"
كان أملي أن ألقكاك ، في اّي مكان .. او مهرجان
او ربما تاتي هنا .. أو أأتــــــي أليـّــــــك" *...
برحيلك، حزنت الكثير من القلوب وأدمعت عيون العديد من المحبين والأصدقاء ، وكغيري من المعجبين بالشبلي، الأنسان والفنان والرفيق المجتهد والخلوق والكادح الطيب، الذي كان يسعى دائما في توصيل الرسالة الهادفة والفكرة النيرة والقصيدة الملتزمة، واضعا عليها بصمات اصابعه بنغمات الوتر. فكـم حاول نظام الصنم، ولمرات عدة، ان يسرق منه هذا السحر الجميل، بكسر اصابعه أوقتل العشق الذي يحمله لفكر الكادحين، لكنه فشل. للوهلة الاولى، ربما تكون قد ضاقت به الحياة امام فقسوة الجلاد التي لا تطاق ، وخاصة مع اولئك الذين حملوا في قلوبهم حب الكادحين وعشق للوطن، وأختاروا " وطن حرٌ وشعب سعيد " شعارا لحياتهم. فشل الطغاة وأندحــروا ، ليتقدم بعدها حاملا عوده مغنيا، منتصبا القامة شامخاً وبأعلى صوته، للوطن للناس للرفاق ، وكأنه ترك عشقه لأعوام صُعاب، وليقول لنا أنا عدت، هيا لنغني، وهيا لنصنع لحن للحياة الجديدة . وبدأت مســبرة الأبداع والفن ، وأكتملت الأغاني والألحان، فجهّز الأوبريت الأول والثاني، وأستمر متواصلا بالعطاء ، فتألق في ملحمتين ، "أنت أمس أنت باجر" و "المعيبر شنان" ... وعشرات القصائد تحولت، بســـحر انامله، إلى أغاني سنتغنى بها لزمن طويل، تماما كما عودنا في أغنية " المكبعة " التي لحنها قبل أكثر من أربعين عاماً. كان يعشق الحضور والمشاركة في اي أحتفال يقيمه الرفاق، مهما كان حجمه او مكانه ، وبين حين وحين كان يفاجئنا بألحان جديدة، فيغني هذه المرة لميلاد الحزب اغنية " هوينـاك " ومن ثم يحتفل بجريدة "طريق الشعب" وبعيدها ليغني " احنا طريق الشعب"
فكان يزداد تألقاً وعطاءاً في كل المناسبات.
و كان اكثر ما يسعده حينما تطلب منه ان يُسمعك أغنية جديدة...
اليوم زرت جداره الخاص على "الفيس بوك" ولساعات طوال، وأنا أقرأ مشاركاته وتعليقاته الجميلة، ثم فتحت باب "الجات الخاص" واعدت قراءة عشرات الاسطر التي كنا نتشارك في كتابتها، اذ كنـّا ننفض همومنا ، وكنت حينما اعمل على وضع بعض اللمسات الفنية على اعماله بصيغة (الفديو) ، فكان يقول لي: " كل اعمالي ملك لك " افعل بها ما تشاء!
قد أكون من القلائل المحظوظين الذين تشرفوا بمعرفة الفنان الراحل طارق الشبلي عن قرب ، لكن وبالرغم من حزني الشديد على رحيله، الا ان سعادتي لاتقاس عند الحديث عن التراث الجميل الذي تركه لنا ، وفرحتي الكبرى بأننا كرمنا طارق الشبلي وهو حيّ بيننا، وسنخلده ونخلد ذكراه وهو غائب عنا.
وداعا رفيقي الحبيب
* كلمات من أغنية " الى فكتور جارا " للفنان الرائع الصديق جعفرحسن