المنبرالحر

الصخور الثلاث / مرتضى عبد الحميد

من بين ملايين الصخور التي تمتلئ بها كل أرجاء المعمورة، ثمة صخور بعينها اشتهرت، وأصبحت جزءاً من تراث شعوبها.
الأولى صخرة «سيزيف» وهي كناية عن أسطورة للعمل غير المجدي، الذي لا يصل الى نتيجة معينة. الثانية صخرة الروشا في بيروت، وهي على ذمة الراوي تستخدم لمهمتين متناقضتين، هما القفز منها الى البحر وممارسة العاب الماء، أو الانتحار!
أما الثالثة، وما إدراك ما الثالثة، فإنها حقاً ثالثة الأثافي كما يقال وأظنكم قد حزرتم اسم هذه الصخرة المباركة التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه وشبابيكه! أنها صخرة «عبعوب»، هذه الصخرة التي سببت للشعب العراقي كل المآسي، فأغلقت المجاري وعطلت المشاريع الإستراتيجية، بل البنى التحتية كلها، فلا الجسور بنيت ولا الشوارع بُلطت، ولا المدارس أو المستشفيات شيدت، ولا معضلة الكهرباء حُلت بل تحولت الى طلاسم لا نعرف لها أولا ولا آخر، رغم ان المبالغ التي رصدت لها تجاوزت السبعة وثلاثين مليار دولار. ورغم ان وزير الكهرباء ونا?ب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، بل ورئيس الوزراء نفسه، بشروا العراقيين عشرات المرات، بأنهم دحروا الظلام واجبروه على الهروب وطلب اللجوء الى احد البلدان الاسكندنافية، دون ان يأبهوا بأنه (الظلام) سيعاني الغربة في هذه البلد البعيد، وربما أصابه الهومسك بسببهم! المهم من وجهة نظرهم ان ينعم العراقيون بالضياء، ولو شفهياً. كما ان الصخرة نفسها هي السبب، في عدم محاسبة أي من المرتشين في أية دائرة من دوائر الدولة، صغيرها وكبيرها. رغم ان رائحة الفساد المالي والإداري والأخلاقي تزكم الأنوف وتعمي الإبصار. وكم مرة سمعنا وقرأن? بأن مكافحة هذا الغول المرعب تحتل سلم أولويات المسؤولين العراقيين، وان ملفات كبيرة، وجاهزة لإشهارها بوجه هؤلاء الفاسدين، لكن هذه الملفات وغيرها تستخدم على ما يبدو لأغراض أخرى لا يعرفها إلا الراسخون في اللغف والفساد.
ولم نرَ أحدا من هؤلاء عوقب ولو لذر الرماد في العيون، بل ان كبار الفاسدين، من الذين إدانتهم المحاكم المختصة جرى تهريبهم الى خارج الوطن كما يعرف الجميع.
المشكلة التي تواجه الشعب العراقي الآن، هي ان هذه الصخرة المباركة أصبحت مطلوبة على نطاق إقليمي ودولي، والمسؤولون العراقيون متشبثون بها، وفي الفترة الأخيرة دخل على الخط «بان كي مون» الأمين العام للأمم المتحدة، كوسيط للاستفادة منها في بعض الدول المارقة، لتسد لهم مجاريهم وتنغص عليهم عيشهم، وهذه مشكلة ليست صغيرة على الإطلاق كما يبدو للوهلة الأولى، لأننا لا نستطيع إغضاب المسؤول الاممي «بان كي مون» وفي نفس الوقت لا نستطيع التخلي عنها!
إذا كان هو منطق بعض المسؤولين في عراقنا المنكوب «فأقبض حسابك من دبش» أيها المواطن العراقي، ولكي تجبر «دبش» على تلبية حقوقك وتأمين مصالحك، عليك ان تناضل مع بقية إخوانك العراقيين ضد كل هذه المظاهر الشاذة.