فضاءات

الذكر الطيب للرفيق اكرم / عطا عباس

هو " أكرم " المنسي ...!كان قرين مقراتنا الأبدي ، وفي سنواته المتأخرة شكل " للبعض " من رفاقه إيقونة
لكردستان ،ولشقلاوة المتلفعة بوداعتها تحت سفح " سفين " تحديدا . هو من ترك الكاظمية وأزقتها طالبا جامعيا مولعا بالرياضيات ومعادلاتها المعقدة ليلقي مراسيه طوعا بعد سنوات من الترحال بين وارشو الساحرة وكابول العابقة حينها بسحر الشرق وذكريات " طريق الحرير " ، ثم ليلقي مراسيه مقاتلا صموتا في جبال كردستان ووهادها .
لكن هيامه بالعربية ، أدبا ونحوا وصرفا ، لم يغادره حتى دقائق عمره الاخيرة !
هو مسك الختام الطيب لصفحة " طريق الشعب " الاخيرة و " سلطانها " الأوحد ، حين كانت حروفها النيرات مشتبكة بمعركة الناس والوطن ضد دكتاتور ودكتاتورية لايرحمان .
وطوال سنوات أيضا ، كان أكرم " مفتي " اللغة ، نصبا وجرا وضما ، ولايمر مقال أو تعليق أو خبر دون ان يعمل عليه قلم " السلطان " قبل أن يجد طريقه الى أثير " أذاعة صوت الشعب العراقي"
في لقائي البهيج و الأخير معه بعد فراق سنوات دخلنا في مزحة ثقيلة :
تبادلنا صورتين ، لي وله ( صورته أكثر شبابا مني ! ) ، مع جملة عابرة سوداء :
"من منا سيرثي الأخر !؟ " ...
لكنه أردفها بأخرى ، وبصوته الخفيض المعتاد : " الدنيا ماتسوه عفطة عنز ! "
ضحكنا واجتررنا ذكريات الأحياء والاموات وأفترقنا ...
لكن " السلطان " استعجل موته مخلفا وراءه صبيتين وزوجة وتقليد أخرس لم يشذ عنه الا النادرون من صحبه : النسيان !
وبدلا من " أرشفة " أحدنا للآخر ، كما اتفقنا مازحين ، نشرت لأكرم في وقت سابق صورة مختلفة تماما وهو يحتضن أبني ( حيدر ) ذي الثلاث سنوات داخل أستوديو " اذاعة صوت الشعب العراقي " في احدى صباحات شباط الباردة من العام 1998!
كنت كمن يصنع كذبته ويصدقها : هناك متسع من الوقت وسوف لن تطال عربة الموت المجنحة أكرم " المنسي " بهذه العجالة ، فهو لم يغادر عقده الرابع بعد !
لـ "المتبقين" _ من الأحياء تحديدا ! _ من أحبة أكرم ، أنشر له الصورة المؤجلة عن سبق اصرار ، وأستعيد معهم ذكرى جندي وطني مجهول ، عمل مافي القلب من طاقة كي يبقي حلم العدالة وأخوة البشر ممكنا ...
لأكرم " السلطان " الذكر الطيب ولحزبه المقدام المجد والعافية والتجدد...

من "الفيسبوك"