المنبرالحر

أزمة تولد أزمات وحلول تضفي إلى أزمات/ محمد الكحط

لا أظنُ شعبا مر أو يمر بمعضلة كشعبنا، ولا أعرف هل أن من يقود العملية السياسية يعي ما يقوم به من أفعال، أشعر أحياناً أن مجموعة من الصبية المستهترين هم من يقودنا، وليس مجموعة من السياسيين اليافعين، فالأزمات تتعقد والحلول الترقيعية تولد أزمات، وكل يوم موضوع جديد يحاول أن ينسينا الذي قبله، والشعب بين حانة ومانه لا يعرف ماذا يعمل.
أخيرا تمخض مجلس الوزراء ليقرر تشكيل محافظات جديدة، في هذا الوقت الضائع في اللحظات الأخيرة من هذه الحكومة وهذا الوضع المزري والمعقد (المصخم)، تتخذ قرارات كبيرة كهذه، فهل فكر من أتخذ القرار هذا أبعاده وما سيخلفه من ردود أفعال، هل تم دراسة الأمور من كل جوانبها، هل الموعد ملائم لاتخاذ هكذا قرار، واليوم نرى ونسمع ردود الأفعال من كل المحافظات المعنية وغير المعنية، وقبلها قرار البترودولار، لو راجعنا أنفسنا هل كان القرار أصلا دستوريا، حيث ينص الدستور ان الثروات هي ملك الشعب العراقي بأسره، فلماذا نميز المحافظات المنتجة على حساب المحافظات غير المنتجة، واليوم نشاهد ونسمع تداعيات ونتائج هذه القرارات التي صدرت لحل مشكلة لكنها أوجدت مشاكل جديدة، وتحاول الحكومة ايجاد ذرائع ترقيعية لتلافي الحرج، فالحكومة مطالبة بتطبيق قراراتها التي أصدرتها، ولكنها عاجزة كعجزها عن حل أهم وأخطر الملفات الأخرى وأولها الوضع الأمني المتدهور، وفي كل مرة عندما يتصاعد العمل الإجرامي وتثبت الأحداث الخروقات الكبيرة للأجهزة الأمنية منها هروب السجناء والتفجيرات المتكررة والاغتيالات المستمرة، (نسمع تم تشكيل لجنة للتحقق أو أعادة تشكيل الوحدات الأمنية...)، ولا شيء جديد ولا تغيير، ولا نتائج صحيحة تصدر عن اللجان ولا تقدم، بل من إنتكاسة إلى أخرى أسوأ، المشاكل مع أقليم كردستان، لم تنته ولن تنتهي وكل مرة نتراجع ولا نتقدم، وهكذا مع أبناء أكبر محافظة عراقية وهي الأنبار، البطاقة التموينية التي تمس قوت الشعب، التي شابتها ملفات الفساد ولا زالت، لم يتم تحسينها، وستعود مسؤوليتها إلى الحكومات المحلية، وهل سيكون هذا الحل سليماّ!!!، أنتظروا النتائج، البطالة والتعيينات التي تتم خلف الكواليس ونسمع بها ويبقى جيش العاطلين في تزايد ولا حلول جذرية، الخدمات من بلدية وصحة وتعليم، ما هو التقدم الحاصل فيها، أم ملفات الفساد من صفقة الأسلحة الروسية وغير الروسية إلى البسكويت التالف وما قبلها وما بعدها من ملفات فساد خطيرة، لقد أكلت مافيات الفساد الأخضر واليابس ومجلس الوزراء يستجدي لإقرار قانون البنى التحتية، ولو راجعنا الميزانيات وما صرف من أموال منذ 2003 حتى اليوم لعلمنا أنه يمكن بناء العراق بها من الشمال إلى الجنوب بأفضل بناء، لو كانت هنالك نزاهة وروح وطنية تتجسد في مسيرة المسؤولين الذين يقودون البلد.
فمشكلتنا اليوم ليس أيجاد محافظات جديدة، ولا البترودولار، بل مشكلتنا المحاصصة الطائفية المقيتة وغياب الروح الوطنية والنهج الوطني السليم عند الجميع، وتغييب القوى الوطنية الحقيقية عن إداء دورها في عملية البناء.
اليوم نحتاج إلى وقفة جادة، والانتخابات على الأبواب، على البرلمان ان يسن ويقر قانون الأحزاب قبل الانتخابات حيث يمنع فيه تشكيل الأحزاب على أساس طائفي أو عرقي، وعدم السماح بالمال السياسي ليقرر من سيأتي إلى السلطة، والابتعاد عن كل ما هو غير وطني ومنع كل ما يسيء أو يهدد الوحدة الوطنية ووحدة العراق أرضا وشعبا. كما نجد ضرورة تشكيل مجلس وطني لبناء العراق من الخبراء والعلماء والمثقفين الوطنيين، ليرسموا وجه العراق القادم وإصدار قرار ينبذ الطائفية والعرقية وسياسة المحاصصة التي أصلت العراق إلى هذا الوضع المزري.
هذا أذا أردنا أن نبني عراقاً جديداً عصرياً يتمتع فيه الجميع بالمساواة، وتوفير الحياة الحرة الكريمة للجميع، ولا مناص ولا طريق إلا في دولة مدنية ديمقراطية يتمتع فيها الجميع بحقوق المواطنة التي هي أساس بناء المجتمع العراقي الجديد.