المنبرالحر

«أبو فرهود» / إبراهيم الخياط

لما افتتح الملك فيصل الأول صفا في الكلية العسكرية خاصا بأبناء العشائر من غير خريجي الدراسة (الثانوية)، لم يكن من العقيد التكريتي مولود مخلص المتنفذ آنذاك إلا أن يجمع عددا من أبناء مدينته ليدخلوا الصف، ومنهم كان طاهر يحيى الذي يصفه طالب شبيب: (ان طاهر يحيى لم يكن يستطيع كتابة سطر واحد).
ساهم طاهر يحيى بدور أساس في حركة عبد السلام عارف ضد البعث فكافأه عارف بتكليفه تشكيل الوزارة، واشترى الكثير من اسهم الشركات العراقية الاهلية، فعلى سبيل المثال لا الحصر اشترى 500 سهم في شركة العاب بغداد، وسجل الاسهم باسماء أبنائه للتخلص من مصادرتها اذا ما تغيرت الأحوال ويقال ان ثروته بلغت 30 مليون دولار امريكي جمعها من عمولات الصفقات البترولية.
واثر توقيع اتفاقية (ايراب) الفرنسية وانتشار اللغط عليها وجه بعض الضباط إلى الرئيس عبد الرحمن عارف إنذارا شديدا بضرورة اعفائه من منصبه ومحاكمة وزرائه بتهمة الإثراء غير المشروع على حساب الشعب وتشويه سمعة الحكم، لأنه قبض وفق رواية الضباط رشوات وعملات لقاء الموافقة على العقد.
ولما سئل المدير المفوض لشركة الكوكا كولا في بغداد عبد الواحد زكي عن امتلاك طاهر يحيى أسهما كثيرة في الشركة، أجابهم حتى الرئيس عبد السلام عارف يملك أسهاما فلماذا تسألون فقط عن طاهر.
اعتقل في تموز 1968، وفي معتقله كان المحققون يعقدون جلسات للتسلية معه، حيث كان يؤتى به ويربط حول وسطه حزام ويطلبون منه الرقص ويقوم بالمهمة أمام المعتقلين الآخرين، اما البعثيون المسؤولون فيضحكون!! وبعد حين أطلق سراحه ليعتكف بداره حتى وفاته عام 1986 فدفن في مدينته، ولم يبق من أثره سوى اللقب الشعبي الشهير «أبو فرهود».
وقيل انه كان يتجول فوقف عند «كبابجي» وطلب تكة وكبابا وبينما هو ينتظر أخذ يتحدث مع «الكبابجي» سائلا إياه (شلون الشغل أبو فلان؟) فأجابه دون ان يعرف ضيفه: (الحمد لله، لكن إشخله علينه أبو فرهود.!!، أشو أدك ليل نهار وما جايب الراس عالراس!) فقال له طاهر يحيى: (زين وشنو دخل أبو فرهود بشغلك !!).. فقال «الكبابجي»: (عمي الله يخليك، من أبو فرهود يبوك من فوك، ويشتري سينما النصر ومدينة الألعاب، يكوم اللي وياه يفرهدون، حتى توصل لبايع الخرفان!! فأكوم آني ازيّد السعر، لأن هي سمجه وخايسه من راسها!!).
وهنا سأل عن الحساب، حينها انتبه «الكبابجي» انه يكلم طاهر يحيى بحق وحقيق فتلعثم وقال له: (سيدي سامحني آني ما اقصدك، لكن الناس الله لا ينطيهم همه اللي يحجون!!).
واذا كان الملك قد أسهم بتقديم أبو فرهود واحد فاليوم، اذ تقرر وزارة التعليم العالي معادلة شهادة الطلبة الحاصلين على شهادات جامعية (أولية وعليا) قبل حصولهم على الشهادة الاعدادية وتدعوهم ـ الان ـ الى الاشتراك في امتحانات البكالوريا للحصول على الشهادة الاعدادية حتى لايبقى نقص في ملفاتهم، فحتما أن الآباء سيكونون كثراً للمسكين «فرهود».