فضاءات

الفتى الشجاع عبد كاظم الذي صفقت له الجماهير لفدائيته ووطنيته / منعم جابر

بمناسبة احتفالات الحزب الشيوعي العراقي بالذكرى الثمانين لتأسيسه وضمن منهجنا في الصفحة الرياضية لجريدة «طريق الشعب» بالتعريف بالرياضيين الابطال من شهداء الوطن والرياضة لمواقفهم الوطنية والانسانية من الشيوعيين والديمقراطيين واليساريين ومن كل الطيف العراقي ومن خلال نشر صور رائعة وناصعة وحقيقية عن رموز الوطن وشهدائه من الرياضيين. آملين تعاونكم معنا بالكتابة عن شهدائنا الابرار من عموم مناطق ومدن العراق استذكارا وتقديرا لتضحياتهم الوطنية العالية.

عبد كاظم ابن الحزب الشيوعي وصديق الجميع

نكتب اليوم عن فتى رياضي شجاع ولد مطلع اربعينات القرن الماضي وتربى في وسط عمالي كادح وارتشف رحيق الشيوعيين وعاش في احضانهم حيث شب وكبر في ظل المد الثوري لثورة 14 تموز 1958 فكان نشطاً في اوساط الشباب ومبدعاً في العاب الرياضة المتنوعة ولانه موهوب ويمتلك جسماً قوياً وطولا فارعا فقد سعى اليه كل معلمي ومدرسي التربية الرياضية للمشاركة في الكثير من الالعاب واولها كرة القدم والعاب القوى اركاض قصيرة والطفر العريض والقفز العالي وغيرها هكذا كان عبد كاظم رياضيا كبيرا منذ اول ايام شبابه. وبسبب هذه الميزات صار عبد صديقا للجميع ولكنه ابى الا ان يكون عضوا في حزب الفقراء والكادحين الذي وجد في عبد نموذجا للشباب وقدوة للرياضيين فأختاره واحدا من ابنائه.

السلم في كردستان يا شعب طفي النيران

وكان عبد امينا على اماني الشعب كغيره من ابناء الوطن الشرفاء وفي عام 1961 بدأت الحرب في كردستان وحاول البعض اشعالها لاحراق الوطن لكن الشيوعيين كعادتهم حرصوا على اطفاء لهيب هذه الحرب لانها تصب في مصلحة اعداء ثورة 14 تموز اعداء الشعب. فنظم الحزب تظاهرة ضد اشعال الحرب وطالب بانهائها والاعتراف بحقوق شعبنا الكردي في كردستان وكان الكابتن عبد كاظم احد المشاركين النشطاء في هذه التظاهرة ويومها اعتقلت السلطة مجموعة من المتظاهرين وكان عبد كاظم احدهم واطلق سراحه بعد حين وبعد انقلاب 8 شباط الاسود 1963 تعرض الكابتن للاعتقال مرة اخرى لكن علاقاته سهلت اخراجه من الاعتقال ومرت العاصفة بسلام، لكنه ظل تحت سيف المراقبة لمبدأيته ومواقفه الشجاعة وظل قريباً من الحزب وعارفاً بأخباره وفعلا كان فريق آليات الشرطة وبفضل عبد كاظم صديقا للمثقفين والنخب الرياضية.

عبد وعلاقاته مع الفنانين والادباء والكتاب

امتلك الكابتن عبد كاظم صفة صديق الجميع ولانه كان متابعاً نشيطاً للثقافة والمعرفة فقد توطدت علاقاته بالفنانين ومنهم الدكتور صلاح القصب صديقه الحميم وفاضل خليل. وتوطدت علاقاته بالشعراء وفي مقدمتهم تلك العلاقة الودية بالشاعر عبدالوهاب البياتي والمبدع عريان السيد خلف المتألق فالح حسون الدراجي، وكان ابو فراس يحفظ الكثير من شعر الجواهري وسنحت له فرصة كبيرة للقاء ابي فرات.

حكايته مع نادي الرشيد

عندما تأسس نادي الرشيد حاول عدي ان يؤسس فريقا كبيراً يضم خيرة نجوم الرياضة العراقية واتفق يومها مع عبد كاظم على تدريب نادي الرشيد وفعلا جمع عبد مجموعة من اللاعبين الشباب وصعد بهم الى الدوري الممتاز وفي اثناء الاستعداد للموسم ناقش عدي الكابتن عبد كاظم وطلب منه استدعاء احسن لاعبي الفرق العراقية لتمثيل الرشيد الا ان عبد رفض الفكرة واكد لعدي ان هكذا فريق يخطف لاعبي الفرق الأخرى سوف لا يقبله الجمهور ولا يحقق الهدف المطلوب إلا ان عدي رفض الفكرة واصر على جمع اللاعبين وهنا اعتذر عبد كاظم عن الاستمرار وغادر الرشيد وشكل هذا موقفا عدائيا جعل عدي يتربص بعبد ويتحين عليه الفرص.

اعتقال عبد بتهمة باطلة

وفعلا تعرض عبد للمضايقة والمواقف العدوانية حيث تم اعتقاله بتهمة عملة مزورة وهي تهمة كيدية اثبت عدم صحتها واطلق سراحه بعد اشهر وابتعد عبد عن الساحة الرياضية وكان لعدي مواقف عدائية من عبد اينما توجه، وهنا آمن عبد كاظم بان وجوده اصبح خطرا على حياته فاختار اليمن مجالا لعمله وسافر الى هناك وعمل مع الاندية اليمنية وكانت نتائجه وعطاءه جيدا. وهناك التقى عبد كاظم باحد رفاقنا الشيوعيين وقال له: انا لا استطيع العودة الى العراق لان ازلام البعث وابناء النظام يتحينون بي الفرص فساغادر الى امريكا وسأعود حتماً بعد حين حيث يذهب الطغاة الى مزيلة التاريخ.

عاد الى بغداد يحمل مشروعا رياضيا كبيرا.. ولكن!

ومع سقوط الدكتاتورية وانبلاج فجر الحرية والديمقراطية عاد عبد كاظم عودة المنتصر وكان يحمل في طياته مشروعا رياضيا كبيرا. لكن الغدر لم يمهله طويلا. فبينما كان يتواصل مع قائمة الشيوعيين الانتخابية «اتحاد الشعب» ويلتقي الرياضيين ويناقش البعض بأهدافه وافكاره الوطنية. اختطفته يد المنون من بين احبته واصدقائه مطلع عام 2005 ليشكل رحيله خسارة كبيرة للوطن وقواه الوطنية والديمقراطية وللرياضة وابنائها ولأهله وكل اصدقائه. نعم رحل عبد كاظم ولكنه ترك اثارا لا تمحى ابدا. المجد لعبد كاظم. والخزي والعار لنظام القتلة والاوباش اعداء الشعب.