فضاءات

في عيد الصحافة: التحريض في المقال الصحفي لدى أبوكاطع --4

كان شمران الياسري يكره البيروقراطية ويبغض الموظفين الفاسدين أو الذين يتعالون على الناس.. وهذه مجموعة من المقالات في محاربة البيروقراطية والتحريض على من يمارسها، وهو بهذا يوصل رسائل واضحة يقرأها الجالسون في هرم السلطة:
هيبة البيروقراطية!
أتخيل البيروقراطية مثل كائن خرافي، تنتصب على هيكله رؤوس متعددة الوجوه. هذا الكائن الخرافي يتغذى بجهد الشعب فلا يشبع، ويشرب من ثروات البلد الروحية والمادية فلا يرتوي.
ما كُتب عن البيروقراطية في صحافتنا، تناول بعض الوجوه، من بعض الرؤوس.. ولذا تكون مواصلة الكتابة عنها، والتبصير بمخاطرها، من واجبات الصحافة.
من بين مخاطر البيروقراطية عدواها، وإمكانيتها على أن تصبح قدوة.. وطاقتها على جعل الشاذ والغريب مألوفا.
من شاء فليسبقني، ويختار دونما تحديد، أية عمارة تحمل اسم (المؤسسة العامة أو الشركة العامة..) سوف يرى عند المدخل سيارة مثل سيارة الوزير، إن لم تكن أكبر حجما، فإذا ما توغل سوف يرى الديوان مشابها لديون الوزير، في محتوياته وكثرة المكلفين بإدارته، والشيء ذاته عندما تزور بناية أية محافظة من محافظات البلد.
إن الصحفي العراقي الذي أتيحت له فرصة التجوال في أنحاء العالم، لسوء أو حسن حظه، لا يملك إلا المقارنة، في كل مرة تصادفه البيروقراطية، على أية صورة كانت، وتصوروا حال هذا الصحفي إذا سمع وشاهد تلفزيون إحدى المحافظات مساء الخامس عشر من تموز وهو يقول: (لمناسبة أعياد تموز المجيدة افتتح السيد سكرتير السيد مدير دور الثقافة الجماهيرية في المحافظة، الفعالية الفلانية..).
أعتقد أن الذين يجيدون (الفصحى) سيهتفون: يا إلهي كم هو مرعب حجم البيروقراطية، أما المحروم من نعمة التعليم، فأجزم أنه سيصرخ: (طرﮔاعتك خايب يـﮔلبي)! أما الذين كانوا معنا، خلف الدواح وأنا، في مجلس فاتحة في الريف، قبل أشهر، فلابد أن الواحد منهم يسأل لِمَ كل هذا البهرج المخيف الذي صاحب مجيء مسؤول في المحافظة إلى الفاتحة؟ ولِمَ كل هذه السيارات والمرافقين؟ وقد سألت.. فكان جواب صديقي، وهو موظف، إن القصد من هذا، هو تعزيز هيبة السلطة.. وقد تصديت له بالقول: إن هيبة السلطة تسمو في نظر الجماهير من خلال الإجراءات التقدمية.. إن هذا الذي نراه ليس سوى تعزيز لهيبة البيروقراطية!)).
اقتباس وتحرير
إحسان شمران الياسري