مجتمع مدني

العودة الى قانون الأحوال الشخصية.. تعديل أم تخريب؟

قسم التحقيقات (طريق الشعب )
قد تعيد موضوعة "زواج القاصرات" الذاكرة العراقية الجمعية "مؤقتاً" الى استذكار أغنية "فصليه" وهي أغنية ريفية عراقية سبعينية غناها المطرب الريفي الراحل عبادي العماري ولاقت انتشارا واسعا بين شرائح المجتمع بسبب جرأتها في فضح عرف عشائري يقضي بفض النزاع بين قبيلتين بـ "دية الفصلية" وتقع ضحيته فتاة بريئة لم ترتكب أي خطأ عدا كونها شقيقة الجاني أو ابنة عمه أو ابنة أحد "برمكية" أقاربه!
تقول كلمات أغنية "فصليه" – ونرى من المستحسن سرد كلماتها كاملة – لما تتضمنه من نقد تفصيلي جريء لحادثة عرفية تعد بمثابة جريمة شنيعة بحق المرأة العراقية وبحق سفر تاريخها النسوي المشرف.
" جابوها دفع للدار لاديرم ولاحنه ولاصفكه
ولادف النعر بالسلف لاهلهوله لاملكه
سالت الناس عن قصة هالبنيه
شعجب جارو عليها بغير حنيه
ورديت بكلب حزنان من كالوي فصليه
العنت ظلم التقاليد بالف حركه
عمنهه الاخضر الهرفي بسعر اليابس تحركه
احديثه اتكول حوريه بربيع العمر مياله
حرام ادموعهه الطيبات عالخدين همالهه
وين العطف والرحمه يفصاله
لاسوت ذنب لاهيه جتاله
جاهيجي حكم ديوانك المهيوب ودلاله
علي تحرم فناجينه وكهوته وكعدت ارجاله
غصبتوها ضلمتوها حرمتوها هضمتوها
وهبتوها لشخص ظالم حتى من العقل ما يملك اوشاله
يحاجيها بدفرته وكال فصليه عساها ابخت من فصلوا واطو مهرة الفارس لوادم ماهي خياله
وحوبتها وراهم دوم تحركهم بكل شهكه
تتحسر تدير العين محد يرحم الشكوى
اسيره تكول جابوها بلارحمه ولاسلوى
ياديوان السلف بسك فحطنه من الفصل والثار والنهوه"!
هذه الأغنية، رغم خطابها الجرئ في الفضح والتعرية لعرف يستهجن ويستخف بالمرأة وبكرامتها ويحطم قيمتها الانسانية ومستقبلها وأنوثتها ويعاملها كرديف للفصل المالي الا أنها عادت "أي الأغنية" مؤقتا الى الأذهان قبالة "طركاعه برلمانية جديدة" مُرِّرت على حين غرّة، وتبارى دعاتها في تصريحاتهم الفضائية في الدفاع عن مأربهم الجديد انطلاقا من غايات طائفية وظلامية وربما دعاية انتخابية مبكرة ضحيتها المرأة العراقية مجددا، والا كيف يمكن الرجوع بعجلة مسيرة المدنية الى الخلف؟ ولماذا هذا السعي الحثيث "الى تخريب" قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959 الذي تتباهى به المرأة العراقية بعدما حظيت في ظله بمكتسبات وحصانات كبيرة وظلت تفتخر بها قبالة نساء الكثير من الدول الاقليمية والعربية والاسلامية بل والعالم أجمع!؟
من الأخير
"سابقا" أجبرت بعض الأعراف الموجودة في المجتمع بعض الفتيات على الوقوع في فخ الزواج في سن مبكرة، دون مراعاة عمر الفتاة، وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة همدت وباتت من الماضي إلاّ أننا لا نزال نسمع بين فترة وأخرى بزواج قاصر من رجل مسن. أما الآن فأمامنا موافقة مجلس النواب العراقي "من حيث المبدأ" على تعديل مشروع قانون الأحوال الشخصية خلال جلسته المنعقدة في 31 تشرين الأول الماضي. وأمامنا، على خلفية "من حيث المبدأ على التعديل"! جدل واسع في الأوساط العراقية والعالمية. وأمامنا بموجب المادة الثالثة من التعديل المقترح "يلغى نص البند (5) من المادة العاشرة من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل ويحل محله ما يأتي:"يجوز إبرام عقد الزواج لأتباع المذهبين "الشيعي والسني" كل وفقاً لمذهبه من قِبَل من يجيز فقهاء ذلك المذهب إبرامه للعقد". وبحسب الفقرة الأولى من المادة السابعة من قانون الأحوال الشخصية الحالي والصادر في عام 1959 بعيد سقوط النظام الملكي، يشترط بلوغ الزوجين 18 عاما لعقد القران!
أمامنا اقتراح نواب يرمي الى تعديل/ تخريب قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي يحظر الزواج قبل سن 18 عاما ويمنع خصوصا "رجال الدين" من مصادرة حق الأهل بالتوجه إلى محاكم الدولة.
أمامنا اذن موجة غضب في داخل البرلمان نفسه، حيث يدور جدل بين مقترحيه الذين يعتبرونه "شرعيا" ومعارضيه الذين يصفونه بأنه "اغتصاب للطفولة".
بلوى..
مخاطر كارثية
بحسب بعض المحللين النفسيين والمتخصصين في القضايا الأسرية والمجتمعية فان الفتاة الصغيرة ليس لديها أي وعي كافٍ وبالتالي نحن أمام معضلة كبيرة بل ومؤثرة بشكل مباشر على المعطيات العقلية والنفسية والجسدية لهذه الفتاة.
ويعتقد هؤلاء أن الزواج من فتاة تحت سن 18 يؤثر بشكل مباشر، أولاً على المعطيات الخاصة على البنت التي يتم تزويجها وكذلك على المفهوم العام للديناميكية الخاصة بالحياة الزوجية والمعطيات التي ستؤثر بشكل سلبي لاحقاً على ما تقدمه هذه الفتاة بجهالة من عدم معرفة بكثير من الأمور التي يجب أن تكون على علم بها.
كما أن زواج القاصرات يجعلهنّ عُرضة لمخاطر عديدة على الصعيد الطبي والنفسي والاجتماعي، مما جعل الكثير من المنظمات والأعراف الدولية تقف مناهضة له، فعلى الصعيد الطبي عادةً ما تكون الفتاة القاصر في طور النمو وتحديداً النشاط الهرموني والذي يضطرب بالزواج المبكر جداً، مما يقود بالتالي إلى تعسر الولادة الطبيعة في الأعمار الصغيرة، كذلك هن عرضة لحالات الإجهاض والحمل العنقودي ذي النشاط السرطاني في ظروفه السيئة، إضافةً إلى مضاعفات أخرى قد تصل إلى الوفاة أثناء الولادة، مضيفاً أنه على الصعيد النفسي هن عُرضة أكبر من غيرهن للاكتئاب ما بعد الحمل مما يجعلهن يشعرن بالعزلة والانطوائية والتي قد تعود بسلبية على صحة الأم والطفل، فيشعرن بالابتعاد والاهمال والخوف في كثير من الحالات بحسب الدراسات الحديثة، مبيناً أن الوعي لا يزال غير مكتمل عند المرأة الناضجة، إضافةً إلى الشعور بالمسؤولية والذي حتماً يلقي بظلاله على هذه الإشكالات، كما أن اهتمامات المراهقة لا تزال تصحبها في هذا الفترة من العمر مما يجعل التفاهم أصعب منه في عمر متقدم، خاصةً في علاقة خاصة متينة كالعلاقة الزوجية.
لماذا زواج الفتاة القاصر؟
التعريف الاجتماعي للقاصر هو كل فرد يعجز عن تولي مسؤولية نفسه القانونية والاجتماعية بسبب حالته العقلية والجسدية والعمرية، ويبدو أن هناك عدة أسباب لزواج القاصرات منها عدم الشعور بالمسؤولية من ولي القاصر، إن أي تهاون أو إخلال من الولي في حقوق القاصر أو استغلالها لتحقيق مصالح خاصة يعرضه الى المحاسبة الشرعية والقانونية، وأحيانا يُعد الفقر أحد الأسباب لبروز هذه الظاهرة، مما يضطر الأسرة إلى استغلال القاصرة وتزويجها من أجل الكسب المالي.
كما أن الخوف من العنوسة أصبح هاجساً مقلقاً، حتى أصبح مجرد وجود الخاطب فرصة لا تعوض ولا يمكن تفويتها دون النظر في حالة القاصرة واستعدادها النفسي والاجتماعي والجسدي للزواج.
والأهم من كل هذا وذاك هو النظرة الدونية للمرأة وتوفر موروث شديد التخلف يرى في المرأة/ الجسد وعاء لا غير وليس لهذا الوعاء غير زوجها وبيتها وأبنائها، وبالتالي لا بد من الاسراع في تزويجها "للخلاص من شرها ومسؤليتها"!
على أن قضية زواج القاصرات أصبحت محصورة بين فئتين من أولياء الأمور، فئة تقر بمشروعيته وترى أن من مصلحة الفتيات الزواج المبكر بغرض الإحصان والعفاف، وترى أيضاً أن الحاجة إلى ولي ينفق على الفتيات الصغيرات في ظل غلاء المعيشة ونفقات تربيتهن يبرر زواجهن ومعيشتهن في كنف زوج مقتدر، في حين أن الفئة الأخرى لا تقر هذا الزواج لإيمانها بأن الزواج مسؤولية متكافئة بين طرفين يجب أن يكونا على وعي تام بما يترتب على الشراكة الزوجية من التزام بالانفاق من أحدهما والالتزام بفراش الزوجية عند الطرف الآخر، إلاّ أن كلا الطرفين لم ينظرا إلى زواج الفتاة القاصرة من الناحية البيولوجية في حالة حدوث حمل وإنجاب وما يحدث من مضاعفات، فكيف يمكن لطفلة أن تقوم بتربية طفلة وتنشئتها وحضانتها؟ فالأمومة مسؤولية.
انتهاك الطفولة
بنظر سلمى جمال، اعلامية أن زواج القاصرات تجاوز لكل القيم الدينية والإنسانية ويعتبر سن الثامنة عشر هو سن التكليف فكيف ينتهك سن طفولتهن وتخطف أحلامهن وتوأد ضحكاتهن ويقاد مصيرهن نحو المجهول تحت مسمى الستر، وكيف لولي أن يضع مصير صغيرته التي لا تحسن تدبر الأمور في كف المجهول؟ فمن مقومات الحياة الزوجية تكافؤ الزوجين في الإدراك والفتاة الصغيرة قاصر قليلة نضج فكيف يكون هذا الزواج متكامل الأركان؟ ناهيك أن الزوج يفوق عمر الأب في الغالب وكأنه يشتري زمناً لعمره على حساب تلك الصغيرة".
وأضافت:"ضرورة تكثيف الإعلام الوعي عن حقوق المرأة والطفل، ويجب أن يكون هناك برامج مباشرة لتلك القضايا للطرح والمعالجة، حيث إن هناك حاجة إلى تثقيف الصغيرات القاصرات وهذا دور منوط بالتعليم والإعلام بالشراكة".
وبينت سلمى أن زواج القاصرات هو أكبر دلالة على استمرارية الجهل عند بعض الأسر، وعلى رغم أن التوعية بدأت تنتشر في الجيل الحالي إلاّ أن الجيل السابق من آباء وأمهات بحاجة إلى قانون يمنعهم من ممارسة هذه السلطة الظالمة على القُصّر، ويعطي كل ذي حقٍ حقه، مضيفةً أن هذه الظاهرة حتى وقتنا الحالي لا زالت موجودة، وأن الجهل لا زال يعشش في عقول البعض ويحتاج الى اجتثاث من الجذور، متسائلةً: ما هو السبب الدافع لتزويج الأب ابنته بعمر الطفولة؟ مبينةً أن كل حالة رأتها عينها هي طفلة تأخذ زوجها كأب ثانٍ بسبب فارق العمر بينه وبينها، فكم من حالة زواج قاصرة تسببت في هرب فتيات؟ وكم من حالة كان مصيرها الطلاق؟ وما خفي كان أعظم، لافتةً إلى أنه لم يعد الوعي حلاً بقدر ما إننا بحاجة إلى قانون يحفظ حق القاصرات، فهنَّ أمانة في أعناق ولاة أمورهن وليس العكس!
ورأت سلمى أن هذا القانون مجحف بحق المرأة العراقية، ويتنافى مع قرارات الامم المتحدة التي تحث على حقوق المرأة وكرامتها، وأن زواج طفلة بعمر 9 سنوات سوف يخلق مجتمعا بلا مبادئ، لأن هذه الطفلة الزوجة ستكون في مرحلة المراهقة وغير قادرة على بناء اسرة صحيحة. وبغض النظر عن سلبيات هذا القانون، كان يفترض أن يعقد البرلمان جلسات الاستماع للمجتمع المدني لطرح الغرض من اجراء هذه التعديلات بشكل دقيق. مضيفة: من المستغرب عرض هذا القانون في هذا الوقت! وما هي أهميته؟ أليس هناك ممارسات مجتمعية يجب أن تقنن ومن غير المقبول سحق انسانية المرأة وجعلها سلعة وفق القانون".
سلمى أضافت:"أن قانون زواج القاصرات هو لعبة سياسية، تخدش الطفولة والبراءة، وهي محاولة لتشتيت الشعب العراقي عن ازماته السياسية والاقتصادية والخدمية وحالات الفساد المستشرية، وهذا المشروع "قانون تعديل الاحوال الشخصية" يعد احد اساليب العنف والتمييز ضد المرأة، ونحن نسعى الى إقامة حملات توعوية وشعبية ضد تشريع هذا القانون".
مواقع التواصل الاجتماعي
تتابع المنظمات الحقوقية ومنظمات المرأة عبر العالم تطورات ما بات يُعرف إعلامياً بـ "قانون زواج القاصرات" في العراق، حيث تتداول وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي مساعي بعض الأحزاب في مجلس النواب لإجراء تعديلات على قانون الأحوال الشخصية.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي سيلا من الانتقادات الحادة بدأ أغلبها برسوم كاريكاتورية تتأرجح بين السخط والسخرية من عمر التسع سنوات لتزويج الفتاة. وكانت ردود الأفعال مماثلة في الشارع العراقي بشكل عام.
ويقول محمد نجم: إن المقترح هو "قانون داعشي" يسمح باغتصاب الأطفال بصورة "شرعية".
ويضيف:"زواج القاصرات جريمة بحق الطفولة واغتيال للبراءة، ويأتي ضمن مسلسل الفوضى والعبث بالقوانين بدوافع قبلية وطائفية، والخطير الذي أتخوف منه أن يتيح سعي البعض الى التعديل الدستوري والقانوني ترويج زيجات القاصرات بما يمثل تراجعاً عن قيم المجتمع المدني وتشريعاته التي سادت العراق منذ قيام الدولة الحديثة عام 1921.
سالم ريسان يقول: لقد اصبح العراق في عين العاصفة, في الاعلام والصحافة الدولية, في السخرية والتهكم والسخط والاحتجاجات العاصفة نتيجة تشريع التعديل لقانون الاحوال الشخصية الجديد, الذي اقره البرلمان العراقي مؤخرا, ويبح زواج الطفلة القاصرة بعمر 9 سنوات, ويجيز حتى الزواج قبل هذا العمر, فقد اصبح هذا التعديل الجديد, حديث الساعة والناس, واصبح المادة الاولى في الاعلام والصحافة الدولية. فقد انتشر التقرير الصحفي عن العراق حول زواج القاصرات بعمر 9 سنوات كانتشار النار في الهشيم, وبات الخبر الاول عن العراق , وكثرت تعليقات المعلقين والاعلاميين, بالتساؤلات الوجيهة. هل يحدث هذا فعلاً وتحت مظلة القانون, قانون اغتصاب الاطفال؟ يا للسخرية! وماذا يختلف هذا القانون عن الشريعة الدينية التي يؤمن بها تنظيم داعش, في اغتصاب الاطفال, والفتيات الصغيرات القاصرات واغتيال حق الطفولة؟ انه ينتهك حقوق الطفولة ويعتبر نكسة مخزية وقد تناولت الصحافة والاعلام. ويتصاعد الغضب والاحتاج في العراق بشأن مساعي البرلمان لإجراء تعديلات على قانون الأحوال الشخصية يتيح زواج القاصرات وهو ما يلقى رفضا واسع النطاق من قبل الجماعات والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان. وتفجر الجدل بعد أن صوت البرلمان، من حيث المبدأ، على إقرار تعديلات على قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، وهو مسعى يمثل المحاولة الثالثة لتمرير قانون يجيز زواج القاصرات منذ سقوط النظام السابق عام 2003، بعد فشل المحاولتين السابقتين. وتشمل التعديلات عدة بنود تجيز احتكام الأفراد، كل إلى مذاهبهم الدينية، للبت في بعض القضايا المتعلقة بالميراث والزواج والطلاق، وهو ما يعني فعليا السماح بزواج القاصرات في سن يمكن ان يصل إلى 9 سنوات. وتختلف المذاهب والأديان بشأن الأمور المتعلقة بالزواج والطلاق وحقوق كل من الجانبين. فهناك من يعتبر أن سن تكليف المرأة بالواجبات الدينية مثل الصيام والصلاة يبدأ من 9 سنوات، فضلاً عن جواز تزويجها مع بلوغها هذا السن.‎ وهذه التعديلات المطروحة تحمل خطورة كبيرة كونها لم تراع أن البلد متعدد القوميات والطوائف والأديان. ولم تلتفت الى التزامات العراق الدولية فيما يتعلق بملف حقوق الانسان، فقد سبق ووقع العراق على اتفاقيات دولية أصبحت ضمن قانونه الوطني ويجب مراعاة تلك القوانين، وينص قانون الأحوال الشخصية الحالي على عدم جواز زواج الفتيات دون سن الـ18 عاما. ومن بين التعديلات الأخرى التي يسعى البرلمان العراقي الى إدخالها على قانون الأحوال الشخصية، هي السماح للزوج بتعدد الزوجات دون إذن الزوجة، وله الحق في الحصول على حضانة الطفل بعمر السنتين، ويجبر الزوجة على السكن مع أهل زوجها. وينفي بعض رجال الدين نفيا مطلقاً جواز تزويج القاصرات وفق الشريعة الإسلامية، بغض النظر عن المذاهب. ويرى إن زواج القاصرات مرفوض، ومن يقول إن هناك في الشريعة تحديداً لعمر الفتيات للزواج، فهذا هو تحديد للتكليف الشرعي ولا دخل له بالزواج، 9 سنوات فقهيا تصوم وتصلي ولكن ليس سن زواج. كما أن مقترح تعديل القانون يجيز أيضا تصديق عقد الزواج الشرعي بعد ستين يوما في المحكمة، دون أن يعرف ما إذا كان هناك خلاف خلال هذين الشهرين قبل تصديق عقد المحكمة مع احتمالات حصول حمل؟ كما أن التعديلات المقترحة تتجاوز على السلطة القضائية بحكم أنها تجيز تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية بالرجوع إلى مذهب الشخص في بعض الأحكام مما يعني البت في بعض القضايا يكون عن طريق السلطة التنفيذية ممثلة بالوقفين السني والشيعي وبالتالي إلغاء دور القضاء.
حرمان ومأساة
يقول ماهر عبدالصاحب، طالب ماجستير: قانونيا، يتم تعريف الفرد القاصر في القانون على أنه هو كل إنسان ما زال في مرحلة الطفولة أي أنه، لا يزال واقعاً تحت وصاية والده أو شخصاً مسؤولاً عنه بصفة عامة ويتم تعريفه بأنه هو ذلك الفرد العاجز عن تولي مسؤولية نفسه وحده وهو يكون مرتبطاً بشكلاً كلياً ومباشراً بعائلته وتنص أغلب القوانين في أنحاء العالم على أن تعريف القاصر يعني أنه هو كل شخص تحت سن الثامنة عشر عاماً، وبالتالي فإنه ذلك الفرد أو الشخص القاصر هو شخص لا يستطيع بعد أن يقوم بتحديد اختياراته أو أبعاد حياته الخاصة سواء من جانب الأهل أو من جانب المسئولين عن ذلك الشخص القاصر ولعل من أبرز صور ذلك الاستغلال السيئ للقاصر هو ظاهرة زواج القاصرات وهي ظاهرة تؤدي إلى العديد من النتائج السلبية على الفتيات وغالباً ما تؤدي بهن إلى المشاكل الاجتماعية والنفسية وبالأخص هؤلاء القاصرات اللواتي تزوجن في سن مبكرة وخصوصاً أولئك الفتيات من سن ( 8-15 ) عاماً، هذا على الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان للتصدي الى تلك الظاهرة والتي بلغت حد المطالبة بضرورة فرض عقوبات على كل شخص يزوج ابنته القاصر ويقوم بحرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية مثال الحق في الحياة أو التعليم أو الاستمتاع بطفولتها .
ويبدو أن هناك عدداً من الأسباب أو العوامل التي تؤدي إلى زواج القاصرات ومن هذه الأسباب:-
أولاً :الفقر ويعد من أكثر وأهم الأسباب المؤدية إلى تزويج القاصرات والذي ينتشر بشكل كبير في المناطق الفقيرة من العالم ، و التي يكثر فيها عدد أفراد العائلة الواحدة ، مما يؤدي إلى إجبار الأهالي على تزويج بناتهم في عمر صغيرة من أجل التخلص من عبئها المادي.
ثانياً: العادات والتقاليد وهي من الأسباب المؤثرة وبشكل مباشر في زواج القاصرات، وخصوصاً في تلك النوعية من المجتمعات التي تعتمد على موروثها الاجتماعي المرتبط بضرورة تزويج البنات بعمر صغير كجزء من العادات هذه.
ثالثاً: الجهل وهو عنصر خطير وللأسف فهو منتشر بين الكثير من العائلات، حيث أنهم لا يدركون بالفعل مخاطر تزويج ابنتهم في سن صغيرة ،و لا يقدرون تبعات ومسئوليات ذلك الزواج عليها.
ويضيف ماهر يوجد الكثير من الآثار السلبية المترتبة على زواج القاصرات منها:
أولاً: غالباً ما يحدث للعديد من الفتيات القاصرات اضطرابات نفسية، وذلك راجع بشكل أساسي إلى تلك الصدمة النفسية التي يتعرض اليها هؤلاء الفتيات جراء هذا الزواج المبكر لهن حيث أنهن ما زلن في مرحلة الطفولة ولم ينضجن بعد، ولذلك فإن العديد منهم يقعن فريسة للأمراض النفسية مثل الاكتئاب أو القلق والخوف المرضى.
ثانياً: عدم نضوج عقل الفتاة بالشكل الكافي والذي يجعل منها لا تستطيع التعامل أو التصرف مع زوجها بشكل جيد وخصوصاً في تلك الحالات التي يكون فيها فارق السن بينهما كبيراً مما يتسبب في حدوث الكثير من المشاكل .
ثالثاً: أحياناً ما يلجأ الرجل إلى الزواج من فتاة صغيرة ولفترة مؤقته مما يجعله يتأمل معها على أنها خادمته وليست زوجته وبالتالي تعاني القاصر أشد أنواع المعاناة من تلك المعاملة.
رابعاً: تكون أعضاء الفتاة التناسلية في هذه السن الصغيرة غير مكتملة ، مما يجعلها لا تستطيع تحمل أعباء الحمل والولادة، مما يكون السبب الرئيس في تعريضها إلى العديد من المخاطر الصحية الخاصة بالحمل مثل أمراض السكري أو الضغط، حيث قد أشارت الكثير من الأبحاث والدراسات العلمية والطبية إلى أنه يوجد نسبة كبيرة من الأطفال الذين يولدون، ولديهم تشوهات خلقية وذلك راجع إلى صغر عمر الأم علاوة على وجود نسبة عالية من الأطفال ، و الذين يموتون قبل ولادتهم وأيضاً نسبة عالية من الوفيات بين الأمهات الصغيرات في خلال فترة الحمل والولادة نتيجة عدم قدرة أجسامهن على الحمل والولادة ، حيث أنه وفي أغلب الحالات يتم إجراء الولادة لهؤلاء الفتيات القصر بالشكل الطبي القيصري وذلك لعدم قدرة جسم الفتاة على الوضع بشكل طبيع نظراً لعدم اكتمال نمو الجسم بما يسمح للحمل والولادة.
خامساً: يتم حرمان الفتاة من الاستمتاع بطفولتها أو تعليمها.
سادساً: تفقد الفتاة هويتها الاجتماعية نتيجة هذا الزواج الإجباري، و يزداد لديها الشعور بأنها لا تمتلك شخصية خاصة بها، وذلك راجع إلى إحساسها بعدم قدرتها على اتخاذ أي قرار يخصها.
سابعاً: تصبح تلك الفتاة القاصر في حالة أمومتها أما لا تمتلك ثقافة أو خبرة تمكنها من حسن التعامل مع أطفالها، حيث أنها لا تزال في مرحلة الطفولة فكيف ستستطيع التعامل كأم مع أولادها.
ثامناً: لا تتمكن الفتاة القاصر من إدارة شئون منزلها بالشكل الجيد أو الكافي.