المنبرالحر

في 23/12 من كل عام: قتلوكم، ليس لأنكم مذنبون،بل لأنهم مجرمون!/ كمال يلدو

" تتعاقب السنوات، وتتكرر الذكريات والأحداث في كل عام، ونوجه انظارنا نحو الباب، وحتى مسامعنا، أملا بشئ قادم ملازما لرفيف الهواء، علله أو عللها تطرق الباب، ولي يقين بأنهم لن يضيّعوا العنوان، مالم يكونوا حقا، قد غيبتهم قوى الظلام، قوى التخلف وقوى العداء للأنسان والحرية، عند ذاك سيكون انتظارنا بلا فائدة، وعلينا البحث عنهم في الأعالي، بين النجوم، فوق مساحة كبيرة جدا تسمى في الجغرافيا المعاصرة، ســــماء العراق!"

ربما تكون هذه واحدة من هواجس عوائل الشهداء الذين ازهقت ارواحهم قوى الظلام والدكتاتورية يوم 23/12/1982 كما ذكرت تقارير الأمن العامة والمخابرات، وكما نشرت في موقع الحزب الشيوعي العراقي في تموز 2003.
تعود بنا الأيام الى اواخر عام 2002 حينما اعلن نظام صدام المقبور عن افراغ السجون وأطلاق سراح جميع المساجين، يومها ، حبسنا انفاسنا وأنتظرنا بصبر ثقيل، ان يكون من بين من يشملهم هذا القرار، رفاقنا او زملاؤنا الذين غيبتهم اجهزة المخابرات سيئة الصيت، انتظرنا طويلا، ولم نلق احدا منهم، وقلنا ان النظام يتحفظ عليهم في سجونه السرية، وهكذا عدنا مرة اخرى الى لعبة الأنتظار المتعبة، ودخل الأمريكان، وسقطت المدن، وقلنا انهم سيكشفون سجونه السرية، وأنتظرنا ، وطال الأنتظار، وسقطت بغداد ، وقلنا سيظهرون امام كاميرات العالم ، اليوم او غدا وسيتحدثون لنا عن بطش النظام الدكتاتوري وأجهزته الأجراميىة، انتظرنا وأنتظرنا ولم نسمع ، لا عن سجون سرية ولا عن رفيقاتنا او رفاقنا الذين لم يروا الضوء منذ سنين، نعم لم نسمع شيئا حتى خرجت للعلن عبر موقع الحزب الشوعي أولى قوائم الشهدا في تموز 2003، لتقتل اي حلم او امنية عنهم، كانت الحقيقة مدمرة وأقوى من الخيال. لقد اصبحوا شهداء ا، ومنهم من عرف قبره ومنهم من ظل غير معروف. الا ان حقيقة واحدة لم ولن افهمها، وهي عن اليد التي شاركت في القتل. نعم قد يقولون انهم كانوا ينفذوا الأوامر، نعم نعم ، لكن النظام سقط منذ عشر سنوات ، فمتى ستصحوا هذه الضمائر (التعسة) والتعبانة لتظهر للخلق وتكشف المستور، متى يا وطن ، متى يا عراق؟
اعرف بعض الشهداء حق المعرفة، وأجهل الأكثرية، رغم اني التقي معهم في المبدأ والشعار الذي ناضلوا من اجله. اما في هذا الزمن التعس الذي يعيشه الوطن، فيعمد البعض الى المساومة بين تضحيات الشهداء والراتب التقاعدي او قطعة الأرض، وأنا اقول "تعسا " لكم ايها المرائون السذج، ان احدا من الشهداء لم يساوم على مبدئه مع مجرمي النظام البائد، وقبل بالشهادة امام حزمة الوعود التي تنقصها الكرامة، كيف تعتقدون ان راتبا تقاعديا حقيرا وقطعة ارض بائسة كانت ستكون مرضاة للشهيد! هل ناضل الشهيد من اجل مساواة البصل بفاكهة الشلغم؟؟؟ ام انه ناضل وصمد وأستبسل وأستشهد من اجل " وطن حر وشعب سعيد"! هذه هي الحقيقة ودونها زيف ورياء. اما "تجار" الحكم الجديد، من الذين يبيحون المساومة، فنقول لهم، اتركوا شهداءنا وشأنهم، هؤلاء الشهداء انتصروا لقضية شعب وليس لقضية شلة من الحرامية والمزورين وتجار الدين اصحاب العمامات الخائبة.
نعم، اننا فخورون بشهدائنا الفقراء، ولا نريد رواتبا او اموالا حرام.

تحية لكم احبتي، رفيقاتي ورفاقي الغاليين، فريال عباس السامرائي، انتصار الآلوسي، عبد حبيب، نادية كوركيس، خالد وتماضر يوسف، عبد حبيب،لطيف فاخر، سعد فاضل الدليمي، ابو عزيز ، منير والكثيرين غيرهم، من الذين احببناهم وأحببنا عوائلهم، ونقول لهم لا تحزنوا على شهادتهم، نعم انها خسارة لكم وللوطن، لكنهم دافعوا عن الفكرة الشريفة ، رغم ان العملاء والسراق والمزورين حاولوا تجيير شهاداتهم لهم، لكن وكما يقول المثل:" حينما يسقط الأسد، ترقص على جثته الكلاب، لكن الأسد يبقى اسدا ، والكلب يبقى كلبا" .
محبتي لكم ايتها العوائل الشريفة، ايتها العوائل النظيفة، ايتها العوائل التي لم ترض ان تتاجر بدماء شهدائها كما يفعل بعض الرخيصين. كنت اتمنى دائما، وسأبقى امد يدي لكم بالمحبة والوفاء والصدق. انتم وأبناؤكم لبنة العراق الشريفة والحرة.

و أود ان اذكر مقولة جميلة للكاتب البريطاني اج جي ويلز: "الوطنية الحقيقية هي في الحفاظ على الروح الأنسانية".
عزائي لكم ايتها العوائل الصبورة المباركة، بأن بناتكم وأبناءكم الغالين لم يضحوا بأرواحهم من اجل راتب تقاعدي او قطعة ارض، او حتى يحكم العراق نفر من الحرامية والمزورين العملاء، ابدا. لقد استشهدوا من اجل قضية انسانية لكل الشعب العراقي، ولهذا يحتفل بهم الكل، ويتنكر لهم هذا النفر الضال. وأعلم جيدا بأن ارواحهم الطاهرة لن تستريح حتى تتحقق امانيهم الأنسانية النبيلة في " وطن حر وشعب سعيد" .
عزائي لرفيقاتي ورفاقي الغاليين.