مجتمع مدني

نازحون الى الحبانية: المساعدات تباع في الاسواق والرقابة غائبة

طريق الشعب
يسيطر عدد من النازحين على المساعدات الغذائية واللوجستية المرسلة الى مخيم الحبانية، ويتم بيع واستبدال العديد من البضائع الواردة للمخيم بهدف الربح المادي غير المشروع، في حين شكا عدد من النازحين في المخيم غياب الرقابة الحكومية على آليات التوزيع.
وقالت وكالة "اخبار اليوم" في تقرير اطلعت عليه "طريق الشعب" إنها زارت مخيم الحبانية والتقت العديد من الاهالي النازحين من مختلف مناطق الانبار، لاستكشاف اسباب وجود المؤن الغذائية لدى المحال التجارية القريبة من المخيم، والتي تحمل اختام المنظمات الدولية ووزارة التجارة.
وتشير الوكالة إلى أن "طبقية اجتماعية" برزت في الحبانية، اذ يعيش البعض في اماكن سياحية مناسبة، في حين يقطن آخرون بفندق البحيرة الايل للسقوط، والبعض الاخر في مخيمات القماش التي تضرر العديد منها، وذلك وفقا لفترة النزوح، اذ يعيش في المباني السياحية من نزح قبل اكثر من ستة اشهر، وفي الفندق من نزح بعدهم، وفي المخيمات من نزح مؤخرا.
ومع استمرار المعاناة في المخيم، اضطرت العديد من العوائل الى ترك الحبانية على امل ايجاد مخيمات افضل حالا، فلجأوا الى منفذ بزيبز الذي اضطرهم الى العودة مجددا الى مخيم الحبانية، لانه كان افضل حالا من بزيبز وغيره من المخيمات على الطريق نحو بغداد.
استيلاء على قوت النازحين
يحيى كامل، شاب في مرحلة المراهقة، يرقب عن كثب عملية توزيع المواد الغذائية المستمرة على الاهالي، ليكشف حقيقة ما يدور من مضاربات وسيطرة لمجموعة عصابات على المواد الغذائية واللوجستية التي تصل المخيم بصفة مساعدات انسانية من مختلف المنظمات الدولية والمحلية والجهات الحكومية. بحسب الوكالة.
ويقول كامل "هناك مجموعة من الشباب تطوعوا للتصدي الى عملية توزيع المواد الغذائية والاغطية و الافرشة على الاهالي بناء على طلب الجهات الممولة للمخيم، الا انهم سرعان ما تحولوا الى عصابة تسرق قوت النازحين، وتبيع بعضها على المقيمين في المخيم من المضطرين الى شرائها"، لافتا الى ان "العديد من مسؤولي محافظة الانبار قدموا الى الحبانية لتفقد الاهالي، لكن لم يسرد لهم احدا حكاية سرقة المواد الغذائية واللوجستية".
ويضيف ان "من يلتقون المسؤولين الزائرين بصفتهم ممثلي المخيمات يستلمون مبالغ مالية من عدة جهات بذريعة سد احتياجات النازحين، لكنهم يقومون بشراء سلع واغطية غير صالحة للاستعمال، ومنها شراء بطانيات للاطفال وتوزيعها على الكبار".
قلّة المؤن
ويلفت التقرير إلى أن كامل الذي غادر المخيم صباح أمس الاحد، طلب عدم نشر هذه التفاصيل الا بعد مغادرته المخيم، متوقعا ان يكون للمسؤولين على المخيم ارتباط وثيق بتنظيم داعش. ويلفت الى انهم "ارهبوا الاهالي وهددوهم بالقتل في حال اشتكوا من قلة المؤن والمواد الغذائية"، مستدركا بالقول "لكنهم لا يمانعون مغادرة اي من النازحين صوب جسر بزيبز".
بينما يشير احد النازحين ممن طلب عدم الكشف عن هويته الى "قيام اثنين من المسؤولين على المخيم بسرقة 3 شاحنات محملة بالمواد الغذائية القادمة من وزارة التجارة والمنظمات الدولية، وتحويل مسارها الى منطقة اخرى، بهدف بيعها، والكسب المادي غير المشروع"، مبينا ان خمسة شاحنات وصلت الى الحبانية بصفة حصص تموينية ومساعدات غذائية تسد حاجة الاهالي النازحين لمدة لا تقل عن شهرين، لكنهم وزعوا اثنين منها فقط، وباعوا الباقي منها الى جهات مجهولة.
ويسرد لنا طريقة الحصول على مكان في المباني قائلا ان "المباني شغلها من قدم في اول موجة نزوح من الانبار عقب سيطرة تنظيم داعش على مناطق عدة من الانبار، بالتزامن مع سقوط مدينة الموصل". واضاف ان "الحبانية بعد تحولها الى مخيم للنازحين، تقاطرت عليه الاسر النازحة، فازداد زخمها حتى اضطرت الحكومة الى توزيع خيم على النازحين ممن بقي منهم في العراء لفترات طويلة".
تحقيق حكومي
وفي هذا الاطار اشار ممثل غرفة العمليات في الامانة العامة لمجلس الوزراء زيد الاسدي، الذي زار المخيم، الى "البدء بالتحقيق في موضوع توزيع المساعدات والمؤن، ومحاسبة من يثبت تقصيره"، موضحا وجود حملات شبابية لجمع المزيد من المساعدات، وسيتم التنسيق معهم لايصالها الى الحبانية.
ويشغل النازحون المباني والفندق السياحي قرب البحيرة، وهم ممن نزح بعد سيطرة تنظيم داعش على عدد من مناطق الانبار، ومن لحق بهم من النازحين ولم يجد مكانا في المباني استقر في العراء، وتمكن القليل منهم الحصول على كرفانات، في حين حصل الاخرون على مخيمات، وهم الاكثر عرضة للامراض.
ويضم المخيم 4 الاف نازح معظمهم من اهالي الفلوجة والرمادي، وتم ادراج المخيم ضمن مخيمات النازحين المسجلة لدى وزارة الهجرة والمهجرين، بعد اخلاء الموقع من قبل القوات الامنية الى النازحين قبل اكثر من ستة اشهر.
تفشي الأمراض بين النازحين
من جهته يوضح (ابو مؤيد) وهو شيخ في مقتبل الثمانينات من العمر، طبيعة الحياة في المخيمات، والبيئة الاجتماعية والصحية التي ادت الى بروز امراض معدية بين النازحين، قائلا "اعاني الصدفية في الوقت الحالي، وهو مرض تفشى بشكل كبير، بسبب قلة الادوية، وانتشار النفايات في اطراف المخيمات، وتكاثر الحشرات الناقلة للامراض".
وبين ابو مؤيد، وهو يقطن في الخيم المصنوعة من القماش، ان "الجهات الحكومية القادمة الى المخيم تسجل احتياجاتنا، لكنها لا تلبيها، وتطلق وعودا فحسب"، موضحا ان الاهالي ينتظرون تحرير مدنهم من تنظيم داعش للعودة اليها. واضاف ان "اسعار قوالب الثلج بلغت ارقاما خيالية، اذ ان قالب الثلج الواحد يبلغ في بعض الايام 20 الف دينار، في حين ان قنينة الماء الواحدة التي يجب ان توزع بشكل مجاني لنا، تباع علينا بسعر 500 دينار للواحدة".
ونصب الهلال الاحمر جهازا لتصفية المياه قرب المخيم، ليتم منح النازحين كميات كافية من المياه لجميع النازحين في الحبانية.
وتابع ان "اكثر من عشرة اشخاص توفوا في المخيم نتيجة الامراض المزمنة التي يعانونها، وعدم وصول العلاج الخاص بهم في الوقت المناسب".