأي فيمن تشاركه الحياة -اي اختيار الزوج-، وبعضهن استغلت من قبل الزوج بقسوة لا سيما في مجالات العمل وغيرها. وعلى الرغم من ان الاديان السماوية والكثير من القوانين الوضعية أنصفت المرأة، لكن البعض لا يعير اي اهتمام للمرأة بل ويصفها بأوصاف دونية، ويعتبرها أدنى من الرجل.
وعلى رغم من دور المرأة المهم في الحياة، يأتي البعض من قصيري النظر ويجعل من نفسه مشرعا وراعيا للتشريعات فيحاول اجراء ما يسمى تعديلات على قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل الذي نظم حياة الناس في مجال الاحوال الشخصية على مدى (58 ) عاما وهو قانون متميز عن قوانين الدول العربية ويشار اليه بالبنان, هذا القانون حدد في المادة السابعة الفقرة (1 ) اشتراط اتمام اهلية الزواج العقل واكمال السن الثامنة عشرة، وفي المادة الثامنة (1) اذا طلب من اكمل سن الخامسة عشر من العمر الزواج فللقاضي ان يأذن اذا ثبت له اهليته وقابليته البدنية بعد موافقة وليه، وفي المادة التاسعة لا يحق لأي من الاقارب او الاغيار اكراه اي شخص ذكرا كان ام انثى على الزواج دون رضاه ويعتبر عقد الزواج باطلا. وهذه النصوص وردت في القانون رقم 188 لسنة 1959 في وقت كان للقانون سيادة على الجميع سواء اكان مواطنا عاديا او مسؤولا كبيرا في الدولة، وخلال السنوات الماضية التي بلغت (58 عاما لم يكن هناك اشكال في تطبيق هذا القانون، كما لم يعترض عليه أحد وهو موضع تقدير واحترام كل المختصين في الشأن القانوني وعلى المستوى المحلي والعربي، أضف ان القانون شرع وسن بأيد عراقية واناس هم حجة في القانون.
السؤال المطروح هنا ماهي سيئات هذا القانون؟ الم يؤكد على الرشد والعقلانية في الزواج الم يؤكد على تنظيم عقود الزواج في المحاكم وبحضور شهود ضمانا لحقوق الزوجة ؟
اين الرشد والعقلانية لطفلة بعمر تسع سنوات يسمح الزواج منها؟
اجد ان الاصرار على اجراء التعديلات في القانون هو امعان في الطائفية بحجة تطبيق الشريعة والشريعة ليس في قاموسها زواج القصر او زواج الأطفال. وهل فعلا يحتاج العراق الى قانون من هذا النوع في خضم المشاكل السياسية والاقتصادية والخدمية الكثيرة التي يعيشها الشعب.
لماذا لا يشرع قانون الخدمة العامة؟ الذي ورد في دستور عام 2005 اليس هناك ضرورة لتشريعه؟
لماذا لا تصدر قرارات او قوانين لحماية المنتج الوطني وتأهيل القطاعات الاقتصادية؟ وغيرها الكثير من التشريعات الضرورية, كتفعيل قانون الخدمة الالزامية او تعديله او تشريع بديل عنه.
أتساءل هنا هل نحن بحاجة الى الفرقة ام الى لم الشمل لماذا ديوان وقف شيعي واخر سني وثالث مسيحي وإيزيدي اليس هذا تعميق للطائفية. الم تكن في العراق وزارة اوقاف واحدة لكل الشعب العراقي خلال عمر العراق منذ اوائل القرن الماضي.
نتمنى من نواب الشعب إعادة النظر في تشريع قانون الأحوال الجديد والمثير للجدل الذي يفرق ولا يجمع وينتهك حقوق المرأة ويجعلها اكثر ضعفا وانتهاكا لحقوقها. فالتشريع اذا ما مرر يعني المزيد من حالات الطلاق المأساوية، حيث يذكر احد الاصدقاء يعمل في واحدة من المحاكم العراقية وفي احدى المحافظات, ان حالات الزواج بلغت 11000 حالة زواج يقابلها 9000 حالة طلاق جميعها بعمر الشباب الا نادرا .فكيف الحال اذا تم تزويج القاصرات.
الف تحية لمن يقف ضد تشريع القانون الجديد ويمنع صدوره، وعلى من يقف وراءه ويدعم التشريع ان يعي ما هو مفيد ونافع وضروري ليهتم بتشريعه وان لا يكرر أطروحات من هذا النوع, بحجة تطبيق الشريعة. فالشريعة حرمت سرقة المال العام، وحرمت استغلال الضعفاء ماليا ومعاشيا من النساء والذكور، وحرمت اقصاء الاخر وتهميشه، وحرمت اغتيال الاخر وتهجيره ، ولا ننسى ما قاله الامام علي في رسالته الى مالك الاشتر حيث قال ان الناس صنفان اما نظير لك في الدين او نظير لك في الخلق فلنعمل وفق ذلك وان ننتبه الى بلد اصبح في المراتب الأخيرة عندما تصنف الدول في مجالات الامان والسلم والرفاهية وحقوق الانسان والخدمات وغيرها .
ختاما بلدنا العراق بحاجة الى البناء والإعمار وترميم الإنسان الذي اثقلت كاهله الحروب والدمار وتهالك البنى الاجتماعية والاقتصادية بسبب الفساد واول خطوة يجب البدء بها هي محاسبة الفاسدين وان لا ننتظر فالوقت لا ينتظر المتكاسلين.