مجتمع مدني

أكثر من 3 ملايين طفل عراقي خارج المدارس

يدرك الجميع ما للفقر من آثار سلبية لا حصر لها، لعل أخطرها هو ما يطول العلم والثقافة. فلا تقتصر تأثيرات الفقر على الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية فحسب؛ وإنما تكون له مجموعة متشابكة من التأثيرات كفيلة بتدمير أي مجتمع. ففي العراق تفشى الفقر بشكل غير مسبوق بين المواطنين حتى أصاب أكثر من سبعة ملايين شخص، الأمر الذي كان له آثاره السيئة على جميع مناحي الحياة.
الارتفاع المتواصل في نسبة الفقر في العراق، كان له عظيم الأثر على العلم والتعليم، حيث يركز المواطن الفقير على سد احتياجاته الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ودواء، والتي لا تكون متوفرة له في أغلب الأحيان بسبب الإهمال الحكومي، الأمر الذي يجعله لا ينظر إلى العلم على أنه ضرورة، وإنما ينظر إليه باعتباره أمرًا ثانويًّا؛ ويصبح الفقراء المسؤولون عن أبناء وأسرة غير حريصين على التحاق أبنائهم بالمدارس من أجل التعلُّم، وإنما يرون أنه من الأفضل أن يتركوا مدارسهم؛ من أجل مساعدتهم في أمور المعيشة.
التعليم بات حملا ثقيلا على الفقراء
غالبية فقراء العراق يلجأون إلى الحل السهل من وجهة نظرهم، وهو إخراج أبنائهم من التعليم، أو عدم إدخالهم إليه من الأساس؛ وذلك لكي يساعدوهم في تدبير أمور معيشتهم التي لا يَقوون وحدهم عليها وللتخلص من مصاريف الدراسة التي تثقل كواهلهم، الأمر الذي خلف نتائج سلبية كبيرة، من أهمها اقتصار التعليم إلى حد كبير على أبناء الميسورين.
أكثر من 3,5 مليون طفل عراقي يفتقرون الى التعليم
افتقار ملايين الأطفال في العراق إلى التعليم ، أكدته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) التي أشارت إلى أن 3,5 مليون طفل عراقي في سن الدراسة يفتقرون إلى التعليم، ما يعني أنهم يصبحون أكثر عرضةً لعمالة الأطفال والتجنيد من قبل الجماعات الإرهابية وعصابات السرقة، مشيرة إلى أن أطفال العراق يعانون من فترات صراع طال أمدها. ومن دون فرص متساوية في الحصول على التعليم الجيد، يصبح الأطفال عرضةً للخطر.
اليونيسيف أكدت أيضا أن واحداً من بين كل خمسة أطفال فقراء في العراق قد تسرب من التعليم قبل إتمام الدراسة الابتدائية وذلك لأسباب اقتصادية، وان الأطفال هم أكثر من يعاني من استمرار الصراع والنزوح في العراق، حيث تعاني نحو 40 في المائة من الأسر النازحة، الفقر، ونحو نصف الأطفال النازحين في العراق هم خارج المدرسة. أما الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي تضررت بشدة جراء الإرهاب والعنف، فأكثر من 90 في المائة منهم لا يرتادون المدارس.
فشل الحكومات المتعاقبة في مواجهة الفقر، والإهمال المتعمد للواقع التعليمي لا سيما بعد سقوط النظام المباد في2003، سببان رئيسان في ارتفاع نسبة الفقر ومن ثم تراجع مستوى التعليم، الذي يعد الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها مواجهة الفقر. فمن خلال التعليم يمكن للفقراء أن يتعايشوا مع المجتمع بشكل كبير ويساعدوا في تقدمه، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض نسبة البطالة.
تأثير الفقر على الثقافة
تأثيرات الفقر لا تقتصر على ناحية واحدة، وإنما تمتد إلى كل ما يمكن أن تتقدم المجتمعات من خلاله وتزدهر، حيث يعد الفقر هو العائقَ الأكبر أمام تنمية الإنسان. فقد أثر الفقر – الذي خلفه الاحتلال الأمريكي للعراق والفساد الحكومي – بشكل كبير على ثقافة المجتمع العراقي، وعلى عملية الإبداع، لأنه كلما كان المجتمع فقيرًا، قلت الابتكارات التي تساعد بدورها على تقدمه وتطوره، ولعل هذا يرجع بدوره إلى عدم توافر القدرات لدى الإنسان الفقير؛ من حيث مواكبة التطورات الحديثة. فحتى وإن قاوم الفقر في ما يخص الالتحاق بالعملية التعليمية، فسيجد صعوبات كثيرة تتعلق بمواكبة التكنولوجيا الحديثة، التي تحتاج إلى أموال كثيرة في أغلب الأحيان.
ثمة علاقة تلازم بين الفقر والجهل، فأينما حل الأول تفشى الأخير، وها هو العراق يرزح اليوم بين فكي الفقر والجهل بسبب السياسات الخاطئة والمحاصصة الطائفية، والفاسدين الذين لا هم لهم سوى المكاسب السياسية والمادية والصراعات للظفر بها، على حساب قوت الشعب الكادح.