المنبرالحر

سيناريوهات ا لخدمة الجهادية ( 2) / مسلم يعقوب السرداح

صدام حسن يستدعي شيوخ عشائر البصرة الى احد قصوره الرئاسية في اواخر العام 1991 و ذلك بعد الانقضاض على انتفاضة العراق التي ابتدأت من محافظة البصرة ، مدينة ثورات الله الرائعة ، في ذلك العام لينتهي كل شيء.
شيوخ العشائر يتجمعون في احد البساتين المحيطة بأحد القصور الرئاسية الفخمة للرئيس صدام حسين.
شيوخ العشائر وعددهم يتجاوز المائتين ينتشرون في حدائق القصر بانتظار السماح لهم بمقابلة السيد الرئيس حسب سيناريو الدعوة الموجهة لهم وبانتظار مقابلته.
كانوا يؤملون انفسهم بالمن والسلوى.
لمدة ثلاثة ايام وهم تائهون في حدائق القصر اشبه بضياع اليهود في شبه جزيرة سيناء.
كانوا يمنون انفسهم بالمن والسلوى في بداية الامر . لكنهم بعد ذلك بدأوا يتضورون جوعا.
في بداية الامر كانوا يتباهون بانهم سيقابلون السيد الرئيس . ولكنهم ومع الوقت راحوا يتمنون ولو اللقاء مع عزة الدوري او من ثم ولو كسرة خبز يتقوتون بها قبل ان يقتلهم الجوع والعطش.
ثلاثة ايام بلياليها وهم بلا اكل ولا ماء حتى راحوا يمنون انفسهم في الهروب من هذا الواقع الذي وضعوا فيه قسرا ولكن دون جدوى
ضاعوا تحت مرأى ومسمع كاميرات التصوير ليضحك من منظرهم الرئيس نفسه وحاشيته من الشامتين.
بعد 72 ساعة من الحالة اليائسة ، تأتيهم البشارة ان سيادة الرئيس بانتظارهم اليوم على الغداء.
لقد فرجت اذن وسيطعمهم الرئيس وسيكرمهم وسوف يتمتعون برؤية صورته وطوله.
قبل الدخول الى القصر الكافكوي ورؤية الرئيس ومقابلته من ثم ، كان عليهم الذهاب للحمامات والاغتسال . تم لهذا الغرض توزيع الملابس العربية على كل واحد منهم . وتم تفتيشهم جيدا وتم تغطيس اياديهم وفركها بمادة مطهرة من الجراثيم والاوساخ ، او من السموم التي قد تنقلها اياديهم الى يد السيد الرئيس ، وادخلوا من ثم في ايوان طويل صفت فيه موائد طويلة من الطعام الشهي الرئاسي ما يكفي لألف من الرجال الجائعين ، وهم الذين اطلقت عليهم تسمية شيوخ التسعينات ، البعثيين.
اجلسوهم على الكراسي المخصصة مع توصية حذار من الاكل قبل ان يأتي الرئيس ويسلموا عليه واوصوهم بما هو مسموح لهم:
عدم تقبيل خد الرئيس لان ذلك غير مسموح به -
. تقبيل يديه والتمسح بأكتافه مسموح -
-عدم مد اياديهم الى الطعام الا حين يأذن الرئيس لهم . وحين يسحب يديه من الاكل ويقول الحمد لله تنسحب كل الايادي . وحذار من مخالفة الاتيكيت او سرقة الملاعق الثمينة ، فالكاميرات مفتوحة.
كل ذلك هين ولكن متى سياتي السيد الرئيس ؟ لقد تمنى كل واحد منهم امنية ان تبتدئ القيامة او يحدث مكروه لهم او للرئيس فتنتهي مأساتهم
واخيرا وبعد ساعة تساوي قرنا من الزمان يأتي الرئيس
وبعد السلام والتحية . وحياكم الله وحيا البصرة وعشائر البصرة
قال الرئيس " يلّا شباب ، بسم الله " ومد يده لتمتد الايدي ولكن بعد لقمتين صغيرتين ، يسحب الرئيس يده ويقول " الحمد لله " فتنسحب الايادي الجائعة على مضض وكانوا يتمنون الموت ولا هذه اللحظة فاكل السيد الرئيس شهي وجوع ثلاثة ايام بلياليها لا تكفيه ساعتان من الاكل وهم لم يأكلوا سوى لثواني.
نهض السيد الرئيس ليغسل يديه وقاموا هم كذلك . غسلوا ايديهم ومن ثم اُجلسوا قبالة الطعام ليشربوا الشاي.
يشربوا الشاي على ماذا وهم مقتولون جوعا والطعام الرئاسي قبالتهم ؟ ولكن هكذا شاءت الاقدار وفي هذه الاثناء ادخلت الكلاب البوليسية ، لا لتآكلهم ولكن لتأكل طعام الرئيس
- ولقد تمنينا ان نكون نحن الكلاب في تلك اللحظة . هكذا حدثني الراوي
حين شبعت الكلاب اخرجت من الباب الذي دخلت منه . ونحن ننظر ونتضور جوعا وياسا
اثناء اكل الكلاب كنا ننظر للطعام وكان الرئيس يتفرس في وجوهنا ويبتسم منتشيا بانتصاره وهزيمتنا امام الطعام والكلاب
بعد ان ذهبت الكلاب وبقايا الطعام لاتزال امامنا راح الرئيس يتكلم:
قال لنا كلمات لا اتذكرها جيدا كلها بفعل الجوع . ولكني اتذكر انه سبنا وسب البصرة واهاليها وعشائرها ، وشيوخها وقال :
ارتأيتم تلك الكلاب انها اشرف منكم ومن ابائكم واجدادكم ايها الانذال . ثم اضاف -
- والله لو تثور في البصرة طلقة وحدة بعد اليوم انعل والديكم ووالدين البصرة وأهله وعشايركم . يلا ولوّ هسة وخليّ حاضركم يخبر غايبكم.