مجتمع مدني

المتقاعدون .. معاناة تستمر وآمال تتبدد

عباس رحمة الله
تعرض المتقاعدون في العراق، الذين يشكلون هم وعائلاتهم ما يقارب ثلث سكان البلد، منذ عقود إلى الإهمال والتهميش وحتى الإذلال، وكانوا يأملون بعد سقوط النظام الدكتاتوري المباد في 2003، استرداد حقوقهم القانونية والإنسانية، والعيش الكريم، بعد ما عانوا طويلا ظروفا معيشية صعبة، وأوضاعا صحية متدهورة، وتحملوا مشقات كثيرة.
فقد كانوا يأملون من الحكومة أن تنصفهم، من خلال إقرار قانون التقاعد الموحد، وتحسين رواتبهم البائسة، ومنحهم مخصصات مالية أخرى، إلا ان جميع آمالهم وأمنياتهم تبددت، ولم ينالوا استحقاقاتهم القانونية والإنسانية بصورة كاملة، ولم يكن مشروع قانون التقاعد الموحد الذي صدر في العام 2014، والذي لم يجر تفعيله وتطبيقه منذ ذلك الحين، بمستوى طموحهم، بينما تقر القوانين التي تتعلق بمخصصات المتنفذين وامتيازاتهم، وغيرها، خلال فترات قصيرة.
يتساءل المتقاعدون عن الوعود التي كان يطلقها المتنفذون قبل الانتخابات، والتي تفيد بإنصافهم ومنحهم مستحقاتهم كاملة وانتشالهم من واقعهم الصعب. ترى أين ذهبت؟ وإلى متى يبقى المتقاعدون يتجرعون مرارة العيش وقسوة الظروف؟
"طريق الشعب" التقت العديد من المتقاعدين، وسجلت معاناتهم مع ظروف الحياة الصعبة، ومناشداتهم الموجهة إلى الجهات ذات العلاقة، التي يأملون أن تجري الاستجابة لها.
الكثير من المتقاعدين يشكون تأخر تسليم رواتبهم الشهرية، وبهذا الصدد يقول المتقاعد أبو حسان، ان "مشكلة تأخر تسليم رواتبنا مستمرة، وهي تشمل المتقاعدين المدنيين والعسكريين، حيث يتم صرفها بعد أسبوع أو أكثر من الموعد المقرر".
ويتحدث أبو حسان عن معاناته وأقرانه المتقاعدين نتيجة تأخر الرواتب، وعن المشكلات الناتجة عن هذا الامر، التي تحصل بينهم وبين أصحاب المولدات الأهلية وأصحاب العقارات التي يستأجرونها، الذين يطالبونهم بتسديد الإيجارات الشهرية مع بداية كل شهر.
فيما يلقي المتقاعد أبو علي الضوء على ظاهرة جشع أصحاب مكاتب صرف مستحقات البطاقة الذكية "كي كارد"، مشيرا إلى ان البعض منهم يبتز المتقاعدين ويطلب منهم رسوما أكثر من المقرر.
ويطالب أبو علي بتوحيد رسوم صرف مستحقات "كي كارد"، ومحاسبة المتجاوزين من أصحاب مكاتب الصيرفة.
من جهته يتحدث المتقاعد أبو كامل عن معاناة المتقاعدين المسنين مع أمراضهم المزمنة وأوضاعهم الصحية الصعبة، وما يتطلبه ذلك من أموال طائلة لشراء العلاج ومراجعة الأطباء، داعيا وزارة الصحة إلى تخفيض أجور مراجعة المستشفيات الحكومية وإجراء العمليات الجراحية، عن المتقاعدين، أو إعفائهم من دفعها مراعاة لظروفهم المعيشية الصعبة، وتقديرا لتاريخهم الطويل في خدمة الوطن.
وفي سياق مقارب تدعو المتقاعدة أم جاسم، إلى تخفيض أجور النقل عن المتقاعدين الذين يسافرون إلى الخارج عبر الخطوط الجوية العراقية، لغرض العلاج. فيما يدعو المتقاعد أبو تغريد الجمعيات الاستهلاكية، إلى دعم المتقاعدين عند شرائهم الأجهزة المنزلية والمستلزمات الضرورية، من خلال أقساط شهرية مريحة لا تؤثر كثيرا على دخلهم الشهري.
من جانبه يتساءل المتقاعد أبو سلام عن الاستقطاعات التي شملت رواتبهم، وهل سيبقى هذا الأمر ساريا أم يلغى؟ وهل ستجري اعادة مبالغ الاستقطاعات إلى المتقاعدين، لا سيما بعد ان ارتفع سعر برميل النفط خلال هذا العام ووصل إلى 50 دولارا؟
بينما يدعو المتقاعد أبو مهند وزارة المالية إلى إعادة النظر في رواتب المتقاعدين البائسة، التي قد لا تغطي مصاريف عيش عائلاتهم لأكثر من أسبوعين فقط. فهم يدفعون شهريا بدلات إيجارات السكن، وخطوط المولدات، ومصاريف أولادهم، وغيرها من متطلبات الحياة اليومية الغذائية والصحية، وكل ذلك مطلوب من رواتبهم البائسة تغطيته.
أما المتقاعد أبو أياد، فهو يتحدث عن حاجة المتقاعدين إلى السلف المالية، مبينا انهم ينتظرون إطلاقها من قبل مصرف الرافدين، وتسهيل مهمة تسليمهم إياها، من دون شروط صعبة أو تعجيزية، كأن يكون الكفيل موظفا حكوميا من حاملي البطاقة الذكية.
ويدعو أبو أياد إلى إلغاء ذلك الشرط الصعب، وقبول كفيل من المتقاعدين الذين يتسلمون رواتبهم من مصرف الرافدين نفسه.