فضاءات

الشهيد البطل كاظم زراك أحــد ثوار حركة تموز 1963 / عاصي دالي

إن الانجازات التي قدمتها ثورة 14تموز1958 حشدت كل أعدائها الذين تضرروا من تلك الانجازات في الميادين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للانقضاض على الثورة بكل الوسائل المتاحة لهم سواء كانت إقليميه أو دوليه وجاء انقلابهم الأسود في شباط 1963 وقد أتيحت لهم الفرصة بأن يأتوا بأعتى رجال الهمجية وان يشكلوا الحرس القومي لينقض على أبناء شعبنا العراقي كالكلاب المسعورة لتنهش لحم أبنائه وتقتل وتفتك بكل من ينادي بحب العراق ويطالب بالعدالة والمساواة ويعادي الإقطاع والرأسمالية وإيجاد الخبز للجياع ولهذا صدر بيانهم المشؤوم بيان رقم 13 السيىء الصيت والذي بموجبه أريقت دماء القادة الوطنين أمثال الشهداء سلام عادل وحسن عوينة ومحمد حسين أبو العيس وعبد الرحيم شريف وعبد الكريم قاسم ووصفي طاهر وجلال الاوقاتي وفاضل المهداوي والمئات من أبناء هذا الوطن من عسكريين ومدنيين ولكن كان في المقابل ثلة من الشباب العسكريين من أبناء الفقراء ومحبي شعبهم ووطنهم يخططون للاطاحة بهذا النهج البربري. وفي احد أكواخ كمب ساره حي الكادحين والفقراء ليلة الثالث من تموز1963 انطلقت شرارة الثورة لتسيطر على معسكر الرشيد وتم احتجاز منذر الونداوي قائد ما يسمى بالحرس اللا قومي ومساعده وعدد كبير من الضباط والمسؤولين الحكوميين الذين لم يتعرضوا إلى أي أذى من قبل الثوار وكان بإمكان الثوار قتلهم ولكن أخلاقهم أبت ذلك وقال لهم قائد الانتفاضة المجيدة حسن سريع بعد أن كان الكثير منهم يتوسل للإبقاء على حياتهم نحن لسنا بقتلة ولكن سنوفر لكم محكمة عادله الا إن الظروف التي أحاطت بهذه الحركة المجيدة أدت إلى إجهاضها وقد تم تقييمها من الحزب الشيوعي العراقي واعتبر كل من شارك فيها وتم إعدامه من شهداء الشعب العراقي.
وكان من ابرز ثوار ألحركة الشهيد كاظم زراك علي الربيعي المولود في تموز 1932 من عائلة فلاحية كادحة تمتهن الزراعة في قرية الكريزات منطقة المنفهان التابعة لقضاء الهندية ففي عام 1950 ولكي يعمل لمساعدة عائلته تطوع في الجيش العراقي وكان مثالا للانضباط ومحبا لشعبه ما دفعه إلى الانضمام إلى صفوف الحزب الشيوعي العراقي مع رفيق دربه حسن سريع وكان احد أهم المساهمين في الانتفاضة الباسلة في تموز عام 1963 حيث كلف ورفيقه خليل خرنوب وكانا برتبة عريف في الجيش العراقي بالاستيلاء على الباب الرئيسي لمعسكر الرشيد وهو الباب الشمالي. وبعد فشل الانتفاضة استطاع أن يتوارى عن أنظار الجلاوزة وتمكن من الوصول إلى محافظة كربلاء قاصداً بيت احد معارفه في بساتين قريبة من مركز المدينة وتسمى ألان حي رمضان القديم لأنه يعلم إن منطقة سكنه مستهدفة وفعلا تمت مداهمة بيت عائلته وتم ترويع النساء والأطفال وكما يرويها الأستاذ رضا عبيد زراك ابن أخ الشهيد ويقول إن المنطقة بقيت مطوقة من قبل الحرس اللاقومي لمدة طويلة وتم اقتياد أخيه عبيد زراك وإيداعه السجن ويروي لي السيد هاني حسين زراك ابن أخ الشهيد الآخر إن سكنة المنطقة التي أختبأ فيها في كربلاء عرضوا عليه تهريبه إلى احدى دول الجوار ولكنه رفض ذلك وفضل البقاء في وطنه ولكنه وخوفا من كشف أمره لقربه من مركز المدينة اضطر إلى الذهاب إلى قرية ( المجربة ) في محافظة بابل يوم 30 تموز 1963 وكان لأهل المنطقة الكرم في ضيافته وقد أحبوه كثيرا ولكن تمكن جلاوزة النظام آنذاك من الحصول على مكان تواجده واتت قوة من بغداد وبمساعدة قوة من المحافظة تم تطويق القرية وقد استطاع الشهيد الإفلات منهم وعبور النهر الموجود في القرية إلى الجهة الثانية ولكن هذه القوة قامت بإلقاء القبض على جميع أهل القرية وشدتهم الى جذوع النخيل وقام أمر القوة ينادي بواسطة مكبرة الصوت بأنهم سيقومون بإعدامهم وإعدام حتى النساء والأطفال واقسم بأغلظ الأيمان بأنه سيحقق ذلك إن لم يقم بتسليم نفسه وكان الشهيد يرى ذلك من الجانب الأخر عندما كان مختبئا في بعض الأحراش ولمعرفته بطبيعة هؤلاء الأوباش وخوفا من تنفيذ ذلك بحق هؤلاء الأبرياء انتفض كالأسد الضرغام وعبر النهر ليقول لهم أنا كاظم زراك خذوني واتركوا هؤلاء الناس وعندما سأله أمر القوة لماذا سلمت نفسك فقال ما ارخص نفسي وما اعز من ضيفني في بيته وتم إلقاء القبض عليه بتاريخ 3تشرين الأول 1963 وتم اقتياده إلى بغداد و إعدامه ولم تسلم جثته إلى ذويه لحد الآن وقد عانى أهله وأقرباؤه خلال العقود الماضية من المراقبة والملاحقة واستبشروا خيرا بعد سقوط النظام السابق أن يعاد للشهيد وعائلته رد الاعتبار لأنه جاد لهذا الوطن أقصى غاية الجــود ولكن لم يتم تعويضهم بأي شيء يذكر.