فضاءات

قاسم مطرود بعد ذكرى رحيله الثاني، يحل ومسرحياته ضيفا على محبيه في لندن / عبد جعفر

إستذكارا للفنان والكاتب المسرحي الراحل قاسم مطرود الذي غادرنا يوم السابع من أيلول (سبتمبر)عام 2102 عن عمر ناهز الخمسين، أقامت مؤسسة الحوار الانساني في لندن أمسية في يوم 24- 9 اشترك فيها كل من الأستاذ غانم جواد مسؤول مؤسسة الحوار، والشاعر محمد السيد محسن، والفنان المسرحي والسينمائي علي رفيق، وأبن الفقيد الأصغر(آوس).
وأوضح الدكتور محمد الطائي في تقديمه ان الفنان قاسم مطرود مواليد 1961-غادرنا وهو في قمة عطائه، معتبرا اياه ظاهرة متميزة في المسرح العراقي، أذ قدمت عنه عدة دراسات منها خمس رسائل دكتوراه وماجستير.
وأعطى نبذة عن تاريخه الفني حيث اكمل دراسة المسرح باكاديمية الفنون الجميلية ببغداد عام 1994 واكمل دراسته في اكاديمية هلفروسام في هولندا وحصل على دبلوم في مجال اعداد وتقديم واخراج البرامج التلفزيونية، وقد كتب العديد من المسرحيات، وأخرجت اغلبها في العديد من الدول العربية والاوربية، كما قام بأخراج بعض من مسرحياته، ونال جوائز عديدة.

وقال غانم جواد في كلمته المختصرة ان قاسم مطرود كان أحد المهتمين في دعم مؤسسة الحوار الانساني، حيث اكد انه يحب قاعة المؤسسة (دار السلام) ويحب أن يكون احد اركانها.
وأكد الشاعر محمد السيد محسن: ان قاسم باحث عن خطوة وهي الجملة التي طالما كان يرددها حيث لم يصل وأن حطت به محطته الأخيرة في لندن و ان الخطوة هنا هي تجديد الإبداع وفق مراحل يعتقد المبدع أنها بحاجة أليه.

مؤكدا ان تجديد النص عملية تدوير فكري ربما يعجز عنها الكثير من المبدعين لأن النص وفق صيرورة البناء والولادة لا يمكن ان تعيد ديباجته من جديد، ربما وفي عالم المسرح حصرا ان يعيد المخرج ديباجة النص وفق رؤية سينو غرافية او رؤية متخلية لتجسيد منطوق النص على المسرح، او ربما يعيد لحن الدفق في بعض المساقط الشعرية او الالفاظ التي لاتتواءم مع اللحن.
مؤكدا ان قاسم كاتب مسرحي ومشاهد مسرحي في آن واحد حيث يعتني بسيناريو تنفيذ المسرح كثيرا وينقل ذهن تلقارئ الى حركات ابطاله.
وأضاف الفنان علي رفيق قائلا: حين دعوت لتقديم مداخلتي هذه في استذكار قاسم مطرود وجدت من المناسب ان أقدم قراءة سريعة بالسمات العامة للنصوص التي كتبها ، والتي استطعت الاطلاع على بعضها عبر الشبكة العنكبوتية .
مسرح مطرود يعتمد على اقتناص الموضوع المألوف ، الحدث العابر ، في حياتنا العابرة .. لكن معالجته لذلك الموضوع لاتنظر اليه باعتباره مألوفا او عابرا لا ينبغي التوقف عنده.. وانما على العكس مسرحه يدعو الى تغيير هذا المألوف وكسرالضار في التقليدي السائد .

نطلق على الشكل الذي اختاره لمسرحياته بـ ( المسرح الفقير) فهو لا يميل الى البهرجة والفخامة في العناصر المسرحية من ديكور وأزياء وأكسسوار.. الخ .. وانما يميل الى البساطة . . ولهذا اراه مسرحا قابلا للتنفيذ وفي كل الظروف ( أقصد المادية )

كثير من نصوصه التي سنحت لي الفرصة الاطلاع عليها ، قليلة الشخوص .. واحيانا ذات الشخصية الواحدة ( مونودراما) .. وهذه سمة اخرى تسهل على الفرق المسرحية سواء في الداخل والمنفى على انتاج مسرحياته.

ان من سمات ( المسرح الفقير) الذي يعتمد على المضمون ولا يحفل كثيرا بالشكل المادي ، انك تستطيع تقديم عروضك في اي قاعة وفي اي حديقة او شارع ، وبذا تستطيع ان تلتحم مع الجمهور .. وهذا واضح جدا في مسرح مطرود.

على الرغم من ان قاسم في نصوصه المسرحية ، يعتني بالشروحات الأخراجية ، والسينوغرافية ، وبيئة العرض ، ومواصفات شخصياته .. لكنها تبدو مطواعة تفسح في المجال لمخرج العرض ان يفسر النص وفق رؤية أخرى قد لا تتفق مع رؤية مطرود الذي يؤكد انه يشجع ويحث المخرج على ذلك ، ويفهم ان من حق المخرج ان يعطي نفحة اخرى للنص ويعطي لمن يحققه كل الحرية ، ويبني قاسم مطرود مشروع نصه ليكون قابلا للنمو وان يكون مفتوحا ويمتد الى آفاق أخرى .

يعتمد مطرود في مسرحه على الممثل ، فهو العنصر الفاعل في تقديم فكرة العرض، مستخدما لغة الجسد ، معتمدا على مخيلته في تقديم ما تبطنه الشخصية بحوار مكثف ( احيانا يختلط المونولوغ الداخلي بالديالوغ اي الحوار مع الآخر) وكثيرا ما تكون شخصياته لا تمثل ذاتها وانما كأنماط ونماذج بشرية ويتداخل ضمير الأنا مع الجماعة .. يتداخل الزمن في مسرح مطرود فالحاضر يعود الى الماضي ، ويتناقضان في احيان عديدة .

اعتمد الراحل قاسم مطرود في مسرحه على التجريبية، والمختبر المسرحي ، والورشة المسرحية .. فالمسرح عنده كما يقول لعبة بين المنصة والجمهور وليس لديه مانعا في ان يتبادلا الأدوار . ثم قدم دراسة عن عددا من اعماله منها (صدى الصمت) و(معكم انتصفت أزمنتي ) و(الأيدي الملطخة) و(مراسيم الأزمنة) و(جسدي مدن وخرائط)، بالاضافة اى معمار النص المسرحي لديه.
وتحدث آوس إبن الفقيد ذكرا تشجيع والده الدائم له للكتابة وتعلم الموسيقى، حيث كان مثالا للأب الحنون المتفهم، والمتفائل.
ويذكر أنه عرض في الأمسية، فيلم عن الفقيد من إنتاج قناة العراق الحرة قدم فيها شهادات مبدعين عن الفقيد ومقابلة مع الراحل، عبر فيها حبه العميق للعراق ومدينته الثورة التي اشار الى أنه لن يستبدلها بأي مكان أخر في العالم، ففيها جذوره واصدقاؤه وملاعب طفولته.
وكما أشترك الجمهور في تقديم بعض المداخلات عن الفقيد.
وفي الختام شكرت زوجة الفقيد جميع الحاضرين الذين جاءوا لمواساتها وتذكر ابداعات الراحل.