المنبرالحر

العنف ضد المرأة وسبل مناهضته / طارق المختار

يأتي الحديث عن قضايا العنف ضد المرأة تزامنا مع الاحتفاء باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة في 25/تشرين الثاني من كل عام والتي تعتبر من القضايا غبر القابلة للتأخير لما للمرأة من دور مهم في الحياة العامة وعلى كافة المستويات والادوار، وبرغم اختلاف الباحثين في تحديد انواع العنف الا انهم يتفقون على وحدة مضمونه، فالعنف ضد المرأة هو السلوك او الفعل العدواني الممارس تجاه المرأة، سواء كان صادرا من الرجل ضد المرأة او من المرأة ضد المرأة، والذي يتسبب في احداث الايذاء او الالم الجسدي او النفسي تجاه المرأة، كما ويعد التهديد باي شكل من الاشكال والحرمان والحد من حرية المرأة في حياتها العامة او الخاصة من ممارسات العنف تجاه المرأة. ويمكن حصر حالات العنف ضد المرأة بأحد الانماط او الاشكال التالية :-
1- العنف البدني.
2- العنف الاقتصادي.
3- العنف الجنسي او الممارسات الضارة.
4- العنف اللفظي (العنف النفسي).
كما ان هنالك تنوعا لأشكال العنف ضد المرأة من حيث الوسط الذي يقع فيه العنف والتي يمكن تقسيمها الى وسطين هما :-
1- الوسط الداخلي.
2- الوسط الخارجي.
فالعنف في الوسط الداخلي هو ذلك العنف الذي يقع ضمن محيط الاسرة سواء كان صادرا من الاب او الزوج او الاخ او الاخت او الام او اسرة الزوج او آخرين من محيط الاسرة. اما العنف الخارجي فهو ذلك العنف الذي يقع على المرأة خارج محيط الاسرة، مثل العنف في موقع العمل او الاماكن العامة، او الصادر عن الغرباء وغيرها. ومما تجدر الاشارة اليه ان العنف الواقع من محيط الاسرة هو ما يوليه الباحثون الاهتمام وان تساوى العنف ضد المرأة، سواء ما يصدر من المحيط الداخلي او الخارجي وذلك للاعتبارات التالية :-
1- قد يتكرر صدور العنف الواقع على المرأة في المحيط الاسري اكثر من احتمال تكراره في المحيط الخارجي، فالعنف الجسدي (الضرب المبرح )اكثر شيوعا في محيط الأسرة، وكذلك العنف النفسي (التعنيف اللفظي ) والاقتصادي (عدم الانفاق ).
2- عدم قدرة المرأة التي تتعرض للعنف او التعنيف الشديد داخل محيط الاسرة الافصاح عنه لاعتبارات عدة منها الحرج او لاعتبارات اجتماعية او اقتصادية او الخوف على المركز الاجتماعي لها او للأسرة.
3- الاثر النفسي الكبير الذي يتركه هذا النوع في نفسية المرأة التي يصدر اتجاهها العنف او التعنيف الشديد، بحيث لا يمكنها الافصاح عنة لفترة طويلة لربما عدة سنوات.
وهذا لا يقلل البتة من آثار العنف ضد المرأة في المحيط الخارجي وخاصة في اماكن العمل.
الوسائل الكفيلة بالحد من ظاهرة العنف ضد المرأة في العراق :-
1- تشريع قانون خاص يتضمن جزاءات رادعة ضد مرتكبي العنف ضد المرأة دون تمييز في الوسط الذي يقع فيه العنف (العنف في الوسط الداخلي او الوسط الخارجي).
2- اعادة النظر في القواعد القانونية الني تخص موضوعة العنف ضد المرأة سواء ما ورد منها في قانون الاحوال الشخصية النافذ ذي الرقم 188 لسنه 1959 او قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، ومن الامثلة على تلك القواعد القانونية ما يلي:
أ- ما ورد في نص المادة 398 عقوبات والتي تتضمن (اعتبار الجناية التي يرتكبها المجني عليه عند قيامه بفعل مواقعة انثى بغير رضاها عذرا مخففا اذا عقد زواج صحيح بينه وبينها). مما لا يمكن عد ذلك ردعا لمرتكبي جرائم الاغتصاب وهتك العرض، بل ربما يقود الى تمادي ضعاف النفوس. وكان من الاجدر بالمشرع تشديد العقوبة لمرتكبي افعال الاغتصاب وهتك العرض .
ب- ما ورد في نص المادة 409 عقوبات المتعلقة بجرائم (ما تسمى بغسل العار)والتي تنص على (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات من فاجأ زوجته او احد محارمه متلبسا بالزنا او وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال او قتل احدهما ............. الى اخر النص) ولا اريد ان اتحدث عن كيفية استغلال هذا النص احيانا في التخلص من احكام النصوص القانونية للقتل العمد، لكن اكتفي بالقول بان المستفيد من النص هو الزوج دون الزوجة التي تفاجئ زوجها متلبسا بالزنا او في فراش واحد مع شريكته، افلا يجدر بالمشرع معاملة الزوجين سواسية في النص القانوني باعتبار ثورة الغضب لا تختص بالزوج دون الزوجة؟
ج- ان الرابطة الزوجية بدون ادنى شك من الروابط المقدسة التي تبنى على اساس من المودة والرحمة بهدف تكوين الاسرة وتماسكها، وان انشاء الرابطة الزوجية يتطلب البلوغ ورجاحة العقل وحسن التدبير والتصرف بين الزوجين والتي تعد سببا لديمومة تلك الرابطة، وبدونها قد تنتهي هذه الرابطة. ان ما يترتب على انفصام عرى الرابطة الزوجية وانحلالها مشاكل عدة يمتد اثرها بالأساس على الزوجين المنفصلين وعلى ابنائهما بالدرجة الاساس، كما ويمتد اثرها بدرجة اخرى على عائلة الزوجة المطلقة من الناحية الاجتماعية بحكم الموروث الاجتماعي والاعباء الاقتصادية وتحمل مسؤولية تربية الاطفال. وقد برزت في اروقة المحاكم في السنوات الاخيرة ظاهرة كثرة حالات الطلاق وخاصة بين الازواج دون الثلاثين من العمر، وهي الحالات الاكثر شيوعا، مما يتطلب من المختصين في الدولة وخارجها التوقف عند هذه الظاهرة واثارها الاجتماعية الخطرة والبحث في اسبابها ومسبباتها وايجاد الحلول الناجعة للحد منها، وارى اضافة مادة في قانون الاحوال الشخصية النافذ من شانها اعداد الراغبين بالزواج اعدادا نفسيا وفكريا واجتماعيا قبل ابرام عقد الزواج، ومن شانها الزام طرفي عقد الزواج بإكمال دورة تأهلية ينظمها مختصون وبإشراف الجهات القضائية، وتعد تلك الدورة او الدورات شرطا لعقد الزواج ووضع آليات وضوابط لتنفيذها.
د- اضافة فقرة تضاف الى المادة الاربعين من قانون الاحوال الشخصية النافذ باعتبار ممارسة العنف ضد المرأة احد اسباب طلب التفريق القضائي وامكان اثبات العنف باعتباره واقعة مادية بكافة وسائل الاثبات بما فيها البينة الشخصية. حيث ان اعدادا من الزوجات يتعرضن للضرب المبرح او التعنيف الشديد داخل بيت الزوجية لسبب او لآخر، ويتعذر على الزوجة اللجوء الى مراكز الشرطة او المراكز الصحية لاستحصال تقرير طبي يؤيد واقعة الاذى الجسدي بسبب منع الزوج للزوجة من مغادرة بيت الزوجية او لأسباب نفسية او اجتماعية تحول دون لجوء الزوجة لمراكز الشرطة او المراكز الطبية والافصاح عنها.
3- تفعيل دور الشرطة المجتمعية وتنظيم عملها بما يساهم في حماية المرأة والطفل.
4- انشاء خط ساخن لاستقبال شكوى واستفسارات النساء اللواتي يتعرضن للعنف وارشادهن الى الخطوات الواجب اتباعها من خلال الهاتف.
5- تنظيم حملات توعوية في مؤسسات الاعلام كافه وتضمين المناهج التربوية مواضيع تثقيفية في هذا المجال وتنظيم الندوات وورش العمل في المؤسسات العامة للدولة ومؤسسات المجتمع المدني للمرأة والرجل على حد سواء .
6- دعم المرأة اقتصاديا وايلاء قدر اكبر بالنساء المطلقات والارامل (الفئه الاكثر عرضة للتحرش الجنسي في المجتمع من بين النساء) والزام المؤسسات العامة والخاصة بإنشاء دور حضانة متطورة تلبي حاجة اطفال العاملات في تلك المؤسسات وتنظيمها بقرارات ملزمة من الدولة.