فضاءات

الشهيد صباح شياع الشيوعي الذي اذهل جلاديه / منعم جابر

في صباح اذاري من عام 1976 طلت علينا مجموعة من الشباب الجميل تحمل يطغاتها منهكة متعبة بانت عليها آثار التعذيب واجهاد التحقيقات. اسرعنا لاستقبالهم وعرفنا بأنهم شيوعيون ومن محافظة البصرة ويومها كنا في معتقل الأمن العام في بغداد. ومن خلال الاحاديث عرفنا صباح شياع الطالب في كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة البصرة وكيلو صبيح النائب الضابط في صنف الدروع ومنذر المدرس في احدى اعداديات البصرة وابو رياض العامل المجتهد، وتوطدت علاقاتنا داخل المعتقل. وتواصل التحقيق معهم في بغداد كما كان في أمن البصرة لكن هؤلاء الابطال اثبتوا قدرة عالية بالصمود والمقاومة، وكان صباح شياع نموذجاً بالجلد والحفاظ على اسرار حزبه بالرغم من كل المغريات والقساوة. رفض صباح التحدث والاعتراف بأي كلمة تسيء الى الحزب وتكشف اسراره حيث قال للمحقق مرة: انا شيوعي ولا علاقة لهذا النائب ضابط ولا زميله الجندي المكلف اي صلة بالحزب فهم اصدقائي اجتماعياً وابناء مدينتي. كرر المحقق المحاولات مرات واخرى وقال لصباح: طيب.. تعاون معنا وانا اضمن لك السلامة واطلق سراحك! اجابه صباح: انا ولدت شيوعياً.. ولن اتخلى عن مبادئي وقيمي! هنا انفعل المحقق وصرخ باعلى صوته: أنچب.. كلاب.. انتم عملاء لروسيا! حاول صباح شيا عان يهدأ. وقال: استاذ نحن عملاء ولكن للشعب وللوطن. غضب المحقق وأمر صباح بالمغادرة الى السجن الانفرادي. وتواصلت المحاولات مع مجموعة البصرة كما يحلو لنا ان نسميها فمرة مع كيلو صبيح العسكري الصلب الذي اسمى بنتيه ميثاق وجبهة. وكان شديد التفاؤل بالمستقبل والغد السعيد. والغريب ان والد كيلو كان مع حزب النظام وعندما يحضر لزيارة ولده يقول له شامتاً: انك انت مخبل.. ذوله البعثيين ما الهم لا صاحب ولا صديق.. وانت لازم يعدموك اذا موعلمود التنظيم العسكري، علمود اسماء بناتك هم ميثاق وهم جبهة!! وافترقنا في ايار 1977 بعد ان كنا سوية في سجن ابو غريب "قسم الاحكام الخاصة" حيث توزعت الاحكام بالاعدام على المناضل صباح شياع وكيلو صبيح. أما الآخرون فكان نصيبهم السجن المؤبد. ويومها قال صباح لرئيس المحكمة: انا شيوعي والمسؤول عن كل هؤلاء، ولا ذنب لهم. لكن لمسلخ الثورة وزعيمهم صدام رأي آخر!!
فكان يومي 17/18/ايار/ 1978 "يوم المجزرة حيث اصدر النظام الفاشي قراره باعدام اكثر من 22 شيوعياً كان صباح شياع وكيلو صبيح. منهم نماذج شيوعية اذهلت المحققين وازلام النظام. وكانت والدة الشهيد صباح شياع نموذجاً للام الصابرة التي انتظرت ولدها صباح طويلا ليلحق به شقيقه الاصغر ضحية من ضحايا النظام في حروبه العبثية، وغادرت والدة الشهداء صباح وشقيقه دنيانا، وكلها حسرة وألماً على اولادها الذين هم ابناء الوطن وضحايا النظام الدكتاتوري.