فضاءات

عن حياة الانصار 2 / مزهر بن مدلول

المسافات ب
في الجبال طرق كثيرة، بعضها نسميه بالطرق الاضطرارية، وهذه الطرق تكون غير سالكة ووعرة ومعقدة والمشي فيها مغامرة كبيرة قد يؤدي الى الضياع او الموت، واللجوء الى استخدامها يكون في الحالات العسكرية الاشد توترا، كما انها غير معروفة الاّ للقليل من الانصار، لذلك ارى ليس مهما ان اذكر تفاصيلها هنا، وربما يأتي ذكر لبعضها من خلال بعض المسافات، لكني احاول ان اركز على الطرق والمعابر الرئيسية التي استخدمها الانصار بكثرة في تحركاتهم.
من (كَلي زيوة)، واود ان اشير هنا بأن (كَلي زيوة) هو مقر قاطع بهدينان الذي يقوده الشيوعي الفقيد (توما توماس) ويعتبر من اهم القواطع في عمل الانصار بسبب سعة المنطقة التي يعمل بها ووجود عدد غير قليل من الانصار فيه بالاضافة الى كثرة قواعده ومقراته الخلفية، ولذلك نجح هذا القاطع ليس فقط من الناحية العسكرية وانما في ميادين الثقافة والاعلام ومجالات الابداع الاخرى، من هذا الوادي الى اول شارع باتجاه ( كًلي مراني) الذي فيه مقر الفوج الاول للانصار تقدر المسافة بخمس ساعات، ويكون المشي في منطقة ليس وعرة على الرغم من كثرة التلال والصخور، وعندما نصل الى هذا الشارع علينا انتظار الظلام لكي نعبره، اما المفارز الثقيلة والكبيرة فعليها ان تتفق مع (حرس الربيئة الحكومية) لعبور الشارع، واشارة العبور التي يطلقها (الحرس) المسؤول عن مراقبة الشارع هي اغنية المطربة الجزائرية عزيزة جلال (سلامات)، وعند سماع الاغنية على المفرزة ان تعبر اما دون ذلك فالامر يكون مجازفة قد تؤدي الى خسائر، ومن نقطة العبور هذه حتى مقر (الفوج الاول) تقدر المسافة بست ساعات ويكون المشي متعب في سلسلة جبل (كًارة).
اما من ( كًلي زيوة) الى مقر (الفوج الثالث) التابع الى قاطع بهدينان ايضا، فالمسافة تقدر بخمس او ست ساعات، والفوج الثالث يقع في منطقة تسمى ب(كلي هصبة)، والوصول له يمر عبر طريق تكثر فيه اشجار البلوط والصعدات الحادة والصخور وتقل فيه المياه، وهذا الوادي محفوف بالمخاطر بسبب قربه من الربايا والمعسكرات التابعة للحكومة، وطول المسافة من المقر الذي يقع في اعلى الوادي حتى نهاية انحداره تقدر بساعة واحدة على الاقل ثم ينفتح على منطقة مأهولة ومليئة بالجواسيس والربايا العسكرية.
بالنسبة الى (كَلي كوماتة) اول قاعدة انصارية في بهدينان، والذي ينحدر من الاراضي العراقية بمسافة خمسين دقيقة وينتهي عند نهر (الخابور)، الذي يفصل الحدود التركية عن العراقية، فأنه لايتمتع باهمية عسكرية بقدر مايصلح للمهمات اللوجستية، لذلك عندما تطورت الحركة واتسعت انتقلت هذه القاعدة الى (زيوة) والطريق بينهما يمر في منطقة (كيشان) حيث جرت المعارك مع (به كه كه) واستشهد فيها الرفيق (ابو رؤوف).
اما المنطقة التي تفصل قاطع بهدينان عن قاطع لولان، فأنها تمتد من زيوة حتى نهر (الشين) اسفل قرية (سيريا)، ويستغرق المشي فيها اكثر من نهار كامل وهي منطقة تنتشر فيها قرى كثيرة، ومن اهم هذه القرى هي (كاروكة) و(ليوزة) و(جه مجو) و(سيريا) وغيرها، والمحطة الرئيسية في هذا الطريق هي قرية (كاروكة) التي تستقبل مفارز الانصار والبيشمركَة للمبيت فيها.