مجتمع مدني

فرحان قاسم: غلق المقاهي تصرف خارج القانون

لم تتوقف ردود الأفعال المستنكرة، تجاه قيام مجموعات مسلحة بغلق عدد من المقاهي في منطقة الكرادة ببغداد، تطورت إلى اشتباكات راح ضحيتها شخصان من أهالي المدينة.
وحيث أن الاستنكارات ابتدأت من الشارع البغدادي وانتقلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت عبر تعليقات شاجبة ومستنكرة لما حدث، جاء الرد الحكومي متمثلا بمجلس محافظة بغداد الذي نأى بنفسه عن القيام بالتضييق على الحريات العامة.
ولم يكن رد مجلس محافظة بغداد هو الأول في سلسلة الردود الحكومية، إذ صدر بيان عن رئيس الوزراء أكد فيه "عدم تساهله" مع المليشيات التي تتجاوز على حريات الناس.
وفي مقابلة مع "طريق الشعب" أمس السبت، قال رياض العضاض، رئيس مجلس محافظة بغداد، إن "مجلس المحافظة لا علاقة له بما جرى مؤخرا من إغلاق للمقاهي في منطقة الكرادة ببغداد".
وأكد العضاض، أن "مجلس محافظة بغداد يتابع بقلق بالغ تداعيات ما حدث"، محذرا من "تولي جهات أخرى تطبيق القانون بدلا عن أجهزة الدولة التنفيذية، وقيام هذه الجهات بالتجاوز على الحريات العامة للمواطنين".
وتناقلت وسائل إعلام، عن قيام محافظ بغداد عن التيار الصدري علي التميمي بتشكيل فوج من الشرطة يتولى مهمة الإشراف على "الآداب العامة"، الأمر الذي لم يتأكد لغاية الآن.
بدوره، بين فرحان قاسم عضو مجلس محافظة بغداد عن تحالف العدالة والديمقراطية، إننا "نتابع بقلق واهتمام غلق المقاهي الشعبية في منطقة الكرادة وسط بغداد، ونواصل اتصالاتنا مع زملائنا في مجلس محافظة بغداد، ومنهم السيد رئيس مجلس المحافظة، ونعد ذلك تصرفا خارج الأطر القانونية، إذ أن الدستور العراقي كفل الحريات العامة والشخصية، وان كانت هناك حاجة لتنظيم عمل المقاهي والكافيتريات والنوادي الاجتماعية والعاملين فيها، فذلك يقع على عاتق السلطة الاتحادية المتمثلة بوزارة السياحة ووزارة العمل، وهي التي تتخذ الإجراءات القانون?ة في حالة حصول مخالفات، ولا يجوز لأية جهة أخرى أن تضع نفسها محل القانون".
واعتبر قاسم، في حديث مع "طريق الشعب" أمس، أن "الأمر الأخطر والمؤسف، هو أن هذه التصرفات تزامنت مع هجمات إرهابية استهدفت المقاهي وتجمعات شبابية راح ضحيتها الكثير من الأبرياء، الأمر الذي يعطي رسائل خاطئة تشجع مثل تلك الأعمال الإرهابية وتمنحها مبررات واهية".
ولفت إلى أن "حق العمل والمساواة فيه مكفول دستوريا للرجل والمرأة على حد سواء، والدستور ضمن للمرأة حق المشاركة، وها أنها موجودة بقوة في السلطات العليا للدولة، كما أن المرأة العراقية حققت نجاحات نفتخر بها، وتميزها العلمي في امتحانات هذا العام خير دليل على ذلك، كما هو دورها المعطاء في الحقول والمصانع، وهي حاضرة أيضا في حقول الخدمات، وفي جميع المرافق السياحية، لذا فنحن ضد الانتقاص من قيمتها الإنسانية".
ونبه إلى أن "هناك أولويات تواجه مجلس محافظة بغداد وعلى رأسها تخلخل الوضع الأمني وأزمة السكن والبطالة وشحة الخدمات، وخصوصا الكهرباء والماء في هذا الصيف، إضافة إلى كثير من المهمات الكبيرة الأخرى، ونحتاج جميعا إلى دعم الحكومة المحلية على طريق انجاز تلك المهمات، وليس إشغالها في أمور جانبية تصرفها عن تلك الأولويات"، مؤكدا على أن "مجلس المحافظة سيقف عند ما حصل في جلسته المرتقبة".
وشهدت منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد، خلال اليومين الماضيين، إغلاق العديد من المقاهي والكافيهات، فيما لم يعرف تحديدا الجهة التي نفذت الإغلاق، لكن لافتات انتشرت في المنطقة تقول إن عشائر الكرادة لن تسمح بانتشار هذه الأماكن التي قالوا عنها أنها باتت أماكن مخالفة للدين والأخلاق والأعراف الاجتماعية.
من جهتها، طالبت النائبة المستقلة صفية السهيل، "محافظة بغداد ومجلس المحافظة بإيضاح حقيقة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن تشكيل فوج لإغلاق المقاهي والمطاعم التي تتواجد فيها النساء"، مؤكدة أن "التعدي على الأماكن العامة والمواطنين الذين يرتادونها أمر يحاسب عليه القانون، فيما استبعدت أن تكون العشائر ضالعة في إغلاق بعض المقاهي في بغداد".
وقالت السهيل في بيان تلقت "طريق الشعب" نسخة منه أمس، إن "على محافظة بغداد ومجلس المحافظة أن يبينوا حقيقة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن تشكيل فوج لإغلاق المقاهي والمطاعم التي تتواجد فيها النساء، ومنعهن من العمل فيها لكسب مصدر رزق حلال، برغم التزامهن بالأصول الاجتماعية واللياقة"، مبينة أن "ما يتعرض له شبابنا وبقية مواطنينا من قمع لحرياتهم أمر خطير للغاية، يستدعي من الدولة بجميع مؤسساتها الالتفات والتصدي له".
من جهته، أكد عضو التحالف الكردستاني شوان محمد طه، أن "الاعتداء على المقاهي والمطاعم والملاهي سلب لحريات الآخرين وتجاوز على حقوق الإنسان وفسحة الشباب", واصفاً الاعتداء بـ"الخرق الدستوري والقانوني".
وأضاف طه، أن "غلق المقاهي متروك للمؤسسات الصحية والرقابية وليس المؤسسات الأمنية"، مبيناً أن "المؤسسات الأمنية عليها أن تتعامل مع الفرد وليس مع المجموعة"، منتقداً "التفسيرات والتأويلات من قبل بعض التيارات السياسية المختلفة وهذا ما يحول البلد إلى بلد مغلق".
إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء نوري كامل المالكي، أن الدولة هي المسؤولة عن تطبيق القانون، وأن لا تساهل مع المليشيات والتي تتجاوز على حريات الناس.
وقال المالكي في بيان حصلت "طريق الشعب" على نسخة منه أمس، إن " الدولة هي المسؤولة عن تطبيق القانون ومعالجة ظواهر التجاوز على الآداب العامة إن حدثت"، مشدداً على أن "لا تساهل مع المليشيات والعصابات التي تتجاوز على حريات الناس وفرض آرائهم الفاسدة على الآخرين".
وأضاف "تم اعتقال المسؤولين عن هذه الحوادث في وقتها وأنهم يخضعون للتحقيق حالياً".