فضاءات

مشاهد من مهرجان الفرح الأممي (اللومانتيه) / عبد جعفر

ليلة الحناء

يوم 11-9 قبل يوم الافتتاح مهرجان اللومانتيه، كنا على موعد في خيمة طريق الشعب، للقاء القادمين من الوطن والمغتربين من جهات الأرض الأربع، جئنا، توحدنا، الدعوة التي وجهتها منظمة الحزب الشيوعي في فرنسا للجلسة الحوارية مع قيادة الحزب والأحتفال بليلة الحناء الأممي.
كان المكان أشبه بورشة للاستعداد ليوم العرس. لقاء الأحبة والمعارف، أنسانا الأنتظار، والمداخلات الطويلة بعض الشيء.
الرفيق خالد الصالحي ممثل منظمة الحزب في فرنسا، أستذكر الراحلين الفنانين محمد سعيد الصكار وفؤاد سالم، ونقلنا بعد سرد طويل عن إبداعاتهم الى الوضع السياسي المعقد في العراق و رأي

الحزب وبرنامجه للخروج من النفق المظلم.
وفي ختام مطالعته قال نتمنى ان تقضوا معنا أجمل الأوقات في خيمتكم خيمة كل العراقيين الطيبين، خيمة (طريق الشعب) ومن أجل إنجاح تظاهرتنا السياسية والثقافية وكل عام وانتم بخير.
أما الرفيق رائد فهمي عضو المكتب السياسي، فكنا على موعد معه في جلسة حواراية، استعاض عنها في البداية في مداخلة ضافية عن الوضع السياسي،
أعقبه الرفيق ياسر السالم عضو اللجنة المركزية،
أكد الرفيق فهمي أن عيد اللومانتيه ، ليس عيدا للشيوعيين فقط، بل عيدا شعبيا أمميا لكل الفئات التي تتطلع لتحقيق آمال الكادحين، وتحقيق التضامن وتبادل الخبرات، وهو فرصتنا أيضا لتعريف المحتفلين من كل انحاء العالم في قضية شعبنا العراقي ومحنته التي تشغل رأي العام العالمي بأسره.
واشار الرفيق ياسر الى أن نشاطات الجالية العراقية في الخارج تعكس نفسها على الرفاق في الداخل وتزيد من معنوياتهم. واضاف أن بوادر الحراك الاجتماعي في الوطن بدأ تأثيراته تظهر على الأرض، معتبرا انه حراك مؤثر وفعال.
وبعد حفلة العشاء، حضر الطرب بعد أن (طابت النفوس وشبعت )، فغنى الفنان حمودي شربة ترافقه الفرقة القادمة من بابل التي ضمت الفنان سعد العواد رئيس اتحاد الموسيقيين فرع بابل، والمطرب العذب احمد البابلي وعازف الاورك مهدي الشريفي.
واستمر الحفل الى ساعة متأخرة، وكانت حافلة القادمين من السويد انقاذ لنا حيث حشرنا فيها كل نتوزع على الفنادق ونستعد الى بهجة العيد في الغد.

صانعو الفرح
اكاد اجزم، ان هناك شيئين استقطب المحتلفين لخيمة (طريق الشعب) من كل انحاء العالم ،
أولهما (الفلافل) والشاي العراقي المخدر والكباب، حيث نرى الطابور طويلا. وكان الرفاق العاملون الأبطال في الخيمة يبذلون الجهد الاستثنائي لتبيلة هذا الطلب المتزايد لساعات متأخرة من الليل.
والثاني، وأعتقد انه الأهم، هم دور الفنانين من موسيقيين ومطربين الذين زرعوا البسمة والفرح والرقصات الجميلة والدبكات. والفنانون الذين صنعوا هذه البهجة هم:
شافي الجيلاوي القادم من لندن، وفرقة بابل الرائعة ومطربها أحمد البابلي، والعازفين سعد العواد، ومهدي الشريفي، وحمودي شربة، والمخرج السينمائي طالب محمود السيد ، والفرقة الفلسطينية والفرقة الكردية الايرانية.
وفي تعقيبه على المشاركة اكد الفنان سعد العواد (إن مهرجان اللومانتيه له ابعاد موسيقية وثقافية، حيث تلتقي فيه كل شعوب العالم تحت صوت الموسيقى وهي لغة العالم، وهو فرصة للتبادل الثقافي بين الشعوب،
لهذا حرصنا على تقديم الأغاني التراثية والقطع الموسيقية والأغاني الوطنية التي تتسم بحب العراق وشعبه، ولاسيما في المرحلة الراهنة التي يمر بها الوطن).
وأضاف نقيب الفنانين العراقيين الأستاذ صباح المندلاوي إنها فرصة طيبة ان نلتقي في هذا المهرجان الأممي، الأصدقاء، ونتبادل وجهات النظر والخبرات، والأطلاع على الأكشاك الاخرى للصحافة العربية والعالمية والاطلاع أيضا على الكتب ومعارضها الفنية . ومما يلفت الأنتباه هو التنظيم الدقيق لهذا المهرجان الضخم الذي تحضره مئات الالوف يوميا، وكذلك تميز خيمة طريق الشعب بفعاليته الثقافية والفنية وما يعرضه من مأكولات ايضا.
ونحن بحاجة الى تنظيم أكثر وإيجاد طريقة للمشاركة في الدعوات التي تعدها الصحف العربية والعالمية.

واعتبرت السيدة خيال الجواهري عضو المجلس المركزي في الاتحاد الكتاب والأدباء العراقيين ( إنه من المفرح حضور هذا المهرجان، ووجود نخبة من الفنانين القادمين من الوطن، وتمنت مشاركة المبدعيين للاعمال اليدوية في خيمة طريق الشعب، وزيادة دور منظمات المجتمع المدني للمشاركة ، والقيام بعرض نتاج الكتاب العراقيين، والقيام بعرض للازياء العراقية، ودعوة فرقة مدعومة من الحكومة للمشاركة لابراز الفن العراقي الأصيل).
واضاف رفيق سفرنا من لندن محمد مرعي ( هذا أول حضور لي للمهرجان أحسست إني في الوطن وبين إحبتي وإصدقائي).
وأعتبر رفيقنا الاخر عبد الرحمن مفتن( أنه مكان حقا للفرح، فالناس هنا مسالمون، مبتسمون، يبدون لك الود والصداقة والترحاب ، أذ تشعر وكأنك في بيتك الأممي الواسع)
مسيرة من أجلك يا وطني
في اليوم الثاني للمهرجان ، حرص المشاركون في خيمة (طريق الشعب) وهم يحملون الرايات الملونة والشعارات على الطواف في شوارع الخيم المختلفة، وهم يغنون ويوزعون بيان للحزب بالفرنسية عن تطورات الأحداث في الوطن للتعريف المحتفلين بمحنة شعبنا مع الأرهاب والفساد وجرائم داعش.
كان البعض يصفق ويغني معنا، مجرد أن يرى أسم العراق، والبعض الأخر ينتزع منا المنشور ويمضي أو ينضم الينا، أذ أصبح موكبنا مثل كرة الثلج كلما تقدم يكبر أكثر، وبعد طوافه رحب بنا رفاق الخيمة مبهتجين رغم ضغط العمل الشاق عليهم، وأندمج الجميع ليرقص (الهيوه) مع أغاني أحمد البابلي المرحة.

مسك الختام ولكن...!
يوم 13-9 في الليلة السابقة لإختتام الحفل، طال انتظارنا ولكن بدون جدوى لمشاهدة فيلم (نهار مشؤوم) الذي جاء به المخرج طالب محمود السيد، وتقرر عرضه في اليوم الأخير يوم 14-9.
في ذلك المساء طال انتظارنا أيضا، وبدأ الجمهور العراقي والمحتلفون يقل بشكل ملفت للنظر.
وقد عرض الفيلم من دون أن تجري له مناقشة مع المخرج وكاتب السيناريو الصحفي توفيق التميمي الذي كان حاضرا مع الناقد علي الفواز.
رغم أن المبدعيين الثلاثة قدموا من بغداد الى باريس لهذا الغرض.
الفيلم يتحدث عن بداية الفكرة لثورة 14 تموز وانقلاب 8 شباط الأسود، من خطط له ومن نفذه وما هو دور الحزب الشيوعي العراقي واليسار عموما في التصدي له؟ وكيف جرى الاستخفاف بالمؤامرات، وهل هذا يدل عن قلة بصيرة أم سذاجة سياسية؟
وتناول الفيلم عبر الشهادات التاريخية للأشخاص الذي ساهموا في ثورة 14 تموز وعايشوا ذلك اليوم الأسود، وعبرمئات الصور الوثائقية كيف حدث الأنقلاب، والفشل في التصدي له، رغم مقاومة الجماهير له.
والفيلم يطرح العديد من الأسئلة ويعطي معلومات مهمة عن دور المخابرات الامريكية والبريطانية الفعال في الأنقضاض على حكومة قاسم وتسهيل مهمة الانقلابين للإيغال في دم الشعب العراقي.
وفي ختام الحفل جرى تكريم العديد من العاملين في الخيمة والمشاركين في فعاليات الخيمة، وكالعادة لم يجر تكريم رفيقنا محمد القحط الذي تحمل عناء متابعة وتغطية فعاليات المؤتمر، بسبب تعذر مجئء عزيزنا داود (أبو نهران) لأسباب قاهرة، المعروف بحضوره الدائم لمهرجان اللومانتيه منذ عدة اعوام وتغطيته الجميلة لفعالياته.
ويذكر إنه اقيم في خيمة طريق الشعب سوق للكتب والمجلات، ومعرض لصور الأنصار وأفتقدت الخيمة صور للشهداء والراحلين من المحررين والعاملين في طريق الشعب.