فضاءات

من ذكريات نصيرة / بيان سيد باقي

من (احمد ئاوا) في السليمانية، قررت الألتحاق بحركة الأنصار، وحسنا فعلت، فبعد مدة قصيرة انكشف التنظيم الحزبي وتوالت الأعتقالات، كان عمري 18 سنة عندما قادني أبي في آذار 1985 الى مقر الأعلام في (لولان) للعمل في اذاعة (صوت الشعب العراقي) كمذيعة في القسم الكردي، بينما كان هو وأخي الشهيد (بايز) في السليمانية .
وبالرغم من إنّنا كنّا بيشمركة ونحن في بيوتنا، حيث العمل السري وإختفاء الرفاق في بيتنا والقيام بمهمات نقل الرفاق من والى حركة الأنصار، والدور الذي قامت به أمي كمراسلة بين الانصار والمدينة، ووجود أبي وأخي في البيشمركة منذ سنين، الاّ انّ حياة البيشمركة الفعلية مازال يكتنفها الغموض بالنسبة لصغيرة مثلي: هل سأنسجم؟، هل من نصيرات غيري؟، هل أضيع بين المثقفين القادمين من الخارج وأنا بلغة عربية ضعيفة وهل وهل؟؟، لكنّي ما أن وصلت حتى توصلت الى قناعة، بأني في وجود متحضر ومثقف، يقدر المرأة ويحيطها بالرعاية، فقد كان موقف الأنصار على مستوى عال من الأحترام والتقدير.
كان لي طموح في الغناء والتمثيل، وكنت عازمة على الدخول في اكاديمية الفنون الجميلة، لكنّ شروط التبعيث منعتني من ذلك، وعندما التحقت بحركة الأنصار تلقيت التشجيع من الجميع وخاصة من قبل المثقفين والمختصين مثل " كفاح الأمين" و "ريواس أحمد" بالأضافة الى تشجيع عائلتي.
بعد أن تقرر أرسالي الى الخارج، أشار عليّ كثيرون أن أتوجه الى الأتحاد السوفياتي، لكنني مضيت الى تشيكوسلوفاكيا، ففوجئت أن إختيار التمثيل هناك غير ممكن بسبب لوائح التشيك الداخلية، فدرست علم النفس، وندمت لأني لم أذهب الى موسكو التي كانت شروط القبول فيها لاتستثني الأجانب كما هو الحال في براغ . الاّ أنّ لقائي بشريك حياتي (علي بداي)، حوّل )خسارتي) الى مكسب كبير.
بمناسبة الثامن من آذار 1985، وبعد أن عرف الأنصار ميولي، إقترحوا عليّ أن أقلّد مجموعة من الرفاق بالصوت والحركة.. الخ، الاّ اني خشيت أن يسبب ذلك بعض الحرج للذين أقلدهم، فقالت لي النصيرة "مرام" بشرى برتو، إبدأي معي أولاً، وحين يرى الآخرون ذلك لن يعترضوا، وبالفعل بدأت بها مقلدة ضحكتها الخاصة، فلقي التقليد قبول الجميع وهكذا مضيت بتقليد "جاسم إذاعة" و"ام ليث" و"سمر" وابو مخلص، تحياتي لكل من كان هناك وبالأخص لفريق النصيرات (مرام، سمر، ئه ستيره، أم ليث ، الفقيدة نسرين)، وأتمنى من جميع النصيرات الحديث عن ما بقي في ذاكرتهن من تلك الأيام الجميلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
- احمد ئاوا: منطقة سياحية في هه‌ورامان - قاطع السليمانية
-الشهيد (بايز) من مواليد حلبجة 1956 التحق بحركة الانصار منذ 1979 وحتى استشهاده في عمليات الأنفال في 1988 حيث غدروا بهم هو ومجموعة من الأنصار وأحرقوا جثثهم.