مجتمع مدني

أمين الفقراء / إحسان شمران الياسري

قلتَ يا سيّدَ الفقراء عنهم ما لم يقلهُ غيركَ، ونصبتَ ببابك دليلا فتح المعارفَ لهم.. كنتَ تأمّهم فتذوبُ أرواحهم على ثنايا ثوبك َ العفيف وهم يتسمّعون الى وجيبِ قلبك يمنحهم فيضَ خفقاته ليرافقوك أينما سرتَ، بين مزارعهم وتحت نخيلِ بساتينهم، أو على سفوح جبالهم، وفي أكواخِ فقرائهم..
كنتَ، ولم تزل، فارعَ الطولِ، ليراكَ قريبهم وبعيدهم، ولتنعمَ من عطركَ النادي قفار الأرضِ وربوعنا، حتى يتسرب ذلك العطرُ البهيّ الى كل ثنايا أرواحهم.
يا أمين الفقراء، كنتَ ولم تزل، صبيا رغم ثمانينك المترع بما دارت عليه الفصولُ، ودرتَ حولها، تسابقُ الزمنَ فينثني فتسنده، ويتكئ إليكَ فيغتربُ مما لم يحصهِ فيكَ.
أنت الذي لم ينل منكَ سوادُ القراطيسِ، وضباب الضمائرِ، ولم تهن لديكَ مفاتيحُ الأعزّةِ، وتنعّمتْ في رياضِ أحضانكَ كلُ آهةٍ ندّت على جرحٍ عزيز..
إليك أقومُ مبهوراً، ألملمُ الأزاهيرَ كلها وأمنحها ليومكَ المجيدِ، أرفقها بلحنِ نشيدنا الغالي، موطني موطني.. الجلالُ والجمالُ والسناءُ والبهاء.. وأغنّيها على صدى سنابلِ الحنطةِ في وديانِ العراقَ وسهوله وجباله..
إليك أنحني يا عراقَ وأنت منهُ، ترددُ كلَ يومٍ ما أُسرتَ عليه، فحررتهم بـ (هبّوا ضحايا الاضطهاد)، فلم يبخلوا عليكَ، ولم تبخل عليهم.
يا ربيعَ النفوسِ، كم مضتْ تلكَ التي اسمها الليالي، وأنت تدرأُ بأنفاسكَ السامية حرَّ ذلك الشر البغيض، فلذنا بأنفاسك السامية..
دُمْ قوياً كيومكَ الأول..
ودُمْ عفيفا كما ينبغي أن نراكَ..
ودُمْ لوطنٍ يستعيذُ بأيامٍ لم نرها من قبل الى أيامٍ قد نراها..