مجتمع مدني

دور "الشيوعي العراقي" في نضال الطبقة العاملة / ناهض الشيخ علي

اتخذ نضال الطبقة العاملة في العراق ابعادا وآفاقا وطنية منذ البدايات الاولى لنشوء التنظيم النقابي للحركة العمالية، حيث واجهت الطبقة العاملة، شأنها شأن الاحزاب والحركات السياسية حالات المنع والتجريم والملاحقة والحيلولة دون السماح للعمال في مزاولة حقهم الشرعي في العمل النقابي.
وشهدت تلك المرحلة نضالات عمالية اتسمت بروح ثورية من خلال مقاومة الاستعمار ورفض الاحلاف والتكتلات العسكرية. وتتجسد الصلابة الطبقية للعمال وارادتها الثورية التي لا تقهر من خلال جسامة التضحيات التي قدمها العمال الابطال عبر مسيرتهم الطويلة والصعبة.
وشكلت فترة سنوات العشرينيات محطة للنضال العمالي اذ خاض عمالنا الاضرابات البطولية وأبرزها اضراب عمال السكك معامل الشالجية عام 1927، الذي بلور مطالب العمال بشكل عام، وكان في مقدمتها مطالب إطلاق حريات العمل النقابي. وفي فترة الاربعينيات ولتراكم الخبرة النضالية للطبقة العاملة تكونت قيادة عمالية واعية قادرة على تنظيم الاضرابات حيث ازداد وعيها ودورها في النضال من اجل انتزاع الحقوق النقابية.
وكان للحزب الشيوعي العراقي بقيادة الرفيق الخالد فهد، الدور الرائد في بلورة النضال الطبقي والصراع مع أرباب العمل والشركات الاحتكارية. حيث شارك المناضلون من الحزب الشيوعي في جميع الاعتصامات والتظاهرات والإضرابات العمالية، وكان لهم الدور القيادي للمطالبة بحقوق الطبقة العاملة وتحسين الظروف المعيشية والصحية وحقوقهم الشرعية لقانون الضمان الاجتماعي والنقابي.
رغم ذلك تعرض العمال من قبل الاجهزة القمعية إلى الابعاد والفصل والاعتقال والسجن وعدم السماح لهم بمزاولة العمل النقابي، وظل العمال وبقيادة الحزب الشيوعي العراقي يواصلون نضالهم من اجل انتزاع حقوقهم الشرعية ومطالبة السلطة بإطلاق سراح القادة والعمال النقابيين اذ بدأت المضايقات المستمرة والتفتيش من قادة الحزب الشيوعي لغرض اعتقالهم من اجل عدم مواصلة قيادة التظاهرات وواصل العمال الابطال الاضرابات. وشهد عاما 1946 و1947 اضرابات واحتجاجات عمالية عديدة كان ابرزها اضراب كاورباغي في كركوك واضراب الموانئ في البصرة، ومسيرة عمال كي ثري، واعلن عمال الموانئ اضرابهم عام 1946 وشمل هذا الاضراب مسفن الجبيلية والفاو والبواخر التابعة لها فكان اوسع اضراب حقق العمال فيه مطالبهم في انشاء نقابة لهم وعقد المؤتمر الاول وكان اروع ما حققه العمال، وكان للقوى الوطنية وحزبنا الشيوعي الدور الرئيس في زج الرفاق تضامنا مع اخوانهم عمال الموانئ. بعد ذلك أعلن عمال السكاير في نفس العام اضرابهم بقيادة صالح بحر العلوم ورفاق له، كما حصلت عدة اضرابات في اغلب المؤسسات الحكومية منها شركة نفط الجنوب/البصرة، وعمال نفط كركوك وعمال السكك في 1948.
شهد العراق اضرابا شمل جميع المحافظات حيث اكتسب الشعب العراقي المعنويات العالية تجلت بأروع مظاهرة في وثبة كانون 1948 حيث شاركت جميع فئات الشعب العراقي عمالا وفلاحين ومثقفين وطلبة، فقامت السلطة الوحشية بالتصدي للمتظاهرين وقتل وجرح واعتقال الكثير منهم. حيث قامت بإصدار الاحكام الجائرة وأغلقت جميع النقابات المهنية والعمالية وبعد ذلك انتكست الحركة العمالية وثوريتها بإعدام قادتها الابطال فهد، حازم وصارم، الا ان الحركة النقابية العمالية ازدادت عزما وإصرارا على المضي من اجل تحقيق اهدافها حيث اخذ العمال يطالبون بإسقاط الحكومة.
ان اعدام قادة الحركة الوطنية ورموز الحركة العمالية، اعطى العزم والإصرار على مواجهة التحديات الاستعمارية والامبريالية المتمثلة بالشركات الاحتكارية الاجنبية.
ولا تزال المطالبة مستمرة في هذه الايام من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية وايجاد فرص العمل والغاء القرارات الصادرة في فترة النظام السابق وخاصة قرار 150 لسنة 1987 القاضي بتحويل العمال إلى موظفين.