مجتمع مدني

بمناسبة يوم المرأة العالمي.. اجملُ بنات ترير ...... جيني ماركس/ اعداد :حازم كويي

في عام 1863 سافر ماركس من لندن الى ترير في المانيا لحضور تشييع جنازة والدته, ومن هناك ارسل رسالة الى زوجته ورفيقة حياته جيني من ان الناس هنا يسألون عنك كونك من اجمل فتيات ترير .
فمن هي الاميرة الجميلة ,جيني فون فيستفالن ،التي ولدت في12 شباط عام1814في مدينة سالز فيدل والذي يصادف هذا العام عيد ميلادها المئتين.
فهي تنتسب الى عائلة غنية مُنعمة ،والدها لودفيغ فون فيستفالن كان يعمل مستشارا في الحكومة البروسية والمحسوب على الموظفين النبلاء ومن عائلة بروتستانتية من الطبقة العليا في مدينة ترير .
تهيأت لجيني افضلُ فرص التعليم حيث اتقنت الفرنسية وكذلك الانكليزية ،وكان والدها متاثرا بحركة التنوير الفرنسية فتوفرت لديها كتب فولتير وديدرو والادب الكلاسيكي، فالعائلة كانت تزور المسرح بانتظام، وعندما بلغت جيني سن النضج ، كانت هي الوحيدة البارونة الجميلة والمليئة بالروح المتدفقة،رغم ممارسة حياتها مع هذه الطبقة الغنية.
لكن جيني لم تختر هذا الطريق، فلم تكن تبحث عن مكان في هذه الطبقة ووقعت في حب ماركس الذي كان يصغرها بأربع سنواتٍ ،وقد وجد والد جيني في ماركس انسانأ ذكيا ومحاورا شجاعا ،لكنه اعتبره اجتماعيا لاشئ وغير مؤهل لتكوين عائلة واطعامها .
استمرت فترة الخطوبة السرية حوالي سبع سنوات طويلة ،هي سنوات معاناة لجيني، حيث كان ماركس في برلين بعيدا عنها يدرس في الجامعة يتناقش في تلك الفترة مع الشباب الهيجليين وكضيف على الصالون الادبي .
اما جيني الموجودة في ترير فقد كانت تخفف عن نفسها بكتابة قصائد حب .
في عام 1841 حصل ماركس على شهادة الدكتوراه، لكن آماله في الحصول على وظيفة في الجامعة انفجرت كفقاعة صابون ،ومع ذلك فقد تزوجت جيني ماركس في 19حزيران 1843في مدينة كرويزناخ ،وعاش الاثنان حياة لم يكن احد منهما قد تنبأ بها ، من مصاعب واحزان ومحطات ساخنة سواءأ في كولن او باريس او بروكسيل او كولن مرة اخرى ،واخيرأ وبعد فشل ثورة عام 1848 حيث طردته السلطات الالمانية من البلاد فاضطر الى الذهاب مع زوجته جيني الى لندن في آب 1849 فعاشا حياة شاقة وانسحب ذلك كثيرا على جيني، فالانتقال المستمر من شقة الى اخرى والاقتراض الدائم للحصول على المال والاهتمام بتربية ورعاية الاطفال، فكانت التجربة تراجيدية حيث مات البعض من الاولاد وهم في سن الطفولة وبالاخص في فترة السنوات الاولى في ضاحية سوهو حيث الفقر والمعاناة وخاصة للاعداد الغير قليلة من الثوريين الذين وجدوا ملجئا لهم في لندن ،حيث كانت بريطانيا العظمى آنذاك الوحيدة التي تؤمن اللجوء للسياسيين المطاردين .
جيني لم تكن فقط الزوجة التي تنتقل معه من بلد الى آخر، فقد تميزت بكونها شاركت مع ماركس في العمل النظري والعلمي، كتبت مخطوتاته والذي كان ماركس نفسه بالكاد يستطيع قراءة خط يده وكانت لها مراسلاتها اليومية ولقاءاتهم في البيت مع الاصدقاء والمعارف.
وفي أسوأ حالات المعيشة كانت تضطر لرهان ما ورثته من ادوات فضية ثمينة ،ولم تتحسن اوضاعهم المعيشية الابعد 20 عامأ من زواجهم والتي لعب فيها دورا واضحا ونبيلا صديق ورفيق العائلة فريدريك انجلز والذي لم يبخل من وقت وآخر في مساعدتهم ،التي عملت على ضمان حياتهم الاسرية بعد السنوات الطويلة من حياة الضنك والحرمان .
توفيت جيني بعد معاناة طويلة وصراع مع المرض في 2 ايلول 1881 في لندن.
قال عنها انجلز :أية امراة هذه ،التي تملك الفكر الثاقب والفهم الحاد والسياسية المؤمنة بالطاقة العاطفية ومعاناتها في الحركة الثورية وتفانيها الدائم من اجل العامة، لكنني اعرف اننا فقدنا انسانا كانت تعطينا رباطة الجأش والنصائح الذكية.