المنبرالحر

الشهداء الأربعة.. أبعد من الطائفة أقرب الى الوطن/ طه رشيد

لا توجد معارك بدون خسائر، وهذه واحدة من بديهيات الحروب بكل اشكالها، ولكن هناك خسائر تكون موجعة للقلب والروح على حد سواء، ومنها سقوط الجنود الاربعة مؤخرا في الانبار، بطريقة غدر خسيسة لا يقبل بها اي انسان يمتلك ذرة من ضمير.. الجنود الاربعة سقطوا في فخ نصبه لهم اعوان من "داعش"، وهذا الفخ يمكن ان يسقط به اي منا، لانه ببساطة يمس الضمير الانساني، فحين "تنخاك" امرأة لاسعافها او شيخ لمساعدته او طفل لانقاذه، فلابد ان تجمع كل قواك العضلية والعقلية لمساعدة هؤلاء، وهو عين ما قام به الشبان الاربعة ليسقطوا في الفخ ويطرزوا اسماءهم بخيوط من ذهب في سماء الوطن .. حين هب الاربعة لمساعدة المرأة لم يسألوا عن عشيرتها او قوميتها او طائفتها، كان همهم الوحيد مساعدتها، الا ان اوباش داعش كانوا هنا ليضعوا سكاكينهم بطريقة جبانة في ظهورهم، على طريقة البعث البائد التي تقول:الغاية تبرر الوسيلة. ويعتقد "داعش" وحلفاؤهم بانهم بهذا العمل الشائن سيقطعون الطريق على فعل الخير مستقبلا، على اعتبار ان المواطن سيتردد بالمساهمة في انقاذ الناس بحالات كهذه، ولكنهم خاطئون ، لان العراقي الحقيقي والعراقي الانسان، لا يتردد في فعل الخير حين تقتضي الضرورة بغض النظر عن عرقه او عشيرته او طائفته.
وحادثة الشهداء الاربعة تذكرنا بالشهيد الشاب عثمان العبيدي، الذي صار حديث كل بيت عراقي، وبات يجسد نداءً لحشد القوى من أجل الحفاظ على وحدة البلاد أرضا وشعبا بعد أن أنقذ 6 أشخاص من زوار الامام الكاظم ، في 31/ 08/ 2005 ، خلال حادث التدافع على "جسر الأئمة" والذي أسفر عن مصرع اكثر من الف شخص .
وبمجرد سماعه نداءات المساعدة قفز الشاب ذو 19 ربيعا إلى النهر، حيث كان العشرات من الزوار يغرقون في المياه، بعد أن سقطوا من فوق الجسر الذي يربط الأعظمية بالكاظمية حيث ضريح الإمام موسى الكاظم الذي كانت مئات الوفود متوجهة إليه للاحتفال بذكرى وفاته .
وتمكن العبيدي من إنقاذ ستة أشخاص لكن حينما عاد لينقذ السابع خذلته قواه، وابتلعه النهر.
واصبح اسم عثمان نجمة في سماء العراق المعادي للطائفية كما هو الحال للشبان الاربعة، الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن عراق مدني متآخٍ، لا مكان فيه لاوباش سلفية مظلمة تريد العودة بنا القهقرى، الى ماض مغبر معتم كماضي داحس والغبراء.انهم ليسوا شهداء لطائفة بعينها بل هم شهداء العراق الموحد.