مجتمع مدني

من أجل النهوض بواقع المرأة العراقية / فارس يوسف ججو*

عيد المرأة العالمي الذي يوافق الثامن من آذار من كل عام هو من ابرز الأعياد والايام التي تشير الى النضال من اجل حقوق المرأة خلال القرنين الماضيين دون تناسي سعيها وكفاحها من اجل ذلك طوال حقب التاريخ الإنساني منذ ظهور ونشوء المجتمع الأمومي مرورا بكل مراحل تطور المجتمع الى يومنا هذا.
ومن ابرز المحطات التي تستوجب التوقف عندها هي المعاناة التي واجهتها والتحديات والمقاومة التي أبدتها المرأة من اجل نيل الحقوق والكرامة والعيش الكريم والآمن ...
وخلال الثلاثين او الأربعين سنة الماضية، استغلت المرأة بشكل بشع لتنفيذ النيات المريضة والمنحرفة للحكام وذوي النفوذ ما جعلها حقيقة الكائن الأكثر معاناة وبؤسا واضطهادا واستغلالا من قبل الأنظمة الحاكمة، وتجلى ذلك في فترة النظام الدكتاتوري البعثي السابق حيث سخرها لخدمة اغراضه الدنيئة من خلال تشريعات مجحفة تحط من كرامتها وآدميتها بجعلها فقط مفرخة للبشر لتوفير أعداد كبيرة من الذكور لزجهم في الحرب المستعرة آنذاك بين البلدين الجارين ايران والعراق، والمعروفة بالحرب العراقية الإيرانية ( ١٩٨٠-١٩٨٨ ) حيث تم تشجيعهن على الزواج لأكثر من مرة، بسبب ضحايا حربهم القذرة التي وصلت الى ما يقارب المليون ضحية، وتبع ذلك مآس اجتماعية ونفسية وتربوية سيئة للغاية أنتجت العديد من الظواهر والاعراف الاجتماعية والقيم الشاذة، مثل الشحاذة والاستجداء والنميمة والرذيلة والوشاية والإيقاع بالاخر امام السلطات الأمنية والابتزاز والشعور بالخوف الدائم والشعور بمركب النقص والاستعلاء "الحزبي" على المواطنين وإهانة الكرامات، وغيرها العديد من الظواهر التي مزقت النسيج الاجتماعي الجميل والطبيعي للمجتمع العراقي. وزاد على ذلك تبني مواقف لها صلة بالزواج زادت من الصعوبات الحياتية والاجتماعية والمادية والصحية وغيرها. كانت تلك الظروف اكثر ثقلا وتركة على المرأة حيث الرجل في جبهات الحرب المستعرة او السجون او الجبال او الأهوار او ملاصق للنظام وطائع له، ما ولد وضعا شاذا، وما زال مستمرا الى يومنا هذا حتى بعد السقوط، بل زادته سوءا ممارسات داعش القذرة بكل المقاييس والتي هي امتداد طبيعي لتلك الممارسات السيئة والمشينة للنظام المباد. وفي كل هذا وقع العبء الأكبر على المرأة التي انتزعت منها حريتها وفرضت عليها أعباء وتقاليد اجتماعية ودينية وذهنية ومذهبية جعلتها تشعر بالخوف والانزواء والحيرة . وما زالت مستمرة بشكل او بآخر وبنسب متفاوتة بين منطقة واُخرى.
إن نضال المرأة من أجل الخروج من هذا الواقع، يتطلب برأينا أنجاز نقاط أساسية يتوجب العمل عليها لاسترداد المرأة دورها الحيوي والطبيعي والانساني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتربوى السليم من خلال :-
١ - دعم الحكومة لإصدار مشاريع قوانين تنصف المرأة وتجعلها شريكا حقيقيا لأخيها الرجل في الحقوق والواجبات وبعدالة لا يسمح المس بها .
٢ - تجريم العنف والاضطهاد ضدها باي شكل من الأشكال .
٣ - توفير التعليم الإلزامي لها حتى في القرى النائية، والبدء بمحو الامية الاكتروني ( اي جعل كل بنت وامرأة متعلمة باستعمال الحاسوب ) وفق خطة مدروسة ل ١٠ سنوات على مرحلتين كل مرحلة ٥ سنوات وتوفير الكوادر والاموال لهذه الحملات .
في الختام ذكر احد المتصوفة الكبار وهو ابو العطاء السكندري : الكون ظلام لكن إنارته بظهور الحق فيه.. اما نحن فنستطيع القول انارته بظهور المرأة فيه.
كل عام والمرأة عندنا بألف خير ،وألف سلام لها في عيدها الميمون.. عيد الثامن من آذار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* وزير العلوم والتكنولوجيا