المنبرالحر

ياصبايا الفراتين.. صبراً! / عدنان منشد

ثمة كذبة كبيرة في هذا الوطن تدعى بمشاريع الصرف الصحي والانابيب الناقلة للمياه والمجاري في العراق، فبعد أول زخات المطر منذ الاثنين الماضي في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب غرق العباد والبلاد تحت عنوان الاهمال والتقصير في اداء العمل الخدمي في المحافظات المذكورة. والمسألة في تقديري تتحملها الرئاسات الثلاث وامانة بغداد ومحافظتها، فضلاً عن وزارة البلديات الاتحادية وعموم المجالس البلدية في المحافظات المنكوبة. والمضحك المبكي ان تأتي كافة التصريحات الرسمية بلاغية ذات طابع سوريالي، لا تنطوي على اي معنى، بعد ان هدم العديد من المنازل وشرد الكثير من العوائل، مع خسائر مادية في المدارس والمستشفيات ودور العبادة من خلال معاينة هذه المآسي عبر شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي. والمؤلم ان يرافق هذه النكبة المطرية موجة تفجيرات دموية لتحصد الكثير من ارواح الابرياء واصابة المساكين الذين نجوا من غضب الطبيعة، ليواجهوا خطر الارهاب الذي يعشعش في هذا الوطن منذ عام التغيير في عام 2003 وحتى اليوم.
والمؤسف ان هذه المشاهد المروعة لضحايا الامطار والسيول والتفجيرات الارهابية قد ترافقت مع تصريحات المسؤولين المشوشة، وجميعها تصب في التكتيك لحظوظها الانتخابية القادمة وبشكل سقيم، كي تدعم سلامة موقفها الخدمي والعمراني، خاصة وانها تراهن على عمل الشركات المحلية في ظل عزوف الشركات الاجنبية عن القدوم الى العراق تحت مسمى هشاشة الوضع الامني وغياب قانون الاستثمار. وكنا نأمل من رئيس الوزراء في اطلالته الاخيرة الاسبوع الماضي ان يشعرنا بالثقة في الحاضر والامل في المستقبل، لكن خطابه جاء مخيباً لعموم العراقيين، حينما اتهم خصومه السياسيين بتخريب المجاري وملفات البنى التحتية، كأنه يسعى الى الضرب تحت الحزام لكافة هؤلاء الخصوم، وكأنه يريد تقليص حظوظ الآخرين ايضاً من خلال اتهامهم بالاستغلال الانتخابي للنكبة الفيضانية الحالية في نزولهم للشارع وارتداء بدلات العمل الزرقاء.
منذ سنوات والحكومات المحلية تتبجح امام وسائل الاعلام بأنها انفقت الملايين من الدولارات على شبكات الصرف الصحي والانابيب الناقلة لمياه الامطار، الا ان واقع الحال يكاد يكذب تلك التبجحات، ويتهمها بالزيف والبطلان، فما ان حل المطر الاول في الاسبوع الماضي على الشارع العراقي، حتى تهدمت البيوت على رؤوس ساكنيها واصبحت الشوارع والاسواق والساحات والجزرات الوسطية لاتحتاج إلا الى زوارق مائية.. فأين تلك الاموال، ومن المسؤول عن تلك الخسائر التي تكبدها الاقتصاد العراقي رغم ميزانياته الانفجارية. فمن يعوض المواطن العراقي عن الاضرار التي لحقت به..؟!
أخيراً، من المخجل أن نقول: ياصبايا الفراتين، صبراً،.. لكنَّ النهرينُ والفخُر!