المنبرالحر

اين نحن من هؤلاء/ زاهر نصرت

تعد الدول الآسيوية اليوم احدى القوى العملاقة في عالم الاقتصاد بما أحرزته من تقدم في مجالات عدة كالصناعة التي أصبحت منافساً قوياً لأكبر الدول تقدماً في العالم ومع ذلك تمتلك مفتاح السر في نجاحها وهو عقلية الانسان الآسيوي وكيف يفكر الى ان وصل الى هذه الدرجة من الرقي والتقدم .
اذا اخذنا امبراطورية اليابان كمثال يحتذى به في التقدم فنجد ان الوقت يعتبر عندها شرطا ضروريا في حياة مواطنها فهو لا يتأخر عن العمل او الدراسة ويتفانى في أداء واجبه حتى ان احد المفكرين المهتمين بالشأن الياباني قال (( لو كان الفيلسوف الفرنسي ديكارت موجوداً لأستبدل ما قاله " انا افكر اذن انا موجود " بمقولة أخرى تنطبق على الشعب الياباني " انا اعمل اذن انا انسان " )) ، ولأن الياباني الذي لا يعمل لا يشعر بأنه انسان وانقلب عندهم النزاع الى نزاع بين دولة تلح على العمال ان يتمتعوا بعطلهم السنوية وعمال يصّرون على العمل مما مكنهم من النجاح في جميع المستويات واصبحوا مصنفين من بين الدول الأكثر تقدماً في العالم وكل هذا من اجل مسابقة الزمن ، هذا الشعب الذي آمنَ بقيمة الحياة فخضع لفطرتها النقية في حب التقدم وكانت معجزة اليابان جديرة بالاحتذاء .
وعندما نتحدث عن جمهورية الصين الشعبية فأننا نغرق في مفارقات الزمن من دولة عانت المجاعة في ستينيات القرن الماضي واستطاعت بحكمة شعبها وطاقته الخلاقة ان تتقدم بخطى ثابتة من حافة الفقر والمجاعة الى مقدمة الدول العظمى في احتلال المراتب المتقدمة عالمياً في الاقتصاد والتطور التكنولوجي فقد احسنت استغلال القوى البشرية الهائلة الى قوى منتجة بدلاً من ان تكون عبئاً استهلاكياً وصدق حينما قال القائد الفرنسي نابليون بونابرت " الصين مارد نائم اذا استيقظ هزَ العالم " .
لقد تأثرت بقية الدول المجاورة مثل كوريا الجنوبية وتايوان وهونك كونك وسنغافورة بما وصلت اليه هاتان الدولتان ، فَسرُ نجاحها يكمن في احترامها لعامل الوقت حتى اصبح شرطاً اساسياً في نمط حياة شعوبها ، ولعدم ادراكنا نحن العرب لقيمة الزمن تأخرنا في مسايرة ركب التقدم الذي وصلت اليه الشعوب التي آمنت بقيمة الوقت واستثمرته لصالحها رغم ما عانته سابقاً من ويلات الاستعمار من جهة ودمار الحروب من جهة أخرى فنهضت تبني لنفسها مكاناً في المعمورة وتعلن عن حقيقتها وقوتها العظمى في أعماق الانسان فيا ليت قومي يعلمون كيف يفكر الآخرون حتى ندرك ما فاتنا في زمننا هذا الذي نردد في نفوسنا وكلها حسرة " اين نحن من هؤلاء " .