مجتمع مدني

مسلسل الخطف الإرهابي يعود مجدداً بوجهه القبيح / أكرم الخاطر

بحسب المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:"يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء".
وفي قصر "شايو" بباريس، وفي العاشر من كانون الأول عام ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين، تبنت الأمم المتحدة وثيقة حقوق دولية مؤلفة من ثلاثين مادة تعبر عن رأيها بشأن حقوق الإنسان، ونالت تلك الوثيقة التي اشتهرت بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان موقعاً هاماً في القانون الدولي، وشكلت مع وثيقتي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ما يسمى بلائحة الحقوق الدولية.
كان غاية ما ترنو إليه الشعوب من ولادة تلك اللائحة هو انبثاق عالم يتمتع فيه جميع أعضاء الأسرة البشرية بحقوقهم المتساوية على أساس الحرية والعدل والسلام، وهي ثلاثية نداءات كل الأديان والشرائع، ومن بينها أحكام شريعة حمورابي التي اعتمدت في صياغة تلك اللائحة، وهي شريعة عراقية صرف، ولدت على هذه الأرض التي تشهد الآن حكايات وقصصا كثيرة عن جرائم الخطف والترويع والقتل والتفجيرات الارهابية التي تدل على تدهور خطر في الوضع الأمني ضحيته دائما هو المواطن، بعدما غدا العراق في طليعة الدول التي تتميز بسجل أسود في انتهاكات حقوق الإنسان الثابتة. ومن أسوء البلدان التي تنتهك فيها حقوق البشر بعد الحرب العالمية الثانية، ومخالفة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
حكاية "أبو أحمد"
داخل بيت يحتوي أثاثا متواضعا، يستدير الأب نحو الجدار ويغمض عينيه، واضعا رأسه على ساعده وملتصقا بالجدار، يبتعد عنه ابنه الصبي بخطى خفيفة متسللا إلى غرفة النوم، ليختبئ خلف الباب.. يبدأ الأب وهو مغمض العينين بتحريك يديه في الفراغ ويسير في اتجاهات مختلفة بحثا عنه، يسير بضع خطوات ثم يدخل الى غرفة النوم ويمد يده خلف الباب فيمسك بولده وهو يردد ضاحكا: "كمشتك"، فتتعالى قهقهته ممزوجة بقهقهة ابنه الصغير.
صورة هذه اللعبة الجميلة تبدو مرحة من داخل هذه الأسرة، وبين جدران ذلك البيت الذي تسكنه منذ سنين، صنعتها لعبة قديمة متوارثة، لعبة قد لا تكلف هذا الأب الكثير، لكنها انتزعت ضحكات بريئة متعالية من صدر صغيره الذي طالما تعلق به، وطالبه مرارا بممارسة هذه اللعبة، أثناء تواجده في البيت، وهو أمر نادرا ما كان يحصل.
يودع الأب ابنه وأسرته ويخرج "على باب الله"، استهلالة إيمان، يرددها الكاسب طلبا للرزق واعالة أطفال لا ظل لهم إلا لصقه، وهي نافذة أمل مشرعة لم تغلق يوما في وجوه الناس، يتأملها "أبو أحمد" بقلبه، وهو يجوب بسيارته المتواضعة شوارع العاصمة بغداد، وداخل صخب الزحام ومنغصاته اليومية.. كدح لن ينتهي طيلة نهارات وليال طوال، بحثا عن لقمة العيش.
لحظة لا تنسى
داخل الكراج أوقف سيارته الـ "كوستر"، وجلس خلف مقودها، فتقدم نحوه شخص وبدأ بمحاورته، ثم أخرج محفظة نقوده وعد بعض الأوراق النقدية وسلمها إلى السائق، وحفظ رقم موبايله داخل جهاز الموبايل.. لا شيء يبدو ملفتا، أو مريبا، شخص ما يقترب من السائق "أبو أحمد" ويقايضه على استئجار سيارته، وهو أمر مألوف، طالما انتظره أي سائق سيارة أجرة، وتهلل وجه فرحا لقدوم لحظة كتلك.
ولكن لا "أبو أحمد"، ولا أي سائق من أمثاله، كان سيعلم أن هذا المكان، وهذه اللحظة بالذات سيظل يتذكرهما طوال حياته، لأنهما حفرا بمعاول الرعب ومجارف الفزع ذكرى عصية على النسيان، اختنقت بها ذاكرة السائق، وما زالت تنهش بمخيلته وتعيش في داخله، رافضة أي رياح للتغيير.. إنها لحظة الإرهاب!
يقول الجاني:"جئت لاستئجار سيارة "أبو أحمد"، أرشدني إلى ذلك السائق "..."، وتمت المقايضة والاتفاق على الغرض من استئجار السيارة ومكانه المقصود ووقته والمبلغ المالي الذي اتفق عليه، وتبادل أرقام أجهزة الموبايل....الخ".
مكر وخداع متقن، حِيَل في غاية الدقة والمهارة، وتفنن في استدراج الضحية، والتظاهر بصور اجتماعية مألوفة لا تشوبها شائبة، إنها فصول الإرهاب الذي لا دين له، إنها فصول الدم، وهي بعض من طرق الإرهابيين الماكرة في استدراج الضحايا والإيقاع بهم، ما ينبغي اتخاذ الحيطة والحذر من ألاعيب الارهابيين والتعامل معهم بمنتهى اليقظة، قبل أن تقع الضحية في قبضتهم.
ظل "أبو أحمد" يعمل بسيارته طيلة ذلك النهار، كعادته في كل يوم، منتظرا حلول الساعة السابعة من مساء ذلك اليوم، وهو الموعد الذي اتفق عليه مع الشخص المستأجر، لكن ذلك الشخص اتصل به وغير موعد اللقاء إلى الساعة الثامنة مساءا، فوافق "أبو أحمد"، وذهب في الموعد المحدد في المكان المتفق عليه، وهناك شاهد الشخص الذي استأجره ومعه شخص آخر في انتظاره.
فجأة تتم جريمة الاختطاف، وبمساعدة عدد من أفراد العصابة.
فترة قصيرة لا غير، يجد "أبو أحمد" نفسه لوحده داخل غرفة شبه مظلمة وهو معصوب العينيين وموثوق اليدين من الخلف.
شخصية شريرة
بحسب بعض المختصين، من أساتذة علم النفس والاجتماع:" ينتمي الإرهابيون في بعض الأحيان إلى أوساط اجتماعية فقيرة بحسب بعض المعنيين، والكثير منهم تراهم شباباً أو في مقتبل العمر، وغالبا ما يعانون من الانكسار وعدم اكتمال مقومات الشخصية والعزلة عن القوى الاجتماعية المحيطة بهم، فتراهم عاجزين عن الالتحام في نسيج العلاقات الاجتماعية، مما يحدث انفصاماً بين الأنا الفردية والأنا الجماعية، وهذا الفُصام يحدث زلزالاً في الشخصية يشتد شيئاً فشيئاً وينعكس بفراغ نفسي هائل وعُصاب خفي لا يلبث أن يتفجر، لأن نفسية الإرهابي تشبه الماء الذي طال ركوده فأسِنَ، وحين أراد الخروج من هذا العفن النفسي، خرج على هيئة إعصار هادر تجاه الكثير من المواطنين الأبرياء، ويبدو أن هذا الجاني هو أحدهم".
هكذا بدأت رحلة الغدر في ذلك اليوم المرعب، رحلة كشفت عن أول فصولها حسب، وهو فصل بشع في حياة مواطن عراقي بريء، خرج مشيعا بطاسة ماء على باب الله، لينتهي به المطاف في هذه الغرفة المظلمة، وداخل هول المجهول، واجترار منولوجات داخلية لا تنتهي.
ترى أي عقوبة تردع جريمة ترويع الناس وإرهابهم، وإلحاق الأذى بأسرهم؟، وكم من السور القرآنية والأحاديث النبوية تحذر وترهب من يقدم على مثل هذه الجرائم وعظمها وتبعاتها؟، لكن الارهابي حقا لا دين له، ولا شرف ولا أخلاق، لأنه مجرم لا مكان له في حياة آمنة.
الإرهاب في نظر البعض ظاهرة اجتماعية، تتألف روافدها العضوية الفاعلة من انساق اقتصادية وثقافية وسياسية، وتؤلف بمجموعها تلك التركيبة السيكولوجية الدموية المتعددة التي تدفع إنساناً ما إلى استرخاص الحياة واختيار الموت، لكن الإرهاب الذي قاد هذا الجاني إلى عملية الاختطاف يعد إرهابا تابعا للجريمة، و هو إرهاب يوقع الضحايا لأغراض فردية إجرامية أو جماعية بعيداً عن الأغراض السياسية.
وحدث أول اتصال هاتفي
في مساء اليوم التالي اقتيد المجني عليه إلى دار أخرى، وهذا أسلوب طالما دأبت عليه عصابات الإرهاب والجريمة لأسباب عديدة يقف في مقدمتها الهاجس الأمني والخشية من مداهمات قوات الأمن التي طالما نجحت في اعتقال الكثير من الإرهابيين وتحرير العديد من المختطفين.
ولكن رغم كثافة تلك المداهمات التي غالبا ما تعرض في نشرات الأخبار، ويشار بالبنان إلى انجازاتها المهمة، وما يسفر عنها من تحرير الكثير من الرهائن، إلا أن الجاني وعصابته، تمكنوا على ما يبدو من البقاء بعيدا عن أعين الناس ومداهمات القوات الأمنية، ونجحوا في الاحتفاظ برهينتهم، وبدء مساومة أسرته على فدية تعجيزية كبيرة.
قام الجاني بأول اتصال مع أسرة المجني عليه وحدثت تفاصيل عديدة ومقايضات وتهديد ووعيد وارهاب من العيار الثقيل.
كان "أبو أحمد" مرميا في زاوية الغرفة ذاتها التي تمت فيها المكالمة، يصغي بحزن لحوارات المتهمين، وما ينقله الجاني لأسرته، وفجأة نزل طرف العصابة المشدودة حول عينيه فلمح أحد المجرمين وتعرف عليه على الفور، لأنه يعمل معه في نفس الخط، وتبين له أنه هو الذي تعاون مع العصابة وأرشدها إلى اختطافه!
كانت لحظة مليئة بالحزن، كشفت عن غدر وخيانة زميل طالما حصل معه كلام وسلام وزاد وملح، ولم يكن بينه وبين الخائن أية مشكلة، عدا أن "أبو أحمد" انسان بسيط طيب يكدح طيلة النهار بحثا عن لقمة الخبز، بينما "صاحبه الوفي" شرير، ناكر للجميل، توغل في درب الخسة والرذيلة والاجرام، وتحول الى "علّاس" محترف، ثم حصل ما حصل.
"ابن الحلال" ما زال موجودا
بعد ثمانية أيام من وقوع جريمة الاختطاف واستمرار التفاوض على دفع الفدية وتخفيضها من مائة ألف دولار الى عشرين ألف دولار، بدأت عملية دفع الفدية بطريقة محكمة.
فقد حصل الجناة عموما على ما أرادوا، وتركوا المجني عليه معصوب العينين وموثوق اليدين في منطقة مهجورة، ظنا منهم ان جريمتهم ستمر من دون عقاب. لكن "أبو أحمد" تمكن بمساعدة شخص "ابن حلال" من انقاذ نفسه وعودته الى أسرته التي استقبلته غير مصدقة أبدا أنه هو حبيبهم ورب الأسرة التي كادت تتهدم بغيابه.
صور تعاد.. صور تتعدد
بعيد سقوط النظام السابق، وفي ظل الاحتلال وبدء موجات السلب والاختطاف وغياب الأمن، انتشرت صور مصاحبة الآباء والامهات لابنائهم وبناتهم الى المدارس والجامعات، صور بدت مشؤومة وحزينة في آن واحد ، تبعث على الخوف، وتزيد من مشهد الألم الذي تمدد على شوارع بغداد وازقتها على مدى سنين.
لكن تلك الصور كادت أن تختفي، وبدأ الأمان يتنفس في العاصمة، وراحت صور تلامذة المدارس وطلبة الاعدادية والجامعة تنتشر بتلك النسخة الجميلة، نسخة عودة الأمان النسبي، ولوحظت عودة ألعاب الأطفال ومرحهم في الساحات والتقاطعات والشوارع.
غير أن هذه الصور سرعان ما انكمشت، أمام عودة بعض الآباء والأمهات إلى مصاحبة أبنائهم الى المدارس، وهي صورة لها ما يبررها، خصوصا بعد توارد أنباء خطف الأطفال من قبل عصابات الاجرام والارهاب، ومساومة أسرهم على الفدية وترويعهم وتهديدهم.
مما جعل أسر عراقية عديدة تبدي مخاوفها من عودة هذه الظاهرة وتناميها بشكل ملفت. فقد تكررت هذه الظاهرة في العاصمة بغداد والمدن الاخرى، ما دفع الآباء إلى الحرص على اصطحاب أطفالهم من المدارس وإليها بأنفسهم.
وتبلغ الفدية التي يطلبها الخاطفون في الغالب بين عشرين ألف ومئة ألف دولار، بحسب إمكانيات أسرة المخطوف وقدرتها على الدفع، اذ يعرف الخاطفون في الغالب الحالة الاقتصادية لأسرة الضحية.
جرائم ورعب
جرائم الاختطاف اذن تتزايد، وأعادت الى الاذهان مشاهد احداث العنف التي بلغت ذروتها خلال الاعوام الممتدة من 2006 الى 2009، وما رافقها من احداث عنف اودت بحياة عشرات الاف العراقيين.
وبلغت جرائم الاختطاف في بغداد ارقاما مرتفعة، وسجلت اغلبها في جانب الرصافة وبالتحديد منطقة "زيونة"، وهي من الاحياء الراقية في العاصمة، حيث شهدت عشرات حالات الاختطاف لمدنيين بدوافع جنائية ولغرض الحصول على اموال من خلال ابتزاز ذويهم.
مصادر أمنية أقرت بازدياد مظاهر الاختطاف في الآونة الأخيرة في العاصمة بغداد، مشيرة الى أن وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد ومكافحة الاجرام واللجنة التحقيقية الخاصة بالاضافة إلى الجهد الاستخباري اتخذوا عدة إجراءات لكبح نشاطات عصابات الجريمة المنظمة.
وقد تم القبض على عدد من عصابات الخطف، اربع منها تم القاء القبض عليها من قبل اللجنة الخاصة، وعصابتين من قبل مكافحة الاجرام وعصابتين أخريين تم القبض عليهما من قبل اجهزة الداخلية وعمليات بغداد.
ومازالت الاجراءات مستمرة للحد من هذه الظاهرة من خلال نشر المفارز ونقاط التفتيش المؤقتة والكمائن وتفعيل الجهد الاستخباري".
ان ظاهرة الاختطاف كانت ولا زالت موجودة في العاصمة بغداد، بالإضافة إلى الاغتيالات بالأسلحة الكاتمة، لكنها هدأت نسبياً في الاعوام السابقة قبل دخول تنظيم "داعش" الارهابي إلى العراق، بسبب انتشار السلاح بشكل غير طبيعي فضلاً عن الازمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ما دفع بعض الشباب إلى اللجوء إلى هذه الاعمال، مما يتطلب من الجهات الامنية المختصة ان تحد من انتشار السلاح وتفعل الجهد الاستخباري وتفعل السيطرات، فضلاً عن التفتيش الدقيق للسيارات التي لا تحمل ارقاما والتي تحمل باجات.
وتكشف عمليات الخطف المتواترة في العراق عن تعاظم دور العصابات التي أصبحت تتحرك من دون رادع قانوني في مؤشر على ضعف سلطة الدولة وعدم قدرتها على التصدي لها.
يقول أحد الآباء انه دفع أربعين ألف دولار لعصابة اختطفت ابنه الذي لا يتجاوز عمره عشر سنين، أثناء عودته من المدرسة ظهرا. وبعد مفاوضات مع الخاطفين عبر التلفون، تم اطلاق ابنه، بعد مفاوضات ومساومات وتدخل أطراف وسيطة، ولم نشأ ابلاغ القوات الأمنية بالأمر لأن تدخلها في اللحظة غير المناسبة ربما يعني موت الطفل وفشل المساعي الحثيثة إلى انقاذه".
المتاجرة بالمخطوف
في العراق تنتعش عصابات الاتجار بالأطفال أو بأعضاء من أجسادهم أيضا، ربما بسبب ارتفاع نسبة الأيتام والأرامل في العائلات الفقيرة، وتفشي ظاهرة الفساد الإداري في أغلب مؤسسات الدولة، ويبدأ التغرير بالأطفال، وتجنيدهم للعمل، عبر طرق مختلفة، وتتراوح أساليب شرائهم بين الاختطاف المباشر وبين الحصول على موافقة الطفل، أو أهله أحيانا.
كما يتم استغلال الأطفال من قبل العصابات المسلحة أو العناصر الإرهابية كما يتم تدريبهم على السلاح والقتل والعنف، كما يتم غسل ادمغتهم، وإدخال معلومات محددة تخدم المنظمات الإرهابية.
تمويل الارهاب
مصادر الجهات الأمنية تعترف باختطاف عشرات الأطفال في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد، وتؤكد على تصاعد وتيرة عمليات الخطف في غياب أي إحصائية إجمالية لعددها، ما يجعل الأرقام المتداولة تخمينية.
وتسعى الكثير من الجماعات الاجرامية إلى القيام بعمليات خطف لمرتين أو ثلاثة، حتى إذا حصلت على المال المطلوب توقفت عن ذلك.
ان هذه الظاهرة ما زالت واحدة من حلقات الارهاب، حيث تسعى جماعات مسلحة، لا سيما في المناطق المضطربة مثل ديالي والموصل وأطراف بغداد، إلى تمويل عملياتها عن طريق اختطاف الأطفال،
لذا لابد من توخي الحذر، لأنه كفيل بإحباط الكثير من عمليات الخطف، لا سيما أن التجارب والوقائع تشير إلى أن أغلب الجماعات التي تقوم بعمليات الخطف ليست محترفة، حيث يقوم عناصرها بعملياتهم بصورة ارتجالية ومستعجلة، من دون تخطيط جيد.
وكثيرا ما تم إلقاء القبض على عدد من العصابات التي قامت بجرائم خطف الأطفال من مناطق متفرقة، وطالبت بالفديات للحصول على المال السريع.
تتعدد الجرائم والارهاب واحد
ويرى البعض ان هناك انواعا عدة من الخطف أولها على الهوية والثاني اجرامي بدافع الفدية والثالث يكون بسبب وجود مشاكل وخلافات بين العشائر وقليل ما تسجل دعاوى الخطف في مراكز الشرطة او حتى اخبار الجهات الامنية المختلفة وهذا يكون بسبب خوف العائلات على أولادهم من الموت ان قاموا بإبلاغ الجهات الرسمية أو علم الخاطفون بذلك، ويبدو أن هذا المسلسل لن ينتهي في حالة عدم حصر السلاح بيد الحكومة فقط ومحاسبة من يحمله من أية جهة كانت ولابد من كشف المتورطين في هذه العمليات التي تدخل فيها مع الاسف شخصيات وقوى لعدم كشف المتورطين، ما يعني ان هناك من يستغل الوضع الامني ويحاول ان يوهم الناس انه مع القانون لكنه يخطف ويقتل ويبتز المواطنين لتمويل نفسه، وهناك من يرتدي الزي الأمني ويحمل باجات رسمية تابعة للوزارات الامنية ولا يستطيع احد محاسبته او إيقافه ويسمح له بابتزاز المواطنين لذلك فإن حالات الخطف مع الاسف يشارك فيها اناس يستغلون اسم القانون ولا يمكن ان ينتهي هذا الموضوع الا في حالة - كما ذكرت سابقا- كشف المتورطين وسحب السلاح من اية جهة كانت غير منتمية الى وزارتي الداخلية والدفاع وجهازي الأمن الوطني والاستخبارات.
ان التدهور الامني الذي يشهده العراق، خصوصا في محافظتي الانبار ونينوى زاد من عمليات الخطف التي تنوعت بين فئات عدة واعمار مختلفة حيث لم يسلم الطفل او الشاب وحتى كبار السن وخطف الاطباء والتجار ومع الاسف هناك من يقوم بالاستفادة من هذا التدهور الامني ويقوم باستغلال الوضع لصالحه لتمويل عملياته الإرهابية، مما يتطلب توحيد الجهود الامنية والاستخبارية للحد من هذه الظاهرة الخطرة وزرع الطمأنينة في نفوس المواطنين حتى يكون التعاون مشتركا لنشر الامن والامان وانهاء ظاهرة الخرق الامني الذي يستغله الارهابيون لصالحهم في جعل الوضع الامني مرتبكا وهو ما يؤثر على حالة الشارع العراقي بشكل عام ويثير الفزع والرعب لدى المواطن البغدادي.
كسب غير مشروع
ويعزوا بعض المختصين أسباب انتشار ظاهرة خطف الأطفال إلى انعدام الوازع الديني والأخلاقي، وكثرة وسائل المتعة والترف والمخدرات، التي تتطلب أموالا كثيرة، تغري الشباب بالكسب غير المشروع، حتى لو أدى ذلك إلى قتل الآخرين واختطافهم.
كما أن ما يزيد من انتشاره هو الاشاعات والتهويل التي تتناقلها بعض وسائل الاعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغاليتها اشاعات مغرضة وغير دقيقة.
ولكن بالرغم من رفض مصادر أمنية إدراج العمليات التي تحدث في بغداد والمحافظات المستقرة امنيًا في باب الجريمة المنظمة، إلا أنها لا تستبعد أن تكون هناك جماعات مسلحة تعتمد عمليات الخطف جزءا من اجندتها لتمويل أنشطتها المسلحة، كما في الموصل مثلًا.
آخرون يرون أن عمليات اختطاف الاطفال ليست اعتباطية لكسب الأموال فحسب، بل تقف وراءها منظمات إرهابية تقف وراء عمليات اختطاف الأطفال المستمرة.
كما يرى البعض أن اختطاف الاطفال يترافق مع ظاهرة اغتصاب الفتيات الصغيرات لأغراض الابتزاز والاغتصاب في الوقت نفسه. وغالبا ما يبادر المختطفون إلى قتل الطفل المخطوف فورًا ثم المفاوضة على الفدية، فقد حدثت العديد من هذه القصص المؤلمة، حيث عثر على الطفل المختطف مقتولًا بعدما ابلغ الجناة الاهل بمكان وجود الجثة، حال استلام مبلغ الفدية.
بحث عن فدية
تستغل بعض الجماعات الاجرامية تكرار مسلسل الاختطاف، فتختلق قصص اختطاف كاذبة ايضًا بدافع الابتزاز والحصول على الاموال، وكثيرا ما تلقى أحد الآباء اتصالًا هاتفيًا يخبره بوجوب دفع فدية مقابل اطلاق سراح ابنه، وتبين في ما بعد انه اتصال كاذب، ما جعل الآب يعيش في دوامة من الخوف المستمر من أن تلجأ العصابات إلى اختطاف ابنه بالفعل.
هذا الوضع المربك دفع بعدد من ادارات المدارس الى أن تأخذ الامور على محمل الجد، ووضع خطط أمنية للحماية، عززتها بالتنسيق مع دوريات أمنية، وبالرغم من ذلك، يفكر بعض الآباء والامهات في منع أبنائهم من الذهاب إلى المدرسة، لشعورهم انهم مهددون، وأن الحماية الامنية لمدارسهم لا تكفي.
ويجرّم قانون العقوبات العراقي حوادث المتاجرة بالأطفال، ومنها جريمة الخطف، اذ نص قانون العقوبات العراقي المرقم 111لسنة 1969على الخطف في المواد 422 الى 427 وقد انزل المشرع العراقي اقصى العقوبات بحق الخاطف حيث تصل العقوبة في بعض الاحيان الى الاعدام وتعتبر طرفا مشددا اذا وقع الخاطف بالمجنى عليه او عليها وخصوصا اذا كان عمر المخطوف اقل من 18 سنة والمحاكم مليئة بالدعاوى الخاصة بالخطف وانتشرت في الآونة الاخيرة ظاهرة اختطاف سواق الأجرة وكانت الغاية مطالبة اهالي المخطوف بفدية تصل الى ملايين الدولارات وقد يُقتل المخطوف اذا لم يحصل الخاطفون على فدية، وقد حصلت حالات عديدة، حيث تم العثور على جثث بعض المخطوفين وسُلمت الى الطب العدلي!