مجتمع مدني

في ذكرى وثبة كانون : دعوة لتكريم النسوة المناضلات / سهاد ناجي


قبل ايام فاجأني خبر وفاة المناضلة ومرشحة التيار الديمقراطي في الانتخابات الاخيرة انعام الحمداني. تألمت لرحليها المبكر، وكنت عرفتها سباقة في العمل ولا تكل همتها، وهي تشارك في سوح الكفاح، بين اعتصام وحضور التظاهرات الجماهيرية المنادية بحق العيش الكريم لسائر الفقراء وكادحي البلد، وإلى جانب ذلك كانت هادئة وديعة، لا يعلو يكاد صوتها سوى حين تنادي «لا للظلم لا للباطل».
لم تختلف الراحلة انعام (أم عمار) كثيرا عن رفيقاتها السابقات اللاتي رافقن اخوتهن الرجال، وعلى قدم المساواة، في التظاهر والاعتصام والانتصار لثورات الشعوب المطالبة بالحرية.
وحين نستذكر اليوم وثبة كانون الثاني عام 1948 ، يكون لزاما علينا ان نتذكر المرأة الشيوعية ودورها الطليعي فيها، وما جسدته من وعي متطور في مساهمتها المميزة حين تقدمت صفوف المتظاهرين، وحين سمت بوسام استشهادها برصاص القتلة المأجورين التابعين للنظام انذاك.
كانت الوثبة نتيجة حتمية لكل الجور الذي كان يئن تحت وطأته الشعب العراقي، وان أزمة فقدان رغيف الخبز - الذي اطلق عليه (الخبز الاسود) بسبب الشوائب التي كانت تخلط مع القمح- لم تكن وحدها من ممهدات قيام وثبة كانون ، بل تضافرت العديد من الاسباب ومنها اتساع الهوة بين الحكومة والشعب نتيجة سياساتها القمعية ووأدها التظاهرات الجماهيرية السلمية المطالبة بحق العيش والكرامة، فضلا عن افتضاح خبر الاجتماعات بين الحكومتين العراقية والبريطانية تمهيداً لتوقيع معاهدة «بورتسموث» الجائرة. وعليه فالقهر والجوع كان الشرارة التي اشعلت فتيل ثورة الطلبة والشبيبة والنساء، ومن كل أطياف الشعب العراقي، فاجتاحت الجموع الثائرة شوارع بغداد وأحرجت الحكومة برفض المعاهدة. وبالرغم من إطلاق العنان لسلاح الحكومة باختراق صدور المتظاهرين حتى امتزجت دماء الشهداء والشهيدات بعرق العمال والكادحين الثائرين، الا ان النصر كان حليف الشعب نهاية المطاف.
اليوم يتوجب استذكار النساء اللواتي رافقن، على امتداد سنوات طويلة، نضال الحزب الشيوعي العراقي، ومنهن من رحلت، واخريات استشهدن وبعضهن اضعفهن المرض والحياة الصعبة. علينا تكريمهن باعداد أرشيف خاص عنهن، وسيكون هذا الارشيف دليلا للباحثين والدارسين، فضلا عن المطلعين، وهو ليس بالامر العسير.
ولنكن سباقين بتكريم المرأة .