فضاءات

رؤية نفسية لأداء اليسار السياسي العراقي للدكتور فارس نظمي

السويد / مالمو / فاضل زيارةالجمعة 7 / 2 / 2014 استهلت الجمعية الثقافية العراقية موسمها الثقافي الجديد لعام 2014 وبالتنسيق مع المركز الثقافي العراقي في ستوكهولم بمحاضرة للدكتور الكاتب والباحث فارس كمال عمر نظمي كي تؤدي رسالتها في توعية الجماهير من خلال ما طرحه الباحث في رؤية نفسية لأداء اليسار السياسي العراقي.
قدم للمحاضرة الزميل تحسين المنذري حيث أكد على قدرة الدكتور فارس كمال عمر نظمي على تطبيق ما امتلك من علم على الواقع السياسي العراقي سيما في فترة ما بعد التغيير 2003. لقد استعان الباحث بالمنهج العلمي منهج التحليل والاستنتاج لتشخيص ما آل إليه اليسار في العراق وهو اليساري الفكر والعاطفة وذو نزعة مستقلة في وضع إصبعه على الأزمة وان المرض لا يعالج دون تشخيص.
حلل المحاضر اليسار ومصدر تسميته حيث أشار الى ان اليسار ظهر في المجتمع قبل السياسة حيث أدرك المجتمع أهمية تقييد الاستغلال وترسيخ المساواة والعدل الاجتماعي مما أدى الى تطور الوعي عبر مراحل التطور التاريخي للمجتمع وأشار الى ان كل الأفكار من أحزاب وآراء ما هي الا وليدة لهذه الحاضنة الاجتماعية، وعلى ضوء ذلك قسم اليسار الى قسمين – يسارية اجتماعية ويسارية سياسية. وتساءل الباحث – هل هناك يسارية اجتماعية في العراق؟ فأجاب نعم توجد وان كانت كامنة أو مقموعة ولا تظهر الى السطح الا بانتعاش الهوية الوطنية، وأشار الى وجود بنية عقلية مشتركة بين كل قوى اليسار والتي أدت الى نشاط مشترك ومتشابه وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي, إضافة الى تيارات يسارية كثيرة جدا، وما يجمع كل هذه الحركات هو مكافحة الاستبداد والتمييز والاستغلال ومناصرة المساواة والعدالة الاجتماعية والعلمنة.
ثم أشار الباحث الى وجود ظروف موضوعية لنمو اليسار وهي تربة خصبة لنشوء أي يسار في العالم حيث قارن بين العراق وما حصل عليه اليسار في امريكا اللاتينية عبر الأرقام الخاصة بالانتخابات، ثم أشار الى انه لا توجد نزعة شعبية ترى بان اليسار هو الحاضنة للجماهير من حيث الطموحات التي تحصل عليها وتحول قواعده الى أحزاب الإسلام السياسي والعشائري وهذا مما أدى الى ان يكون الشعب العراقي رهينا لهذه الاحزاب.
وقد أوضح الباحث الى إننا أمام مشكلة هي بنية اليسار نفسه كذلك بنية المجتمع، وقد شخص الظواهر الإعتلالية لليسار والتي أدت الى ذلك –
1 – انحسار النزعة الجذرية الراديكالية في التفكير والعمل الجماهيري وهذا يعني الإيمان أو الإخلاص الشديد للتغيير وليس التطرف.
2 – اتساع ظاهرة ما يسمى باليسار اللفظي بدلا من اليسار السلوكي أي انه اخذ طابعا رسميا وليس شعبيا.
3 – اعتماد النزعة التبسيطية في تفسير الأحداث اي انعزال اليسار عن العلم وبقاءه حبيسا لأفكاره القديمة.
4 – العجز الدائم في تحقيق تحالف يساري واسع كما حدث في امريكا اللاتينية.
5 – بروز نزعة فكروية تبريرية متعالية.
6 – اختراق الطائفية السياسية لساحة اليسار.
أما ما حدث في المجتمع فقد واجه اليسار مجتمعا مخربا بالكامل ومن مظاهره ما يلي –
1 – ترسيخ العجز المتعلم من خلال الإحباط حيث غياب فكرة المبادرة ومحو الذاكرة السياسية التعددية للمجتمع.
2 – شيوع التدين الزائف.
3 – تدهور مفهوم الثقافة السياسية، وهذا يعني ان الديمقراطية تنتج فاسدين باسم الشرعية، وكذلك لعن الديمقراطية وانتظار المستبد العادل حسب الخيال الشعبي، كما أدى إلى الاغتراب السياسي واليأس من قدرة التأثير في الأحداث.
من خلال كل هذا توصل الباحث الى استنتاجات لمعالجة الاعتلال حيث أكد على انه ورغم تدهور الثقافة السياسية للمجتمع العراقي الا ان المجتمع علماني النزعة ويساري التوجه وسريع التكيف والتعلم وكثير النقد للسلطة.
اذن هناك آمال كبيرة في الوضع العراقي وهي :
1 – فشل الإسلام السياسي في تقديم اي نموذج متماسك لدولة تمتلك حد أدنى للمقبولية الشعبية.
2 – أمسى الفرد العراقي يمتلك وعيا تفصيليا، اذن اليسار يبقى قادرا على انتاج بديل فكري وتنظيمي لإنجاز ما يصبو اليه المجتمع من النواحي التالية :
ذاتيا – اليسار العراقي مطالب بثورة داخلية تجديدية للشفاء من العجز.
فكريا – تجديد الخطاب الذي يحتوي نزعة المواجهة من اجل التغيير.
تنظيميا – مكافحة البيروقراطية.
أسلوبيا – الاستفادة من العلوم الاجتماعية وما فيها من تكتيكات.
تحالفيا – يجب ان لا يكون التحالف مؤقتا بل العمل على إيجاد كتلة تاريخية ذات طابع طبقي وثقافي وديني معتدل ووطني علماني.
وأخيرا ختم الباحث محاضرته وفق رؤيته بان المجتمع العراقي ذو طابع يساري، فعلى اليسار العراقي الا يكون مهادنا بل متجددا (التجديد وليس غير التجديد) وأكد على ان اليسار هو شباب العالم وعندما يشيخ العالم فان اليسار هو من يقوم بالتجديد، فعلينا ان ننشر ثقافة التجديد وأشار في الأخير الى مقولة المناضل تشي غيفارا "لا تعشقي يساريا --- سينساك --- سينساك ويفكر في العمال والكادحين ، سيحدثك في الليالي الرومانسية عن الثورة والخبز والسلام".