المنبرالحر

انتخابات اليوم السابع / ابراهيم الخياط

أعلنت الاخبار أن مكونات الكتل السياسية الكبيرة بدأت حركة دؤوب استعدادا لدخول الانتخابات البرلمانية بشكل منفرد. وذكر برلمانيون أن نظام توزيع الأصوات الانتخابية سانت ليغو المعدل في قانون الانتخابات الجديد ألزم الكتل السياسية الدخول بقوائم منفردة. فيما قال مراقبون أن جميع الكتل تريد أن تعرف بعد الجولة الانتخابية حجم القواعد الشعبية لأندادها اللدودين. فطريقة حساب الاصوات التي أقرت تبدأ من 1.6 وهي لا تصلح للتحالفات الكبيرة ولا للصغيرة، ولذا تجد أغلب الكتل السياسية الكبيرة بل جميعها حسمت رأيها بالنزول في كتل متعددة، إلا أنها ستعاود الاتحاد بعد إعلان النتائج لتشكيل الحكومة وسرط الكعكة. هذا يعني ان هذه الكتل المتشظية ستزاود على الاصلاء وستعزف على أوتار الدستور والقانون والمواطنة والعدالة والحقوق والحريات، لكنها لا تلبث أن ترتدي في ما بعد ثيابها الطائفية والقومية المهلهلة في اجادة تامة لممارسة النفاق السياسي، وللتحلية يسمونه «اللعبة الانتخابية». فحين تكون طريقة احتساب الاصوات حسب الباقي الاقوى تجد الكتل الكبيرة تتجمع وبلون واحد كالبنيان المرصوص، ثم وعلى حسّ طبل الطريقة الجديدة تراها تتشظى وتنقسم مثنى وثلاثا ورباعا، ويتزاحمون حتى لا يتركون محط كتف للكتل التاريخية ونكاية يسمونها «الصغيرة»، ينافسونها على نصف مقعد وهم جالسون على مئات الكراسي الوثيرة. هنا طارت الذكريات بيّ الى ثمانينات القرن الماضي، فقد أصدر ـ حينها ـ الاعلامي الفلسطيني بلال الحسن مجلة «اليوم السابع» في باريس، ونشرت كل جديد ومفيد وممتع. وقدمت على مساحة عدة أعداد حلقات من (حوار المشرق والمغرب) حيث السجالات الثرة بين إسمين ثريين علما وفكرا وسيرة، أولهما هو المفكر المغربي محمد عابد الجابري صاحب ثلاثية «نقد العقل العربي» المترجمة لعدة لغات والتي عارضها جورج طرابيشي بـ «نقد نقد العقل العربي»، والجابري عمل معلما في المدارس الابتدائية ثم أستاذا للفلسفة في جامعة الرباط، وقد كرّمته اليونسكو كونه أحد أكبر المتخصصين في «ابن رشد»، واعتذر عن الترشيح لجائزة العقيد القذافـي (32 ألف دولار) ولجائزة صدام حسين (100 ألف دولار).
والثاني كان المفكر المصري حسن حنفي، وهو أستاذ جامعي وواحد من منظري تيار اليسار الإسلامي. نال الدكتوراه في الفلسفة من «السوربون» برسالتين قضى في إعدادهما عشر سنوات، عنواناهما: «تأويل الظاهريات» و»ظاهريات التأويل». وشغل حنفي منصب نائب رئيس الجمعية الفلسفية العربية، وكان قد انتمى للإخوان المسلمين في الثانوية وزامل المرشد مهدي عاكف. لكنه تحوّل فكريا، وملفه في وزارة الداخلية المصرية مصنف تحت عنوان «إخواني شيوعي». ومن حوارياته الآنفة مع الجابري في «اليوم السابع» لم تزل طرية لمحة حنفي أن راقصات مصر بعد أن يستمتعن بالدنيا وملاهيها وملذاتها، تجدهن ـ بعدئذ ـ يتحجبن كي ينافسن الفقراء والجياع والعراة على الجنة.