فضاءات

« بيان الجبهة الوطنية العليا للكورد الفيليين بمناسبة ذكرى ثورة 14 تموز 1958 المجيدة »

تمر علينا اليوم الذكرى السابعة والخمسين لقيام ثورة الرابع عشر من تموز عام / 1958 المجيدة التي أسست النظام الجمهوري بقيادة أبن الشعب البار ( الزعيم الشهيد المغفور له عبد الكريم قاسم ) مع نخبة خيرة من الضباط الوطنيين الأحرار في الجيش العراقي الأغر ... فشهدت البلاد نسائم الحرية والديمقراطية وتشكيل مجلس السيادة من ألوان الطيف العراقي وتأليف حكومة وطنية إئتلافية وإعلان الدستور الجمهوري في 27/7/1958 وإقراره للشراكة الحقيقية بين العرب والكورد ، وبالتالي أنعكست هذه الأجواء على المكون الفيلي الذي عانى في العهد الملكي من إهداره هويته الوطنية الأصلية بموجب قانون الجنسية العراقية رقم (42) لسنة 1924 الجائر وإعتباره الفيليين مواطنين من الدرجة الثانية وما صدر خلال الحقبة الملكية كمرسوم إسقاط الجنسية العراقية رقم (62) لسنة 1933 وقانون إسقاط الجنسية العراقية عن اليهود رقم (1) لسنة 1950 وقانون مراقبة وإدارة أموال اليهود المسقطة عنهم الجنسية العراقية رقم (12) لسنة 1951 ومرسوم ذيل إسقاط الجنسية العراقية رقم (17) لسنة 1954 التي أوجدت سوابق خطيرة وترتبت عليها عواقب وخيمة في ترسيخ مفهوم إسقاط الجنسية لدى الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة على الحكم ، وتحديداً بعد مؤامرة 8 شباط الأسود عام / 1963 وعليه مهدت السبيل لإتساع الدائرة من ترحيل محدود إلى عمليات تهجير بالجملة شملت مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي متمثلة بالكورد الفيليين .
إن المكون الفيلي تنفس الصعداء في ظل هذه الثورة المباركة بإعتبارها منعطفاً جوهرياً في تأريخ العراق المعاصر وسمحت لأبناء المكون للمرة الأولى بدخول الكليات العسكرية والجيش والشرطة وتقلد المناصب الحكومية بعد أن كان محروماً منها ، وبفضل هذه المكتسبات والمنجزات العظيمة نشأ جيل فيلي مثقف واعي وصل إلى مراكز متقدمة في الدولة والمجتمع والإقتصاد الوطني من العلماء والأساتذة الجامعيين والأطباء والمهندسين وضباط الجيش والشرطة والقضاة والحكام والمدراء العامين والمدرسين والمعلمين والتجار والصناعيين ورجال الأعمال ، وأتخذت حكومة 14 تموز سلسلة من الإجراءات الفعالة التي كفلت حق الجنسية العراقية إلى الفيليين على قدم المساواة مع المواطنين ، فشعروا بإنتمائهم الحقيقي للمجتمع العراقي ، حيث بادرت حكومة الثورة إلى تشريع القانون رقم (67) لسنة 1959 الخاص بإلغاء جميع التشريعات الجائرة التي تتعارض مع دستور الجمهورية وأهداف الثورة ومنها مرسوم إسقاط الجنسية العراقية ومرسوم ذيل الجنسية العراقية ، وأنعكس هذا الإنفتاح بقيام الوفد الفيلي المشكل من الوجهاء والأعيان بمقابلة الزعيم قاسم وتهنئته بالثورة في أواسط شهر تشرين الأول / 1958 ، حيث كان الزعيم رحمه الله على إطلاع تام نتيجةً لعيشه في مناطق سكناهم في بغداد وواسط ، وهكذا بقى الفيليين على يمين الولاء المُطلق والإخلاص الصادق للثورة المُظفرة وقائدها ومنجزاتها من خلال وقوفهم إلى جانبها في مجابهة وصد المؤامرات المحبوكة ضدها داخلياً وخارجياً ، وبالتالي سطروا أروع الملاحم في الدفاع عن الثورة وحمايتها حتى الرمق الأخير من بيت إلى آخر ، ومن شارع إلى زقاق في تصديهم البطولي للمؤامرة الشباطية الدنيئة التي وقعت في يوم رمضاني من شهر حرام ، وتعرضوا على أثرها إلى مجازر دموية وإبادة جماعية شاملة وحملات تصفية جسدية واسعة النطاق لم يشهد لها تأريخ العراق مثيلاً كنصب المشانق وإقامة ساحات الإعدامات الفورية وقتل الأبرياء دون محاكمات ، وقد إستبلست المقاومة الفيلية الشعبية لأكثر من أسبوع كامل في مناطق ( عكد الأكراد ، وساحة النهضة ، وباب الشيخ ، والكاظمية ) وزج بالآلاف منهم في السجون والمُعتقلات الرهيبة وتم تعذيبهم على أيدي البعثيين النازيين ورجال الحرس اللاقومي وإستشهد عدد كبير منهم جراء الإختفاء القسري والمعاملة المهينة ، وقد أضطروا إلى مغادرة البلاد منذ ذلك الوقت ، حيث إنتقمت السلطة العفلقية من المكون الفيلي بتشريعها قانون الجنسية العراقية رقم (43) لسنة 1963 بعد ثلاثة أشهر فقط من إستلامها مقاليد الحكم ، وبالتالي أزدادت أوضاع الفيليين سوءً وأنتكس ما تحقق لهم من مُنجزات بغياب شمس 14 تموز ورحيل قائدها غيلة وغدراً .
واليوم فالرئاسات الثلاث والسلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية مطالبة بإنصاف المكون الفيلي بكافة المجالات والذي دفع ثمناً غالياً للإنتقام البعثي الفاشي الدفين منذ ذلك الحين وفقاً سياسة ممنهجة في التطهير العرقي والتمييز العنصري التهجير القسري وذهب ضحيتها أكثر من (500,000) فيلي مُهجر وتغييب أكثر (23,000) شاب فيلي مع جثامينهم الطاهرة لمدة تزيد عن (35) سنة ... فنالوا حصة الأسد من القهر والقمع والإستبداد الممتدة لعقود طويلة من الزمن بكل آثارها الرجعية وأضرارها المُتراكمة والمستمرة لحد الآن دون حلول جذرية بالرغم من مرور أكثر (12) سنة على سقوط الصنم في 9/4/2003 ، وهذا بسبب تخندقهم في الصف الوطني خلف ثورة 14 تموز المجيدة .
الجبهة الوطنية للعليا الكورد الفيليين