المنبرالحر

مطالب الشعب ومعركته/ جاسم الحلفي

ثمة موقفان لا لبس فيهما، ولا يجوز الخلط بينهما، ولا ينبغي ان يكون احدهما على حساب الاخر.الموقف الاول هو مساندة القوات العسكرية وهي تخوض في محافظة الانبار، احدى المعارك الباسلة ضد قوى الارهاب، متمثلة في ما يسمى الدولة الاسلامية في العراق والشام ( داعش) والقاعدة، التي استباحت الدم العراقي في كل بقعة من ارض الوطن، وحيثما طالت بجرائمها المشينة.
اما الموقف الاخر فهو موقف التضامن مع المطالب المشروعة التي رفعها المواطنون في اعتصامهم المتواصل منذ اشهر عديدة.
ان هدف قوى الارهاب لا يتجسد فقط في تكبيد الشعب العراقي خسائر جسيمة، بشرية ومادية، وفي الايام الى جانب الفساد في اعاقة التنمية والبناء والتعمير، وحسب، انما يتمثل في اسقاط اي توجه نحو الدولة المدنية الديمقراطية، واقامة دولة ظلامية، نموذجها دولة طالبان. ولا اعتقد ان الشعب العراقي الذي يتطلع كغيره من الشعوب الحية، الى بناء نظام ديمقراطي يحترم فيه الانسان وتحفظ كرامته، وتؤمن فيه الحريات ويصان الحقوق، لا اعتقد انه وهو يتطلع الى السلام والتقدم، يمكن ان يقبل بحكم القتله.
من جانب اخر إذا كانت لدى الناشطين السياسيين والمدنيين رؤية لبديل عن نظام الحكم المأزوم بسبب المحاصصة والصراع على السلطة والنفوذ والمال، فان بديلهم هذا هو دولة المواطنة والحقوق المتساوية، الدولة المدنية الديمقراطية. ومن هذا المنطلق ايضا، يأتي تضامن القوى والشخصيات المدنية مع المطالب المشروعة التي يرفعها المواطنون في الانبار، والتي نخص منها المساواة في المواطنة، وعدم التهميش، وتأمين المشاركة السياسية، وتحسين الظروف المعيشية والحياتية، وتامين الخدمات، وذلك عبر الحوار الجاد والمسؤول ودون ابطاء او تأخير او تسو?ف. كما نؤكد ان عدم الاستجابة الى المطالب المشروعة طوال هذه الفترة الطويلة ولد مشاعر الاحباط وعدم الثقة، ووفر مناخات مناسبة لكل من يضمر شرا للعراقيين.
وفي هذه اللحظة الحساسة، ينبغي على الحكومة الاستجابة السريعة والانفتاح على المعتصمين، وتوفير اجواء ايجابية للحوار، وينبغي على المعتصمين مساعدة القوات الامنية في اتمام خطتها لمحاصرة قوى الارهاب وتحطيم قواعدها، وابعاد شرورها.
وكي لا يشيع الوهم يتعين التأكيد على ان الحاق الهزيمة بقوى الارهاب يتطلب، في ما يتطلب، خطة عمل محكمة ومتناسقة في جوابنها السياسية والاقتصادية والمعيشية والفكرية والثقافية والاعلامية، الى جانب الجهد العسكري المهني المنظم والمتكامل.