المنبرالحر

هل يوجد مانديلا عراقي؟ / طه رشيد

دخل مانديلا التاريخ الانساني بصفته مدافعا حقيقيا عن الحرية، واضعا بصمته الخاصة على نضال لم يعرف الهوادة ، فوضع اسمه بالتالي بجنب الاسماء التي طرزت تاريخنا بخيوط من ذهب ، وقد ساهمت الحملة الاممية لاطلاق سراحه بشكل كبير بالاسراع في ان يمتلك حريته ويتلألأ اسمه مجددا، لا في جنوب افريقيا فحسب، بل في كل ارجاء المعمورة ، وما حصل عليه الزنوج من حقوق هنا وهناك لم يكن بمعزل عن نضال نيلسون مانديلا، وهذا ما دفع الرئيس الامريكي اوباما الى التصريح بانه لولا مانديلا ونضاله لما استطاع ان يكون رئيسا للولايات المتحدة. وبكلمة ادق فان اوباما يريد ان يقول: لما تمكن زنجي مثله من احتلال ارفع منصب في امريكا .
الوجه الآخر لمانديلا، هو كونه بطل المصالحة الوطنية التي جعلت شعبا واحدا، من لونين او عرقين مختلفين، ان يعيشا بوئام بعد عشرات السنين من الاضطهاد والاقصاء. فاذا كانت السلطة الجديدة التي قادها مانديلا بعد خروجه من المعتقل وفوزه بالانتخابات قد فتحت صفحة جديدة، فان الطرف الآخر في المعادلة السياسية والاجتماعية كان مستعدا لقبول هذه الصفحة، والانخراط بشكل حقيقي وصادق في انجاز المصالحة الوطنية، التي لا تعني بالمطلق ان تسكت عن الجريمة مهما اوغلت في التاريخ ! بل لابد من كشفها ومحاسبة المسيء محاسبة عادلة.
يا الهي كم هي شبيهة جنوب افريقيا بالعراق ؟ هذا الشبه الذي يدفعنا لطرح التساؤل التالي:
الا يمكن العثور على مانديلا عراقي او عراقي شبيه بمانديلا فكرا ومشروعا وحلما؟ بكل تأكيد سيكون الجواب بالايجاب، وكل الاطراف السياسية تعرف الجواب، لكنها تتحاشاه لهذا السبب او ذاك . يقولون ان كركوك قنبلة موقوتة وقضية شائكة ومعقدة فاوكل الاشراف عليها للشيوعيين، وحين فقدوا الوزارة سحبت منهم القضية. واستمرت كركوك قنبلة قابلة للانفجار!
اذا " مانديلا العراقي " موجود بيننا، وهو ذاك الذي اثار احترام الجميع وهو من يتحدث عنه الشارع بانه صاحب الايادي البيضاء، التي لا تعرف، لا السرقة ولا الرشوة ولا الفساد، وهو الجامع للطوائف والاعراق والاديان على حب العراق، ومشروعه عراقي، يشمل جهات الوطن الاربعة .
هل استدللتم عليه ؟
لا تسأل الشيوعي او اليساري او الديمقراطي على طائفته او قوميته فانه سوف يتردد كثيرا في الاجابة عن هكذا سؤال، اسئله عن برنامجه فستعثر على كل العراق حين يجيب.
نعرف ان قلوبكم مع هذا العراقي شبيه مانديلا، ولكن النيات لوحدها لا تنفع اذا لم ترتبط بالافعال، وبما ان زمن الانقلابات والدبابات قد ولى وبلا رجعة، فان اصواتكم ستشكل الانقلاب الجديد من اجل عراق متجدد آمن ومتآخٍ ومزدهر بكم ومن اجلكم.