فضاءات

مواقف وطرائف.. سجلت في الانتخابات الأخيرة / جبار موسى ال يحيى

في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، سجلت عينياً وسمعياً (مواقف وطرائف) متنوعة وعديدة من الناخبين تجاه الانتخابات والعملية السياسية والتي لم تتطرق إليها الصحف المحلية والفضائيات والمراقبين ووكلاء الكيانات، وتحت نظر وسمع العاملين في المراكز الانتخابية، بل كان هم هذه الوسائل (التركيز على الخروقات والتجاوزات وعملية التزوير) التي حدثت وأخرت النتائج النهائية للمرشحين، ومن هذه (المواقف والطرائف):
جاءت امرأة كبيرة طاعنة بالسن يقودها أحد أحفادها (لتمارس حقها الانتخابي الذي كفله الدستور، فجلست على اقرب كرسي وهي تلهث من شدة التعب والإرهاق. وكانت تحمل جنسيتها. وعند تفتيش سجل الناخبين لم تجد اسمها. فقالوا لها، كما قالوا لغيرها؛ انك لم تحدثي اسمك. فقالت: "أنني قطعت هذه المسافة ولم أجد اسمي مع العلم ان جميع أفراد عائلتي قد انتخبوا صباحاً.. هل لأنني مهجرة أصبحت غير عراقية فلا يحق لي الانتخاب، أو كبرت فلا حاجة لكم بصوتي"؟ وأضافت: "إنني لا ارجع إلا بعد الإدلاء بصوتي، وأريد أن اتباها بأصبعي أمام الجميع في أواخر عمري الفاني" فاستجيب لها ووضعت إصبعها بالمحبرة وبصمت على الحائط وهي فرحة مسرورة.
أما الموقف الذي أكثر طرافة فهو (موقف امرأة أخرى تجاوزت العقد الثامن من عمرها المديد.. دخلت المركز الانتخابي وهي تصيح بأعلى صوتهاك "أريد اليوم ان انتخب الزعيم عبدالكريم قاسم لأنه أبو الفقراء والمحتاجين، وبيتي الذي اسكن فيه مع عائلتي الكبيرة من بركاته وهو في مدينة الصدر" فقيل لها: ان الزعيم لم يرشح.
فقالت: "أنا أرشحه نيابة عن مدينتنا الباسلة".
وموقف آخر، دخول أحد الأشخاص وهو يحمل جنسيته معه ويلتفت يميناً ويساراً، وقدم جنسيته التي لا تحمل الفسفورة، وقال أنني أريد أن افحص المرشحين حتى لا اقع في إشكال كما وقع الجميع في السابق، ولا انتخب الذين فشلوا، ولأنني اقسمت (بالعباس) ان لا انتخب الذي فشل في تقديم الخدمات لمنطقته ولمدينته.
ومن الطرائف الأخرى: ان أحد الناخبين أعلن امام الجميع وبصوت جهوري "لأنني لا انتخب قائمة البزازين الذين سرقوا المال العام وأكلوا لحمنا ولم يبقوا لدينا سوى العظام".
وآخر كتب على استمارته مانشيتات عريضة (أنني لا انتخب الحرامية). وآخر دخل وهو يقول: "أصابني الجنون من كثرة الصور والملصقات والأسماء والنشرات.. وأصبح ليس عليَّ تكليف شرعي وقانوني ولا يؤخذ برأيي) وخرج ولم ينتخب..
وآخر قال تنتخب او لا تنتخب فالنتيجة واحدة عودة الفاشلين الى أماكنهم (وذاك الطاس وذاك الحمام. ومن المواقف الوطنية الصلبة، دخلت عائلة يقودها معيلها وقالت أمام الملأ جئنا لننتخب الشيوعيين الوطنيين الذين ثبتت الأيام والسنين (أنهم غير فاسدين وغير إرهابيين، وأيديهم نظيفة ويقولون ويفعلون). وأما جبهة الخاسرين. فكانت مواقفهم متعددة اكثر مما هي طرائف.. فأحدهم قال: "لقد خسرت الكثير، مالي وذهب زوجتي وسيارتي، ولم احصل على الكرسي الهزاز الذي حلمت به. وآخر قال: "حتى الذين قدمت لهم الهدايا والعزائم لم ينتخبوني".
فالمواقف والطرائف كثيرة وخصوصاً في هذه الانتخابات. هذه نماذج حية وواقعية وقليلة مما حدث في بغداد وحدها.. غير ما يتناقله الناس في مواقف وطرائف تثير الضحك والاشمئزاز وتدل دلالة واضحة على ما وصلت إليه حالة المواطن المحبط. فأصبحت انتخاباتنا أشبه بمسرح للدمى والنكات. وهذه الحالات يجب ان تسلط عليها الأضواء ودراسة أسبابها ومعالجتها تمهيداً للانتخابات البرلمانية القادمة التي يتأمل منها المواطنون بصعود عناصر كفوءة ومخلصة ونزيهة ووطنية وعابرة للطوائف والأديان والقوميات، همها الوحيد خدمة الشعب بدون تمييز وذلك بتقديم الأمن والخدمات.