مجتمع مدني

مرجع ديني يعتبر تعديل الاحوال الشخصية استغلالا سيئا للدين ولجنة حكومية تحذر من آثاره الكارثية

طريق الشعب
اعتبر مرجع ديني عراقي، التصويت المبدئي من قبل البرلمان، على مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية، استغلالا سيئا للدين، وفيما دعت اللجنة الدائمة العليا للنهوض بواقع المرأة العراقية، الى عدم تشريع القانون المثير للجدل، حذرت من أن التعديل له "آثار سلبية" تضر بالمجتمع وتسيء للمرأة".
في غضون ذلك، نددت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بمشروع القانون الجديد، عادة اياه مخالفة صارخة للشرع الإسلامي الصحيح والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
استغلال للدين
قال المرجع الديني، جواد الخالصي في رد له على سؤال بشأن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد وزواج القاصرات، إنها "قضية فقهية فرعية وفيها اختلاف واجتهادات كثيرة"، مضيفا "انا لست مع تزويج البنت حتى في الخامسة عشر لكي نقوم ببناء أسرة متماسكة".
واضاف ان "القوانين القرآنية جاءت لصالح المرأة وليس ضدها"، معتبرا ان "الاستغلال السيئ للدين أنتج قانون الأحوال الشخصية الجديد هذا ". ودعا الخالصي "المشرعين لهذا القرار الى تخفيض رواتبهم بدل الخوض في مسألة تزويج القاصرات".
اساءة للمرأة
وقال بيان للجنة الدائمة العليا للنهوض بواقع المرأة العراقية، التي تترأسها امينة بغداد ذكرى علوش، واطلعت عليه "طريق الشعب"، إن "رئيسة اللجنة الدائمة العليا للنهوض بواقع المرأة العراقية ذكرى علوش ترأست الاجتماع الدوري للجنة لمناقشة عدد من القضايا المطروحة على جدول أعمالها وأهمها قانون الأحوال الشخصية المعدل".
وأضافت، أن "أعضاء اللجنة اتفقوا على رفض تمرير قانون الأحوال الشخصية المعدل وعدم السماح بتزويج القاصرات"، مؤكدة "الاتفاق على عدد من النقاط والآليات من قبل أعضاء اللجنة للمطالبة بعدم إقرار القانون في مجلس النواب".
ونقل البيان عن علوش قولها، إن "التعديل له آثار سلبية تضر بالمجتمع وتسيء للمرأة العراقية الى جانب كونه يتنافى واتفاقية (سيداو) التي تنص على احترام حقوق المرأة".
اهانة للعائلة العراقية
في غضون ذلك، احتضنت النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين، امس ، مؤتمرا صحفيا، بمشاركة شبكة النساء العراقيات ومنظمات المجتمع المدني، وحضر المؤتمر ممثلون عن تجمع النساء المدنيات اضافة الى رجال الدين وعدد من النساء تم تزويجهن في سن مبكر وتحت الاكراه، وعدد من الأكاديميين والحقوقيين الرافضين لمشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية.
واكد المؤتمرون، ان مشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية، انتهاك للحقوق المدنية.
وبينت الصحفية امل صقر، موقف النقابة والمنظمات النسوية، من تعديلات قانون الاحوال الشخصية، مؤكدة "رفض التعديلات التي طرحت داخل مجلس النواب"، معتبرة القانون "اهانة للعائلة العراقية، وعلى وجه الخصوص للمرأة العراقية"، مستطردة ان "النقابة الوطنية وتحالف المادة 37، تطالب بسحب هذه التعديلات والاعتذار رسميا من قبل مجلس النواب للشعب العراقي".
بدوره، اوضح المحامي وعضو النقابة الوطنية، حسام الحاج، انه "كان من الافضل ان تطرأ على القانون تعديلات تتناسب مع تطور المجتمعات"، مبينا ان "التعديلات الاخيرة جاءت على عكس ذلك بحكم ان نسب الطلاق في العراق تأخذ بارتفاع مستمر بسبب التزويج المبكر اضافة الى الاشكالات القانونية بسبب ان التعديل استند في الاساس إلى الفقه الاسلامي".
وشارك الجميع بعد ذلك بوقفة استنكار مصحوبة بمتابعة للكلمات التي صدرت عن عدد من منظمات المجتمع المدني والنساء المدنيات وكانت من بينها كلمة الناشطة بشرى ابو العيس والتي بينت، ان "شبكة النساء العراقيات اضافة الى العشرات من المنظمات والتجمعات غير الحكومية ترفع شعارا (من السلام في المنزل الى السلام في العراق)، مطالبة "صناع القرار بسحب مقترح تعديل قانون الاحوال الشخصية والاسراع بتفعيل قانون مكافحة العنف الاسري".
في حين قدمت منسقة شبكة النساء العراقيات السيدة امل اكداش موجزا عن انجازات شبكة النساء العراقيات في اسقاط تعديل قانون الاحوال الشخصية عن طريق اقامة عدد من الحركات والوقفات الاحتجاجية وحملة للتواقيع الالكترونية اضافة الى لقاءات مع عدد من النواب مع عدد من منظمات المجتمع المدني من اجل بيان مخاطر قانون يدعو الى هيمنة الطائفية وسحب المكتسبات التي وفرها قانون الاحوال الشخصية النافذ.
تعليم القاصرات لا تزويجهن
اما الناشطة زينة الطائي، فبينت ان هناك وقفات احتجاجية اقيمت في دول مختلفة منها اللقاء العالمي في موسكو والذي وقع عليه 44 حزبا شيوعيا ويساريا ورؤساء احزاب اخرى بالضد من مقترح قانون الاحوال الشخصية.
وفي ختام المؤتمر تم عرض موقف لاحد رجال الدين ازاء قانون الاحوال الشخصية الذي طالب بتعليم القاصرات والايتام بدلا من تشريع قانون لتزويجهن.
وفي استراليا ايضا
وفي استراليا، وبدعوة موجهة إلى نساء الجالية العراقية من قبل لجنة المرأة في التيار الديمقراطي العراقي في أستراليا وفي جمعية بغداد الثقافية للقيام بوقفة احتجاجية أمام مبنى السفارة العراقية في كانبيرا عاصمة أستراليا بالضد من مشروع قانون التعديلات المجحف على قانون الأحوال الشخصية النافذ المرقم 188لسنة 1959، حيث استجابت للدعوة والسفر إلى كانبيرا كل من لجنة المرأة والطفل في جمعية الصابئة المندائيين في أستراليا، ولجنة المرأة في النادي الثقافي المندائي الأسترالي، ومجموعة مستقلة من سيدات الجالية العراقية، للوقوف أمام مبنى السفارة العراقية، صبيحة الأثنين 13 تشرين الثاني 2017 ، حيث تمّ رفع الشعارات الوطنية المنددة والمستنكرة لمشروع التعديلات المجحفة والرجعية. بحسب بيان لمنظمي الاحتجاج تلقت "طريق الشعب" نسخة منه.
وعند وصول النساء المحتجات لمبنى السفارة، وقفنّ أمام مبنى السفارة رافعات الشعارات الوطنية المستنكرة للتعديلات سيئة الصيت والشعارات الداعية لحماية حقوق المرأة ومساواتها بالرجل بدلاً من سن قوانين جديدة تعيدها الى العصور المظلمة ، وبدأن بترديد الهتافات الوطنية المنددة بالفساد والتخلف. بعدها طلبت الزميلة رئيسة لجنة المرأة من المسؤول الأمني في الشرطة الاسترالية الفيدرالية الاتصال بالسفارة للسماح لهنًّ بتسليم بيان الاحتجاج الى السيد السفير. في البدء رحبت السفارة بصعود أربعة من الزميلات إلى داخل السفارة، بعدها تم إبلاغهنّ بأن السفير غير موجود في السفارة في الوقت الحاضر، وان موظفاً في السفارة سيستلم البيان الموجه الى الرئاسات الثلاث.
واشار المحتجون في البيان، أن لجنة المرأة كانت قد بعثت برسائل رسمية الى السلطات الامنية المسؤولة عن أمن السفارات وكذلك تم إعلام سعادة سفير جمهورية العراق بذلك مع ذكر الوقت والتأريخ. مما يؤكد ذلك أن مسؤولة في السفارة كانت على اتصال بالقائمين على المهمة عبر الهاتف مستفسرة عن موعد الوصول إلى مبنى السفارة.
واستنكروا "تجاهل السفير وعدم حضوره" وأن الامتناع عن استقبالهن تحت رقابة أمنية هي سابقة خطيرة لم يسبق حدوثها سوى في عهد النظام الدكتاتوري البائد.
تنديد عربي
عربيا، نددت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية، عادة ذلك مخالفة صارخة للشرع الإسلامي الصحيح والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وبحسب بيان للمنظمة نشرته على موقعها الرسمي، ان "هذا القانون المعيب يعد نهاية مؤسفة لقانون الأحوال الشخصية العراقي الصادر في العام ١٩٥٩ والذي كان يعد أحد أفضل التشريعات العربية في مجال حقوق المرأة والأحوال الشخصية، وكان يقضي بعدم جواز تزويج الفتيات دون ١٨ عاما، ويفرض ضوابط شرعية وقانونية على تعدد الزوجات".
ودعت المنظمة "الأمم المتحدة الى التوقف عن تقاعسها إزاء هذا القانون الكارثي، وأن تتخذ التدابير الكفيلة بوضع حد لمحاولات تمرير القانون، والعمل على تفعيل توصيات لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة".