المنبرالحر

مضمون بلا شكل !/ طه رشيد

اخيرا تم افتتاح قاعة « كولبنكيان ، المتحف الوطني للفن الحديث « في ساحة الطيران، بعد اهمال دام اكثر من عشر سنوات. واستغرق تأهيل القاعة وقتا طويلا وجهدا كبيرا بذلته جهات عديدة من اجل ان تكون جاهزة لاستقبال المعرض الشامل بمناسبة انعقاد ملتقى بغـــداد للفنون التشكيلية 1 ـ 3 / 12/ 2013 الذي نظمته دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة ضمن فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية.
وتحمل القاعة اسم سركيس كولبنكيان (1869 — 1955) وهو رجل أعمال أرمني وصاحب أعمال خيرية، كان يتقاضى نسبة خمسة بالمائة من عائدات النفط بفضل دوره المهم في إتاحة حقول البترول في العراق للاستثمار والتطوير. قبل وفاته كان من أغنى رجال العالم ومجموعته من الأعمال الفنية هي من أكبر المجموعات الفنية علي مستوى العالم. يعتبر ملعب الشعب الدولي في بغداد هدية منه بالإضافة إلى مساهمته في بناء مدينة الطب أكبر الصروح الطبية في بغداد.
وتم تشييد القاعة في مطلع الستينيات ودشنت للمرة الاولى عام 1964 . حينها كانت بغداد واحدة من المدن النظيفة والمتألقة وخاصة مركز المدينة الممتد من شارع الرشيد باتجاه شارع ابي نؤاس الموازي لشارع السعدون، مع ملتقى هذه الشوارع الثلاثة في حديقة الامة المحصورة بين الباب الشرقي وساحة الطيران .
كنا نتمنى ان يتم الاهتمام بالبنية التحتية لمدينة بغداد قبل انطلاق المشاريع الثقافية، بما فيها المشروع الاهم : بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013، لكي تكون عاصمتنا مستعدة لاستقبال هذه النشاطات شكلا ومضمونا . وكان منظر قاعة كولبنكيان من الخارج يدعو للغثيان ، فساحة الطيران اصبحت ساحة للقاذورات والمياه الاسنة والضوضاء، ساحة تشبه المدينة التي تخلو من الارصفة. فالباعة الجوالون لم يتركوا مجالا للمارة، بائع اللبلبي والجايجي والمطعم السفري ابو الفلافل وابو الرقي وابو الشلغم وابو العطور المغشوشة وبائع كارتات التلفون ?ابو اللنكة وابو الخردة فروش وابو الحلويات وابو الجرزات، كلهم ينادون بمكبرات الصوت للترويج لبضاعتهم ولم يتركوا الا فسحة صغيرة للدخول الى القاعة . منظر مؤسف لا يعبر باي شكل من الاشكال عن الحركة الثقافية المتطورة في البلد، خاصة اذا ما رفعت رأسك لترى البنايات المتآكلة التي تحيط بالقاعة ، وبأسلاك المولدات المتدلية من كل جانب.
لا بد من التنسيق المثمر والجاد بين كل الجهات المسؤولة عن المدينة كي ترتقي بالمستوى الرفيع للثقافة ولكي لا نضطر، ونحن نرى الوفود التي وصلت الى القاعة تتلفت مندهشة مما حولها ، للقول: اشكد عيب !