المنبرالحر

هذا زمن الطاعون .. !! / صادق محمد عبد الكريم الدبش

متشحة بالسواد !... حبيبتي وقدري !...
هكذا يحلو لها أن أناديها !.. وهي كما لو أنها حقيقة كونها قدري ، وكأنها مُنَزًلَةٌ عليً..
فهي حاضرة في كل شاردة وواردة !.. ومثل ما يقولون في المثل الشعبي العراقي ( كاعده ألي .. جك وجارك !، ولكن بالحقيقة أنا لا أعرف أصل هذا المثل ولماذا أُطلق وما هي المناسبة ؟ ) ..
المهم فهي تتدخل في ما يعنيها وما لا يعنيها !.. فأطلقت عليها ( هل أنت قدر مقدر عليً ؟ ) فقالت هو أنا كذلك !
المهم جاءت هذه الليلة ومن دون مقدمات وبلهجة لا تخلو من الصفاقة وقلة الذوق وبشيء من الجفاف والجفاء واللياقة !..
لماذا أنت جاهل أحمق ؟.. وفاقد للذاكرة .. ولم تتعلم من الحياة ومن دروسها ، وتتعامل مع الأُمور بغباء وجهل ، وغياب بصرك وبصيرتك يا هذا ؟؟
بذهول لا يخلو من تنفرز وعصبية شديدة لم أُبداها كردة فعل !.. ولكنها كادت أن تتفجر بركانا بوجهها !.. لولا رباطة جأش أسعفتني وقتها !.. لتحولت تلك اللحظات الى كابوس مرعب !.. كادت أن تنتهي تلك العلاقة الحميمة الى خصومة وقطيعة وانفصال أبدي !..
أنا أسفة يا قدري المقدر !...
أَرْسَلَتْها بِرِقًةٍ وَعُذوبَةٍ لا تخلو من عاطفة حنونة دافقة بالحب والتأمل ..والتصابي !!
تشعرني كونها حبيبة أبدية !.. وغير مكترثة بِرَدًة الفعل التي ربما ستكون عنيفة ، نتيجة تهورها بعض الشيء !!
ماذا دَهاكِ .. يا قَدَري ؟
فَبادَرَتْني ... قائلة !
ما لكم .. والإسلام السياسي ؟
وماذا تعتقدون في تغريدكم في حاضرته ؟
وماذا سيقدم للناس ؟
وما كَسِبَ الأخرون كل هذه السنوات ؟
وهل سيتحولون بقدرة قادر الى حمل وديع ؟ .. بعد أن كانوا ضباع وذئاب وكواسر ؟
وماذا والانتخابات ؟.. كيف يمكن أن تكون هناك انتخابات ( ديمقراطية .. وشفافة .. وعادلة ونزيهة ) ؟
وقد فصلوا كل شيء على مقاسهم !.. ( قانون انتخابي مازال في علم الغيب ، أو يمكن أن تتم الانتخابات على قانون 2014 م مع بعض التعديلات الطفيفة !.. ومفوضية غير مستقلة ومنحازة وتمثل الأحزاب الحاكمة والمتنفذة !.. والسلاح المنفلت والميليشيات التي هي جزء من النظام الحاكم وأحزابه الطائفية !.. والمال السياسي الذي بين أيديهم ، وهو جاهز بأن يفعل فعله في التدخل لصالح الحيتان الفاسدة والمُفْسِدة والمتنفذة !.. وقانون أحزاب لا يراعي الشروط الوطنية والعدل والإنصاف !.. وغياب قانون من أين لك هذا !... فكيف لكل هذه المعوقات والموانع ؟.. أن تجري انتخابات عادلة وتنتج مجلس نواب يمثل إرادة الناخبين ويشرع قوانين لصالح الناس ويراقب نشاط مؤسسات الدولة والحكومة وغير ذلك ؟ .. فهل هذا معقول يا حبيبي ؟.. وهنا لا أُريد تبريرات وتعليلات !.. أُريد أَجوبة مقنعة ووافية ، مختصرة ومفيدة !!
أسمعي حبيبتي !... هدئي من روعك !.. واستعيدي توازنكِ ، ولا تتعجلي في إصدار الأحكام جزافا !
نحن لن نغرد في حاضرة احد !
ولم نستقل عربتهم ولم نسلك سبلهم !... ولم نجلس يوما خلف موائدهم !... ولم نسير في ركبهم ولا ركب غيرهم !
نحن منذ أن نشأنا ولليوم وسنبقى كذلك ، نسير في حاضرة شعبنا ووطننا وحياضه !
وموقفنا من قوى الإسلام السياسي وأحزابه الطائفية والعنصرية والمعادية للديمقراطية وللحقوق وللحياة واضحة ولا تشوبها شائبة !
ولكن هذا لا يمنع أن نلتقي معهم في التحاور والبحث عن أي شيء مشترك ، معهم أو مع غيرهم ، وبيع بضاعتنا إليهم فإن راقت إليهم فهذا خير وكرامة ، وإن لم نصل الى غاياتنا فهذا شأنهم ، ومن واجبنا بأن نصغي إليهم ولغيرهم ، ولما يطرحون ؟!..
هكذا هي السياسة كونها فن الممكن ، والسهل الممتنع !.. ولا توجد مواقف مسبقة في التعاطي مع الأفكار والطروحات ، ومع ما يستجد ، وما يجب أن يكون !.. وما هو ممكن .. وما هو غير صالح في الوقت الحاضر !.. وهذه هي سياستنا التي نعلنها جهارا نهارا ، ونحن لا نخفي شيء !.. ولا نخجل من الذي نعتقد وما نراه ، وما الضير في ذلك ؟
أما ماذا قدموا ؟.. وماذا سيقدمون ؟.. فهذا أمر مختلف !..
فقد بينا وبالتفصيل الممل وبإسهاب ووضوح وتبصر ، وبرؤيا تنم عن بصيرة وفهم لما يجري حولنا ، وندرك الحيز الذي يتحرك به النظام السياسي وقواه المتسلطة التي تتحكم بمصائر العراق ومنذ عقد ونصف ، ومحدودية هذا الحيز ( فكريا وسياسيا وتنظيميا ومعرفيا ، وندرك مدى تعارض نهجهم مع حركة الحياة ومع الحقوق والحريات ، ومع حقوق المرأة والثقافة والفنون ) ، وندرك تماما سلفية تفكيرهم وأُحاديته ومحدوديته وإلغائه للأخر !.. هذا كله وأُمور أُخرى ندرك كُنْهَها وتعقيداتها ، وندرك صعوبة وجود المشتركات التي تقربنا من بعضنا في مجمل العملية السياسية ، والسبب في ذلك هو رؤيتهم القائمة على نمط تفكيرهم وفلسفتهم المقولبة والجامدة ، واللاغية لكل من يختلف معهم ، وهو السبب في استحالة الاتفاق على الخطوط العامة لبناء الدولة ؟
وهذا لا يمنعنا من العمل مع كل أطياف المشهد السياسي ، بكل الوانه ومسمياته وانتماءاته المختلفة ، ولا نخفي حقيقة صعوبة العمل ومعوقاته والمخاطر وتبعاته ، وما قد يعتري البعض من مأخذ علينا ، كون ما يربطنا بالنظام الحاكم وقواه السياسية ، سوى شيء مهم ، كوننا جزء من المشهد السياسي ومن العملية السياسية ، وجزء فاعل وَبَنًاءٌ وَمُهمِ ، ولنا حضورنا وتأثيرنا المباشر على الساحة العراقية !..
ونحن نتعامل مع من يختلف معنا في رؤيته وموقفه من مجمل العملية السياسية ، داخل المشهد السياسي أو خارجه ، ونحترم كل من له رأي مخالف لرؤيتنا ، ومع مكل ما نراه وما نعتقد ، أُكرر .. جل احترامنا وتقديرنا لكل رأي يخالف موقفنا ورؤيتنا لمسار وتطور المشهد السياسي وتركيبته ومساراته ، وما يفرزه من جديد .
ونحن نجدد مواقفنا ونبني سياساتنا ، ونحدد رؤيتنا وفق المنظور العلمي للفلسفة الماركسية وقوانين التطور الطبيعي للمجتمع البشري ، وتطور قوانينها وعلومها ، بما لا يتعارض مع الواقع المعاش وما يفرزه الحراك المجتمعي وما يحيط من مؤثرات ومستجدات إقليميا ودوليا ، من خلال هذا الواقع وهذه الرؤيا ، نرسم سياساتنا ونحدد نهجنا وبرامجنا ، بما يتفق مع مصالح شعبنا ووطننا .
والأكثر من كل ذلك وعلى طول مسيرتنا المجيدة والمعمدة بالدم ، وما اعترضها من معوقات وعثرات وتراجعات وهزائم ونكسات وعبر!.. نُقَوِمُ عمل منظماتنا ونشاطها على امتداد الوطن الفسيح ، ونحرص على الدوام أن يكون حزب يمثل طموح الناس ، ونعيش وسطهم وفي قلوبهم كما هم يعيشون في عقولنا ونفوسنا ، ونحرص على أن نتسابق أليهم ونتحسس معاناتهم ، ونعيش همومهم وألمهم ، ونسعى بكل ما أُتينا من قوة وقدرة وإمكانات ، عبر الوسائل المتاحة وما نطور من وسائل تساعدنا على تبني كل ما يرفع الحيف عنهم ، ونستمد قوتنا من ملايين الكادحين والمحرومين من شغيلة اليد والفكر ، كوننا حزب الكادحين والفقراء والمحرومين قولا وعملا ، وكل الوطنيين والتقدميين والشرفاء في هذا الوطن ، بكل ألوانه وأطيافه واعراقه وأديانه ومنطقه .
بكل فخر واعتزاز ، نعبر الملايين من أبناء شعبنا ، وندافع عن مصالحهم وتطلعاتهم ، ونحمل همومهم ونسعى لتحقيق أهدافهم في الحياة الحرة الكريمة والعيش الرغيد .
نحن لسنا حزب نخبة كما يحلو للبعض بنعتنا واتهامنا بالابتعاد عن الجماهير !.. والتبجح بذلك !.. وهذا يجافي الحقيقة ؟.. ونعتنا بنعوت وافتراءات بائسة وخائبة ومظللة !..
نحن من هؤلاء الكادحين ، نتعايش مع هذه الملايين ، ونعيش في حاضرتهم وفي وسطهم ، ونحتمي بدفئهم محبتهم وتعاطفهم ، وقوتنا نستمدها من هذه الملايين ، التي نَتَصَدًر نضالاتها .. ولنا شرف قيادة نضالاتها والذود عنها وعن طموحاتها ، ونفديها بالنفس والنفيس !
وما ضعفت عزيمتنا ولا فُتْ عضدنا ، ولا استكان الأوفياء منا ، وما بخلوا في التضحيات والعطاء على طول مسيرتهم الظافرة ، الذين سطروا عبر هذا السفر الخالد ملاحم البطولة والفداء والنبل والمروءة والعطاء .
إن الوقوف الى جانب هؤلاء الوطنيين والشرفاء والمناضلين والمخلصين والشرفاء ، ودعمهم ومساندتهم ، وشد أَزرهم ، لهو واجب وطني وأخلاقي يصب في صالح بناء دولة المواطنة ، وهو انتصار لشعبنا وقضاياه العادلة ، وتمثل في جوهرها الوطنية الحقة ، وهو الطريق والسبيل للتحرر من العبودية والظلام الذي يخيم على وطننا منذ عقود !
وهذا للا يمكنه ان يكون كذلك ، ويكون بإمكاننا التخلص من تبعاته ، إلا بتحرير العقول من عبوديتها ومن تبعيتها لِمُسْتَعْبِديها ، الجاثمين على صدورهم ، سارقين البسمة والفرح والسعادة من هذه الملايين .
يجب التخلص من الذين سرقوا وطننا واحاله الى ركام ، الذين جوعوكم ويتموكم وهجروكم ، الذين زرعوا الكراهية والعنصرية والطائفية السياسية ، ومزقوكم جماعات وشيع وطوائف ومناطق ، ليعيشوا على ألامكم ودموعكم وتعاستكم وبؤسكم وحرمانكم وفقركم !
فلا تستكينوا ولا تهنوا ولا تضعفوا !
إنهضوا لنصرة الشرفاء النزيهون والوطنيون ، وانفضوا أيديكم من مُستغِليكُم ْ ، وَقِفوا مع من يعمل على تحطيم القيود التي كبلوكم بها منذ سنوات !..
انهضوا وحطموا الأصفاد والسلاسل والقيود ، ولا تسمحوا ثانيتا للجلاد أن يستمر في أَسْرِكُمْ وتدميركم !
انهضوا ودافعوا عن حقوقكم وعن حريتكم وكرامتكم ومستقبلكم ومستقبل أولادكم ، فنجاتكم في نيلكم حريتكم ، ولا تستسلموا ولا تخنعوا فتعودوا لعبوديتكم ، وهو يعني هلاككم ودماركم .
أما عن الانتخابات وما يتعلق بحيثياتها ومعوقات إجرائها كممارسة ديمقراطية ، والتي لها نتائج مؤثرة على حياة الناس وعلى مستقبلهم وبناء دولتهم على أُسس صحيحة ، تحقق العدالة والمساوات ، وتحقق الأمن في ربوع الوطن .
فنحن ومعنا كل القوى الوطنية والديمقراطية ، من المدنيين والعلمانيين ، والمتحررين من الفكر الرجعي والسلفي والظلامي المتحجر ، والجميع يسعى لتوفير كل مستلزمات قيام انتخابات حرة وشفافة ونزيهة وعادلة تمثل إرادة الجميع .
ولكن الجميع يعلم بأن القوى المتنفذة والحيتان الكبيرة ، من الفاسدين والطائفيين ، هم الممانعين من إجراء الانتخابات العادلة ، من خلال توفير شروط قيامها بشكل سليم ، وما زلنا لم نَكِف عن ممارسة كل الضغوطات على هذه القوى لتعديل مسار العملية السياسية وأولها الانتخابات النزيهة والشفافة .
حبيبتي مخلصا أقول .. أتفهم قلقكِ وحرصك ومحبتكِ !.. ولكن الحال من المحال ، ولن نفقد الأمل في السعي لتعديل مسار العملية السياسية ، في سبيل إعادة بناء الدولة وتحقيق العدالة والمساوات ، وتحقيق الأمن والسلام على ربوع وطننا .
هل لديكِ شيء تُضيفيه سيدتي ، وردا على ما ( نَعْتُكِ .. كوني جاهل أحمق !.. وفاقد للذاكرة !! ) لا تكمل يا حبيبي !..
هكذا قالت لي وبشيء من الخجل مقرون بأسف عميق !.. وعيونها تشير الى رغبتها بوقوعها مستلقية بين جناحي ، منعها من ذلك التحاور المقترن بالجدية والحدة والتنابز والمناكدة والتفكر !..
لا عليكِ حبيبتي وقدري ، فقد تَعَودْتُ على مطارداتك وهمساتك ومداخلاتك الثوروية المملة !.. والمشوقة والجميلة أحيانا أُخرى .
صحيح لم يكن لقاءنا رومانسيا كما عَوًدَتْني في أغلب الأحيان !.. لكنه لا يخلوا من لحظات حميمة وصادقة ، كنا نبعثها لبعضنا الأخر ، وتنادمنا مثل تَحاوِرُنا ، شجن وحب وعشق وهيام ، وقبله تخاصم وعِراك وتنابز الاتهامات والألقاب ، ولكن من دون تباعد وقطيعة وهجران .
فقالت لي !.. وبعذوبة عاشقة .. مغرمة .. حائرة !
أليست هكذا هي حقيقة الحياة يا رفيق عمري و أملي وقدري المقدر ؟
قلت لها بلا .. يا منية القلب ويا همسات العقل ووجدان النفوس الحائرة !.. و يا قلبي الحزين .