فضاءات

المناضلة رمزية أحمد محمد : الاعتقال زادني صلابة وصموداً / ريسان حسين

رمزية احمد محمد من مواليد عام 1959 في مدينة كركوك ومن عائلة تركمانية تشبعت بالثقافة والافكار التقدمية. فوالدها انتمى الى الحزب الشيوعي عام 1952 وكان واحدا من العمال الذين شاركوا في اضراب كاور باغي 1946، واصبح نقابيا قبل وبعد ثورة 14 تموز، وتعرض للسجن والاعتقال. وامها متعلمة لها ولع بقراءة الادبيات الثقافية المختلفة .
هذه العائلة باولادها وبناتها تربوا على الفكر التقدمي اليساري حتى ان بيتهم كان محطة لتواجد المناضلين الشيوعيين في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وفي اصعب الظروف السياسية .
قالت لنا رمزية احمد: لم يكسبني احد للحزب وانما انا في زخم الحركة الثورية قبلت في جامعة بغداد في بداية الثمانينات، وكان الجو السياسي مكهرباً وعيون اجهزة الامن البعثية تراقب كل شئ .. لكن رغم ذلك كان الطلبة بنيناً وبنات لهم دورهم في نشر الفكر الشيوعي، وبسبب المراقبة المستمرة تمكن جلاوزة النظام من اعتقال بعضهم ومنهم انا، اذ استدرجوني بحجة طلب من اللجنة الاتحادية للاتحاد الوطني لطلبة العراق، وهناك عصبوا عيني ثم رموني في السيارة ومنها الى مديرية الامن العامة.
وكان هذا عام 1985. بقيت في الانفرادي ومارسوا ضدي ابشع انواع التعذيب بعد اغراءاتهم المذلة كي اترك الحزب.
غرف الاعتقال الانفرادي كانت ممتلئة فوضعوني في غرفة التعذيب وبقيت مدة 40 يوما نقلوني بعدها الى غرفة فيها نساء شيوعيات معتقلات، منهن رسمية جبر (ام ضياء) وام رغد ووصال محمد شلال واخواتها جميلة محمد شلال وام روضة ووالدتهم التي كانت معهم، وهن بحق مثال للاخلاق والتضحية، وقد اكسبني وجودي معهن الكثير من الصمود.
وقد اقترف البعث جريمة بشعة باعدام بناتهم الثلاث مع اخيهم ابراهيم الذي كان طالبا في اكاديمية الفنون الجميلة، وابن خالتهم. لقد زادني ذلك اصرارا وعزيمة وتمسكاً بافكاري عندما اخذوهم لتنفيذ حكم الاعدام، وهتفت وصال بحياة الحزب الشيوعي.
وتضيف رمزية بألم: كان معنا في السجن شيوعيات تم اعدامهن، وشيوعيات من السليمانية هن شلير وكلاويش وبرهان زوج شلير وكان سبب اعتقالهم كما عرفت نتيجة اعترافات. وكان برهان مثالا للشيوعي الملتزم بافكاره ومبادئه، وقد صمد امام اقسى التعذيب الذي تعرض له، حتى انه ضرب عبدالرحمن الذي اعترف عليه قائلا له: اذا كنت لا تستطيع الصمود فلماذا تنتمي الى الحزب الشيوعي؟ وتم لاحقاً اعدام الاثنين، وتضيف رمزية:
اتذكر صمود مؤيد وحيد كامل، الشيوعي المعتقل من الناصرية قضاء الشطرة والذي اعدم ايضا. وكانت هناك ايضا سجينات وسجناء من حزب الدعوة.
وتم اطلاق سراحي بعد اعلان تنظيف السجون ولكن لم يتم تعييني رغم المعاملات التي قدمتها، وفي كل مرة كانوا يستدعونني الى دائرة الامن كي انتمي للبعث، لكني كنت ارفض. وبقيت الى عام 2000 جالسة في البيت مع المراقبة المستمرة من قبل البعث والامن. تصور حتى زياراتنا العائلية كانت مرصودة من قبلهم. الى ان قدمت طلبا للتعيين ضمن ملاك اقليم كردستان، وبقيت هناك حتى سقوط النظام، ثم نقلت الى كركوك وما زلت على ملاك وزارة التربية في الاقليم.
واضيف ايضا انهم تابعوني حتى في يوم زواجي واستدعوني الى دائرة الامن بالاضافة الى استدعاءات والدي من قبل الامن بسبب اخي شهاب، والذي كان مشاركا في فصائل الانصار البطلة، ومن ثم هرب الى ايران. وكانوا يطلبون من والدي الضغط عليه لكي يرجع، وحتى انهم اجبروا والدي على التوقيع بالموافقة على اعدامه !