المنبرالحر

فلسطين : ثلاثية؛ المفاوضات _ الإستيطان _ الأسرى..!!!/ باقر الفضلي

ثلاث مفارقات في التأريخ الفلسطيني، لها من المدلولات ما تعكس صورة المشهد الفلسطيني على مدى ستة عقود ونيف من النضال الفلسطيني المتواصل بكل حيثياته وأشكاله؛ فمنذ أن دبجت هيئة الامم المتحدة قرارها بتقسيم فلسطين بتاريخ 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947، لم تتوقف معاناة الشعب الفلسطيني، ولم يتوقف نزيف الدم، وما زالت دولة إسرائيل، التي خلق وجودها القرار المذكور، ومن يقف الى جانبها من دول مجلس الأمن وفي مقدمتها أمريكا، تمتنع عن تنفيذ بنود ذلك القرار، وكل القرارات الأخرى التي تتابعت من قبل هيئة الأمم المتحدة، بما فيها قرار تحريم الإستيطان..!!؟(1)

فعلى الصعيد التأريخي، إرتبط طريق المفاوضات، بصفته أحد الوسائل الممكنة، والأفضل في تقريب وجهات النظر المختلفة، بين الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل الى حلول يمكن الإتفاق عليها بين الجانبين، لحل إشكالية النزاع الفلسطيني _ الإسرائيلي، إرتبط هذا الطريق، بمشيئة إسرائيل في تحديد تلك المسارات، التي تصب في مصلحتها، والتي تصل في النهاية الى ان يكون الطريق مسدوداً بمشيئة إسرائيل، نتيجة لتعذر التسليم بشروطها من قبل الفلسطينيين، والتي ما إنفكت إسرائيل، تلغم بها طريق المفاوضات على إمتداد مراحله المختلفة..!؟

ومن المفارقات الغريبة، أن تعيد إسرائيل، وأن تكرر في كل محاولة للبدأ بمرحلة جديدة من المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، شرطها الذي أصبح بمثابة مفتاح موافقتها على الدخول الى طريق المفاوضات؛ والقاضي بضرورة إلزام الجانب الفلسطيني على التعهد بالإعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية، وأخيراً طلب تنازل الفلسطينيين عن حق العودة المقر دوليا..!!؟(2)

ويرتبط " الإستيطان " ، وهو ما جرى تناوله في أكثر من مقالة، يرتبط كإشكالية تلازم طريق المفاوضات حيثما إنتهت أو بدأت من جديد، وفي كل مرة وفي جميع الحالات والمحاولات التي تجهد أمريكا نفسها ومن خلالها، في العمل على تحقيقها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ومن خلال الضغط والإغراءات التي يتعرض لها الجانب الفلسطيني، من أجل التوصل الى تلك الحلول التي تجد قبولاً لدى الجانب الإسرائيلي، والتي ما إنفكت الخارجية الأمريكية، في تفعيلها على الصعيدين السياسي والدبلوماسي المتواصل، تظل إشكالية " الإستيطان " ، تلك " القشة " التي تقصم ظهر البعير، وبسببها أخفقت المفاوضات أكثر من مرة، لتعبر عن عمق التعنت الإسرائيلي، وعن الدعم المستمر للإدارة الأمريكية الذي بات أكثر من مفضوح..!؟ (3)

وما الحديث عن" الأسرى " رغم كل ما يتميز به من جانب إنساني، فلا يخفى على المرء الدور اللاإنساني والذي يتعارض كلياً مع مباديء حقوق الإنسان، والشرائع الإنسانية، الذي تستخدمه دولة إسرائيل كأحد وسائل الضغط المستهجنة، عل المفاوض الفلسطيني، بهدف دفعه الى تنازلات لا مبدأية تصب في خدمة مصالح إسرائيل غير المشروعة والمنافية للقرارات الدولية ، وفي مقدمتها المطالبة بالإقرار الفلسطيني بحالة " الإستيطان "، كحقيقة لا بد منها، الأمر الذي دفع بالجانب الفلسطيني الى إعلان رفضه المبدأي والمتواصل والتأريخي لكل المحاولات الإسرائيلية، في تمرير خططها المرتبطة ب " الإستيطان "، ولعل بيان مركزية فتح، خير ما يجسد الموقف الفلسطيني الواضح بهذا الإتجاه..!!(4)

وفي جميع الأحوال، فليس أمام المرء وفي ظل ما تتعرض له القضية الفلسطينية، من محاولات الضغط والإلتفاف على مصالح الشعب الفلسطيني، إلا أن يقف الى جانب الموقف المبدأي للمفاوض الفلسطيني الذي جسده بيان مركزية فتح المذكور فيما تقدم، وما سبق وأن أشرنا اليه في مقالة سابقة بشأن الثلاثية المقصودة في هذه المقالة لإهمية تعلق الأمر بين المقالتين..!(5)