المنبرالحر

تضامن ضد الفساد ولاضامن / واثق الجابري

إزداد عدد الأحزاب والشخصيات والتجمعات الشعبية، الّذين أعلنوا تضامنهم ضد الفساد اعلامياً، وأصبح الحديث عن محاربته شاغل العراقيين، وتوالت البيانات الحكومية والحزبية وشخصيات بمفردها، ولوّحَ بإستجواب وزراء وسربت أسماء مسؤولين ورجال أعمال، ولا يبدو أن القضية بتلك السهولة، وبين سطور التهديد نفعل (إذا) و(لكن) و(بماذا)، ووعيد ومخاطبات بالإشارة والتمويه من بعيد.
رئيس مجلس الوزراء هو الآخر، وصفها حرب أصعب من مواجهة داعش، وقال: الفساد نخر مفاصل الدولة طيلة العقد الماضي، وتورطت فيه غالبية القوى السياسية.
تنافست القوى السياسية على المناصب، بغية إتخاذها مصدر قوة وتمويل، والصفقات تعقد في مقارها، متقاسمة الغنائم مع غيرها من مقاولات وإستثمارات، ولا تخلو الاستجوابات من دوافع سياسية ومنازعات وفرض تسوية ملفات، لتُنهى الملفات بإتهام مجهول ثم إشغال الرأي العام بأزمة آخرى، وبعد تصارع القوى إعلامياً تتفق التقاسم خلف الكواليس، لبيع المناصب وتعهدات خطية لخزانة الكتلة السياسية.
ثلاثة ملفات رئيسية في محاربة الفساد، أولهما إستعادة 100 مليار دولار مُهربة خارج البلاد، والثاني عقود ومشاريع فاشلة عددها 6028، كلفت الدولة 250 مليار دولار، والثالث مزاد البنك المركزي وشبهات فساد تحوم حوله وإشارات لإتهام أحزاب كبيرة، أما هيئة النزاهة فلا تتهم المسؤول إلا بعد هروبه، وكذلك مكاتب المفتشين العموميين، وربطهما بالسلطة التنفيذية؛ يقيد حركة الأولى ويجعل الثانية تابعة للوزرات، والثاني مانع لكثير من الهيئات التحقيقة، ورغم تذرع مكاتب المفتشين بإعادة أموال كبيرة، إلاّ ما ينفق عليها يفوق ما أعيد، أن لم يك لبعضها تورط بالفساد وتستر وتواطيء.
إن إستعانة رئيس مجلس الوزراء بفريقين من الخبراء الدولين، دليل على فشل الأجهزة الرقابية، وتجاوز نفقاتها على ما تنتج، وهذا يدعو الجهات المسؤولة لإعادة النظر بها، على أنها حلقات زائدة وجزء من روتين نظام بيروقراطي، وباب لحماية الفاسدين وخلق تحالفات سياسية، لإيقاف الملفات القضائية، وتراجعت بعض القوى عن دعمها لمحاربة الفساد وبشكل مبطن، بإدعائها أنه حمى انتخابية، وتسارعت آخرى للتخلي عن أعضاءها البارزين، أو إنشغلت بتسقيط بعضها بدل العمل الجماعي والبدء بالنفس، كخطوة لمجابهة الإتهامات التي تشير الى تورط معظمها بطريقة مباشرة وغير مباشرة، لذا بحثت عن تبريرات وتعليلات.
الفساد لا يقتصر على الحكومة الإتحادية، بل شمل المحلية والقطاع الخاص، ورغم دعم وتضامن الكتل السياسية إعلامياً لمحاربة الفساد، إلاّ انها تنوه بأنه ورقة إنتخابية.
لن تنفع البيانات الحكومية وزيادة ضجيج مدعين التضامن ضد الفساد، أن لم تك المساعي مدركة خطورة الفساد وحجم تأثيره، وكَمْ خطاياه التي تتحملها القوى السياسية، وما نتج تفاوت طبقي الى هدر أموال وتخمة مسؤولين، وأحياناً نقول لا ضامن لبعض قوى، لا ترى إلا ابيض او أسود، منتصر أو مهزوم، ولا محاسبة إلا على أساس إبتزاز، ولا منصب إلا لفائدة حزبية، وأن كان نصر العراق على الإرهاب بسبب وحدة صفه وتطوع مواطنيه، فكيف له الإنتصار في معركة أشد ضراوة والمهمة مناطة بمسؤولين، معظمهم لم يُشارك في محاربة الإرهاب وتورط بالفساد، فيما يقف الشعب متفرجاً لا أحد يصدق شكواه ان إشتكى، ولاثقة لديه بالجهات الرقابية والتنفيذية؟!