مجتمع مدني

الكهرباء همّ العراقيين الشاغل تحت لهيب الصيف / شاكر العبادي

في ظل الظروف المتردية التي أثقلت تداعياتها كاهل المواطن العراقي، من سوء في الخدمات وتردي الوضع الامني، والخطف والقتل وغياب القانون وانفلات الاوضاع بشكل مخيف جدا، تبرز ازمة توفير الكهرباء المتفاقمة التي يعيشها المواطن منذ سنين، والتي اصبحت بمثابة الشغل الشاغل له، لا سيما خلال فصل الصيف، حيث درجات الحرارة التي تجاوزت حد منتصف الغليان.
ان هذه الأزمة الخانقة التي أرهقت العراقيين منذ 14 عاما، وقبل ذلك في ظل النظام الدكتاتوري المباد، تبدو اليوم وكأنها مفتعلة من قبل الحكومة، التي لا تحسن التصرف مع ملف خدمي كهذا يمس صلب حياة المواطنين. لذا ما معنى أن تصرف على قطاع الكهرباء مبالغ خيالية تصل الى عشرات المليارات من الدولارات، ما يساوي موازنة اربع دول، وحتى الآن لم يحصل المواطنون على قسط من الكهرباء!؟
وبحسب العديد من المواطنين، ان هناك آفات فساد تتحكم بهذا المفصل الحيوي، وتحكم قبضتها عليه، الأمر الذي يجعل المواطن يائسا من إيجاد حلول ناجعة في المستقبل القريب او البعيد لقطاع الكهرباء، نتيجة الفساد المستشري في المؤسسات المعنية بها، شأن غيرها من المؤسسات الحكومية، وإهدار المال بشكل غير منظم وغير مدروس.
ازمة الكهرباء في هذا الصيف اللاهب القاتل تفاقمت كثيرا، وأصبح المواطن جراء ذلك يعيش في ظل معاناة لا تحتمل. فالتيار الكهربائي يغيب لفترات طويلة، وإن وجد فهو ضعيف ولا يقوى على تشغيل أجهزة التبريد وبقية الأجهزة الكهربائية المهمة كالثلاجات والمجمدات.
ولو راقبنا جدول انقطاع الكهرباء في أي منطقة بغدادية، سنلاحظ مدى الضيم الذي لحق بالمواطنين، وأحيانا لا يتوقف الأمر على جدول انقطاعات، وإنما يتعدى ذلك لتستمر فترات غياب الكهرباء أياما عدة، في حال حصل عطل ما في المحولات المغذية، جراء ارتفاع حرارة الجو.
لنأخذ مثالا منطقة الزعفرانية في بغداد، حيث يقول العديد من أهالي المحلات 950 و 952 و954 و958 و961 في المنطقة، ان الكهرباء لا تزورهم خلال اليوم سوى ساعة أو ساعتين في الغالب، ويؤكد ذلك المواطن فرحان حميد، أحد أهالي المحلة 950.
ويشير حميد إلى ان عطبا كان قد أصاب محولة الكهرباء التي تغذي المحلة، تسبب في انقطاع التيار الكهربائي أياما عدة، نتيجة عدم قيام الموظفين المعنيين في دائرة الصيانة بإعادة تصليحها في وقت مبكر.
فيما يقول المواطن حميد عبد الله، من أهالي المحلة 954، ان التيار الكهربائي كان قد انقطع عن المحلة يومين كاملين، موضحا ان هناك جهات تتحكم بمنظومة الكهرباء، وربما تقوم بنقل الطاقة إلى مناطق أخرى.
ويلفت عبد الله إلى ان إقدام الدولة على خصخصة الكهرباء لا يمثل حلا ناجحا لمشكلات هذا القطاع التي بدت أزلية، متابعا قوله ان سياسة الخصخصة ستكون بمثابة حمل جديد يثقل كاهل المواطن الفقير الذي لا يملك ما يسد به رمق عائلته، وان الدولة بذلك تسير على سياسات خاطئة في تعاملها مع منظومة الكهرباء، وتثبت انها عاجزة عن إدارة ملف هذا القطاع الحيوي المهم.
ويستغرب الكثير من المواطنين تدهور التيار الكهربائي يوما بعد آخر، على الرغم من المبالغ الطائلة التي صرفت على هذا القطاع، ووعود المسؤولين الكثيرة باستقرارها، وحتى تصديرها إلى دول الجوار!
ولا يتوقف أمر تدهور الكهرباء على منطقة الزعفرانية، فالمعاناة شملت مجمل مناطق بغداد، إذ يقول المواطن محمد كاظم من أهالي منطقة المشتل، ان الكهرباء شبه معدومة في منطقتهم، ولا تعود إليهم إلا في ما ندر.
فيما يقول المواطن حيدر إسماعيل، من منطقة سعيدة، المحلة 961، ان تدهور الكهرباء وصل إلى أوجه في محلتهم التي تسكنها عائلات فقيرة.
مواطنون كثيرون يتساءلون عن مصير الكهرباء، وعن أسباب تدهورها، والمسؤول عن ذلك، ويتساءلون أيضا عن الأموال الطائلة التي صرفت عليها.
يضع المواطنون أسئلتهم على طاولات المسؤولين، مطالبين بإيجاد حل عاجل لمشكلة الكهرباء، للحد من معاناتهم الكبيرة في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
وكانت النائبة ماجدة التميمي، عضو اللجنة المالية البرلمانية، قد كشفت أخيرا في بيان صحفي، عن وجود 86 ملف فساد يدين عمل وزارة الكهرباء ويخص الموازنة الاستثمارية التي اقرها مجلس النواب في الموازنة العامة، مشيرة الى ان واحدا من تلك الملفات تضمن شبهة بـ 800 مليون دولار، وفيما اكدت انها ستقدم الملفات الى الادعاء العام والنزاهة والمحكمة الاتحادية، أوضحت ان "الأموال كانت مخصصة للنهوض بواقع الكهرباء في البلاد، إلا انه تم هدرها بأبواب مختلفة".